بدأت دائرة الاحتجاجات تتسع في المغرب، حيث انتقلت عدوى المواجهات إلى مدن متفرقة، قبل أن تتدخل القوات العمومية لإخمادها، ما أدى إلى تسجيل إصابات متفاوتة في الجانبين. وفيما استعادت مناطق هدوءها عقب مواجهات عنيفة،لا تزالبعض المدن في الريف المغربي تشهد مناوشات متفرقة بين المتظاهرين وعناصر القوات العمومية.


الاحتجاجات في المغرب تأخذ منحى تصاعديًا

أيمن بن التهامي من الرباط: قالت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن quot;المواطنين المغربيين، منذ أشهر، وهم يحتجون بشكل سلمي ومنظم وحضاري، وذي مستوى عالٍquot;، مشيرة إلى أن quot;هناك تجاهلاً تامًا لمطالب هؤلاء. إذ إنه ليس هناك لا حوار، ولا اهتمام ولا تقدير لتشبث هؤلاء المواطنين بالاحتجاج السلمي، والمنظم، والحضاريquot;.

وأضافت القيادية الحقوقية، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;بدلاً من أن يكون هناك تجاوب وفتح حوار حول المشاكل المطروحة، التي نعرف بأنها معقولة جدًا، نظرًا إلى كون هذه المناطق مهمّشة، وليس فيها أبسط ضروريات الحياة العادية، نرى أن الدولة ما زالت مستمرة في المنطق نفسه، والمتمثل في المعالجة الأمنية لهذه التطوراتquot;.

وأكدت خديجة الرياضي أنه، إلى حدود اليوم، ترد الجمعية أخبار حول أن quot;منطقة أخرى في بني بوعياش شهدت تدخلاً للقوات العموميةquot;، مبرزة أنه quot;بدلاً من محاسبة المسؤولين عن التدخلات العنيفة في حق المتظاهرين، نجد أن هناك إفلاتًا من العقابquot;.

وأشارت القيادية الحقوقية إلى أن quot;هناك اقتحامًا للمنازل، وسرقة ممتلكات الناس، وسبّ وقذف المواطنينquot;، وزادت موضحة: quot;نتتبع ما يحدث بأسف واستنكار شديدينquot;.

من جهته، قال محمد مجاهد، القيادي في الحزب الاشتراكي الموحد، إن المغرب quot;ما زال يعيش مرحلة ما بعد 20 فبراير، وهي ما زالت ممتدةquot;، مشيرًا إلى أن quot;كل ما جرى في تازة، أو بني ملال، أو شيشاوة، أو بوعياش، أو إمزورن، أو غيرها، هو تعبير عن أن الوضع يتطلب إصلاحًا عميقًا وشاملاًquot;.

وذكر الأمين العام السابق للاشتراكي الموحد أن quot;هذه الاحتجاجات تظهر أن كل هذه الإجراءات الترقيعية، التي تمت منذ انطلاق حركة 20 فبراير، سطحية وجزئية، وغير قادرة على وضع المغرب على سكة التقدم والتنمية، والثقة في مؤسساتهquot;.

وأضاف محمد مجاهد quot;الوضع مرشح للتصعيد، إذا لم توضع القواعد الضرورية للديموقراطية، كما هو متعارف عليها كونيًا، إذ إن الملكية البرلمانية ما زالت مطروحة، ومحاربة الفساد أيضًا، وكل ما تم هو تنازلات جزئية للحفاظ على الجوهرquot;.

أما محمد الشعباني، الباحث في علم الاجتماع، فقال إن quot;الجديد في هذه المظاهرات هو انتشارها في المدن النائية البعيدة عن العاصمة الإدارية الرباطquot;، موضحًا أن quot;الاحتجاجات كانت، في السابق، تنظم بالأساس من قبل العاطلين، أمام البرلمان، أو المؤسسات المعنية بالتشغيل، ولكن بعد 20 فبراير، والربيع العربي، بدأنا نلاحظ أن هناك احتجاجات تظهر في مدن أخرى، كما حدث في تازة، أو ما يحصل حاليًا في بني بوعياش وإمزورن (محافظة الحسيمة)quot;.

وأكد الباحث في علم الاجتماع، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;الذين ينفذون هذه الاحتجاجات لا يطالبون فقط بالعمل، ولكن بتحسين الوضعية العامة، والحريات، والعديد من المطالب الأخرىquot;.

وأشار الشعباني إلى أن quot;رقعة الاحتجاج بدأت تتوسع في المغرب. وهذا ما قد تكون له انعكاسات خطرة جدًا على استقرار المجتمع المغربيquot;. وكان وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية في مدينة الحسيمة، قرر، مساء أمس الثلاثاء، متابعة ستة أشخاص في حالة اعتقال احتياطي، ومتابعة أربعة آخرين في حالة سراح مؤقