نقاش محتدم في بريطانيا حول مكانة الديانة المسيحية

تعيش بريطانيا في الفترة الحالية نقاشا محتدما حول ما اذا كان يجب أن تحظى الديانة المسيحية بمكانة مميزة في مجتمع علماني أم لا.


القاهرة: في الوقت الذي جاءت فيه الانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري لتسلط الضوء على حالة الانقسام التي تعيشها الولايات المتحدة في الوقت الراهن بخصوص الفصل بين الدين والدولة، فإن بريطانيا قد وجدت نفسها محاصرة بنقاش محتدم بخصوص ديانة لا تربك فحسب الحكومة البريطانية وإنما الملكة إليزابيث الثانية أيضاً.

حيث أشارت في هذا الصدد اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن الخطوة التي ترمي إلى منع الصلوات العامة في مدينة بايدفورد الصغيرة ndash; وربما في جميع أنحاء إنكلترا وويلز ndash; قد تطورت إلى عراك وطني بالوكالة بشأن ما إن كان يجب أن تحظى الديانة المسيحية بمكانة مميزة في مجتمع حديث ومتنوع وعلماني لغاية الآن أم لا.

ونوهت الصحيفة إلى أن الشرارة الأولى لتلك القضية التي باتت تشغل بريطانيا كلها الآن قد بدأت في تلك المدينة الصغيرة. وقد حظي النائب المحلي الملحد، كلايف بون، بدعم أربعة من نظرائه في تحديه للتقليد المعمول به منذ فترة طويلة والخاص بعقد اجتماعات عامة مفتوحة تحظ بمباركة رجال الدين المسيحيين. وبعد خسارته صوتين بمجلس المدينة بشأن منع الصلوات العامة، قرر بون مقاضاة المجلس، وفاز بحكم الشهر الماضي يبدو وكأنه يمهد لسابقة قانونية، حيث قضى بأن الحكومة لا تمتلك السلطة التي تجعلها تجبر المواطنين على الاستماع للصلوات العامة.

وقد سارعت من جانبها الحكومة البريطانية التي يقودها حزب محافظ إلى مواجهة قرار الحظر هذا والدفاع عن الوضعية الرسمية للديانة المسيحية ndash; أو بصورة أدق ndash; عن كنيسة إنكلترا.
وفي خضم ما تشهده السياحة الدينية في إنكلترا من أحداث، فإن المحافظين الممسكين بزمام الأمور حالياً بدؤوا في إطلاق عدد من الخطوات التي اعتبرها الخصوم محاولة لاسترداد الأرضية المفقودة للتقاليد المسيحية، بما في ذلك التعهد من قبل وزير التعليم الوطني بإرسال نسخة الملك جيمس للكتاب المقدس لكل مدرسة بإنكلترا.

وتابعت واشنطن بوست بقولها إن الملكة إليزابيث، تحاول هي الأخرى فيما وراء الكواليس، أن تنفض الغبار عن الدور التاريخي للملك باعتباره quot;المدافع عن العقيدةquot; والحاكم الأعلى لكنيسة إنكلترا، وقد صرحت خلال الأسابيع القليلة الماضية بأن المجتمع العلماني قد ذهب إلى منطقة بعيدة للغاية حين قرر استهداف الصلوات العامة.

وواصلت الصحيفة حديثها بالقول إن معالم المناقشة في بريطانيا لا تزال مختلفة للغاية عن تلك الخاصة بالنقاشات التي تثار في الولايات المتحدة. وقال في الإطار ذاته عمدة بايدفورد، تريفور جونز :quot; يمكنني تفهم أن هناك حكومات محلية في أماكن مثل لندن لا تريد الصلوات لأنه لم يعد لها دين هناك. لكننا هنا في البلد الواقع في المنطقة الغربية، حيث ما زال هناك رب، وحيث نعتقد أن الكنيسة والدولة متشابكينquot;.

ثم أعقبت الصحيفة بنقلها عن بون، الذي استقال من منصبه في مجلس المدينة، قوله:quot;ليس لذلك صلة بحرية الأديان. وسوف أدافع عن حقهم في الصلاة داخل كنائسهم حتى آخر يوم في عمري. وتلك عادة رجعية تعزل الناس في هذا البلدquot;.

وقال تيري ساندرسون، رئيس الجمعية العلمانية الوطنية:quot;إنه أمر استثنائي بالنسبة لي أن أرى حكومة بريطانية حديثة تروج للدين. وهذا مؤشر على أن المحافظين يحاولون اختبار ما إن كانت هناك إمكانية لتطبيق تكتيكات الجمهوريين الأميركيين هنا. لكن يمكنني القول إن بريطانيا ليست أميركا، وبمحاولته تأسيس حق ديني، سوف يجد رئيس الوزراء دافيد كاميرون نفسه مصاباً بعيار ناري في قدمهquot;.