تظاهرة معارضة لبوتين في موسكو |
قد دعا المعارضون الروس إلى تظاهرة laquo;مليونيةraquo; مطلع أيار (مايو) المقبل بمناسبة تنصيب فلاديمير بوتين في الكرملين في السابع من الشهر نفسه ليعود بذلك الى الرئاسة بعد ولايتين سابقتين من 2000 الى 2008. وواصلت المعارضة تصعيد لهجتها وطالبت بمحاكمة بوتين وسجنه.
موسكو: واصلت المعارضة الروسية تصعيد لهجتها ضد إعلان فوز رئيس الوزراء فلاديمير بوتين بولاية رئاسية في الانتخابات التي أجريت في الرابع من الشهر الجاري.
وأطلق المتظاهرون شعارات laquo;أعلى سقفاًraquo; دعت إلى محاكمة بوتين بتهم الفساد وlaquo;سرقة أصواتraquo; الناخبين، وهتفوا laquo;لننظف روسيا من اللصوصraquo; وlaquo;بوتين من الكرملين إلى السجنraquo;، قبل أن يتوعد المنظمون باحتجاج laquo;مليونيraquo; مع اقتراب موعد تسلم الرئيس المنتخب منصبه في 7 أيار (مايو) المقبل.
وتظاهر آلاف من انصار المعارضة الروسية السبت في وسط موسكو للتنديد بعمليات التزوير في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الرابع من اذار/مارس، وفاز فيها فلاديمير بوتين، لكن العدد كان أقل بكثير من التظاهرات السابقة للمعارضة.
وفي حين ضمت التظاهرات السابقة في موسكو عشرات الآلاف من كانون الاول/ديسمبر الى شباط/فبراير، في اطار حركة احتجاج غير مسبوقة ضد السلطة، جاء تجمع السبت أكثر تواضعاً بكثير.
وفي حين تقول المعارضة إن 25 ألفاً من انصارها شاركوا في التظاهرة، تؤكد الشرطة أن عشرة آلاف شخص تجمعوا في جادة اربات الجديدة في وسط موسكو. وقال فيتالي ارشوف (30 سنة): quot;أشعر بنوع من خيبة الأمل لسلبية الناسquot;، وذلك بعدما شارك في جميع التظاهرات السابقة للمعارضة التي ضمت أكبرها مئة ألف شخص.
وقال المحلل السياسي المستقل ديمتري اوريشكين القريب من المعارضة لوكالة الأنباء الفرنسية: quot;من الطبيعي أن تشهد حالة التعبئة انخفاضاًquot;، موضحاً: quot;الآن يجب الانتقال الى شيء آخر مع انشاء أحزاب سياسية تعطي شكلاً رسمياً لهذه الاحتجاجاتquot;.
ورفع المتظاهرون لافتات تندد بفلاديمير بوتين واعلاماً لمختلف الحركات السياسية التي تؤلف تحالف المعارضة الذي بدأ التحرك بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في كانون الاول/ديسمبر الماضي.
وفي تأكيد لنية مواصلة التصعيد، أكد زعيم quot;الجبهة اليساريةquot; سيرغي أودالتسوف أن تحركات المعارضة ستتواصل خلال الشهرين المقبلين، quot;مع توسيع اطارها الجغرافي والبشري، وتتويجها بـ quot;مليونيةquot; في شوارع موسكو مطلع أيارquot;، أي قبل أيام من موعد أداء بوتين القسم الدستورية، وتسلمه الحكم في السابع من الشهر ذاته.
وفي تلويح باحتمال نقل الحراك الشعبي إلى مستوى جديد، شدد اودالتسوف على أن quot;الشعب ما زال متمسكاً بخيار التحرك السلمي. لكنه قادر، في حال مواصلة تجاهل مطالبه، على افهام السلطة بأنه لم يتخلَ عن حقوقهquot;.
وقال فلاديمير ريجكوف أحد قادة الحركة إن quot;هذه السلطة ليست شرعية وهي خائفةquot;. وأضاف: quot;مطالبنا واضحة: اصلاح سياسي وقضاء مستقل ووقف الرقابة وانتخابات مبكرةquot;.
وتقول المعارضة، وكذلك العديد من المراقبين، إن الانتخابات النيابية التي جرت في الرابع من كانون الاول/ديسمبر الماضي وفاز فيها حزب فلاديمير بوتين quot;روسيا الموحدةquot;، وكذلك الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها بوتين بـ 63.6% من الاصوات، شهدتا مخالفات وعمليات تزوير.
وقال الصحافي سيرغي برخومينكو أحد منظمي التظاهرة: quot;يقال إن عدد المتظاهرين ليس كبيراً وإننا 25 ألفاً فقط، لكن من كان يتصور حدوث ذلك قبل ثلاثة اشهر؟quot;. وفي أعقاب اربع تظاهرات كبيرة شارك فيها عشرات الآلاف في موسكو، بدأت المعارضة تواجه انقسامات داخلية وتطرح تساؤلات بشأن مستقبل الحركة الاحتجاجية.
ودعا المعارض الروسي وبطل العالم السابق للشطرنج غاري كاسباروف أنصار المعارضة الى عدم فقد الروح المعنوية، معتبراً أن حركة الاحتجاج ليست سوى في بدايتها رغم انخفاض عدد المتظاهرين. وقال كاسباروف: quot;إنهم يحرموننا من الحرية منذ 11 عاماً (مع وصول بوتين الى السلطة). ومن المستحيل استعادتها في ثلاثة اشهرquot;.
واثر التظاهرة، أوقفت قوات الامن المنتشرة باعداد كبيرة في وسط العاصمة زعيم حركة الجبهة اليسارية المعارضة سيرغي اودالتسوف وعشرات من أنصاره اثناء توجههم الى ساحة أخرى لمواصلة التظاهر. وقد أُخلي سبيلهم على الفور مع أمرهم بالمثول امام المحكمة في 13 اذار/مارس الحالي، كما نقلت وكالة انترفاكس عن اودالتسوف.
وفي سان بطرسبورغ، تجمع نحو 300 شخص في تظاهرة لم تسمح بها السلطات المحلية تم توقيف 60 منهم وفقاً للشرطة. وفي نيجني نوفغورود التي تبعد 440 كلم شرق موسكو فرقت الشرطة بعنف تظاهرة غير مصرح بها وأوقفت نحو 85 شخصاً، كما صرح أحد المعارضين لفرانس برس. وبعدما وجه اكثر من مرة انتقادات حادة الى معارضيه، دعا فلاديمير بوتين الاربعاء هؤلاء الى الاستماع إلىquot;صوت الشعبquot; والقبول بنتيجة الانتخابات.
المعارضة الروسية في وضع صعب بعد تراجع التعبئة
يجعل تراجع التعبئة خلال تظاهرة السبت المعارضة الروسية في وضع صعب ويفترض ان يدفع هذا التحالف المتنوع على تطوير استراتيجية مختلفة عن التظاهرات المتكررة لابقاء الضغط على الرئيس المنتخب فلاديمير بوتين.
واعترف المنظمون بانفسهم بذلك.
فقد قالوا ان 25 الف شخص جاؤوا الى ما كان يفترض ان يكون التجمع الكبير لادانة عمليات التزوير في الانتخابات التي قام بها رجل روسيا القوي، بينما شارك في تظاهرات في موسكو الشهر الماضي حوالى 120 الف شخص.
من جهة اخرى، بدأت الحركة تنقسم، اذ غادر القوميون التظاهرة السبت لانهم لم يتمكنوا من القاء كلمة، بينما يستعد فلاديمير بوتين الذي انتخب باصوات 64 بالمئة من الناخبين في الرابع من آذار/مارس للتمديد لنظامه حتى 2018 على الاقل.
ويرى محللون وصحافيون ان على المعارضين وضع مشروع حقيقي لحماية التعبئة التي جرت في الاشهر الثلاثة الاخيرة بينما كان تنظيم تظاهرات تضم عشرات الآلاف ضد السلطة امرا لا يمكن تصوره في تشرين الثاني/نوفمبر.
وقالت مقدمة البرامج السياسية كسينيا سوبتشاك في مقابلة مع وكالة انترفاكس quot;نعرف كلنا ضد من نقف، وعلينا بعد اليوم ان نقول ماذا نؤيدquot;.
وتابعت ابنة رئيس بلدية سان بطرسبورغ الراحل في التسعينات الذي رعا بوتين سياسيا quot;بغير ذلك لن يكون لنضالنا اي معنى (...) يجب الا تهمش المعارضةquot;.
اما يولي نيسنيفيتش الاستاذ في المعهد العالي للاقتصاد في موسكو فاشار الى ان احد اكبر التحديات سيكون مواصلة تعبئة شباب موسكو الذين وصلوا حديثا الى الساحة السياسية وزادوا اعداد المحتجين بفضل شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت.
وقال quot;لاحظت ان جمهور التظاهرات يتقدم في السن والشباب اكثر تحفظا في مواجهة هذا الشكل من الاحتجاجquot;، مؤكدا ضرورة quot;ايجاد وسيلة ليتحرك الشباب ليس فقط على الانترنت بل وخارج الانترنت ايضاquot;.
من جهته، قال ديمتري اوريشكين الخبير السياسي الذي ساهم في تنظيم بعثات مراقبة للانتخابات quot;نحتاج الى شيء آخر، الانتقال الى النشاط السياسي وتشكيل الاحزاب التي تضعه الاحتجاج في اطار مؤسساتي. لا يمكننا ان نحصل على كل شيء دفعة واحدةquot;.
وتابع quot;آمل ان تظهر احزاب جديدة وقادة جدد قبل الخريفquot;.
ومع ان فوز بوتين على الرغم من التعبئة غير المسبوقة لمعارضيه منذ العام 2000، شكل شبه صدمة للبعض، فان نتيجة الحركة الاحتجاجية التي ولدت من الانتخابات التشريعية المثيرة للجدل في كانون الاول/ديسمبر ليست سلبية.
وقال ميخائيل فيشمان كاتب الافتتاحية في صحيفة فيدوموستي ان اكبر فوز حققته المعارضة هو ان بوتين لا يملك الاغلبية في موسكو (46 بالمئة) وهي حالة استثنائية في روسيا حيث نجح جيش من المراقبين في الحد من عمليات التزوير.
وكتب ان quot;الانتخابات في موسكو نجت من الكرملينquot;، معتبرا ان quot;السلطة التي نعرفها منذ عشر سنوات اصيبت في الصميم: العاصمةquot;.
ويرى نيكولاي بتروف من مركز كارنيغي للتحليل ان المعارضين حققوا بعض النجاح. واضاف ان quot;الاحتجاجات هزت النظام السياسي (...) النخبة تدرك ان النظام في شكله الحالي غير قابل للاستمرارquot;.
التعليقات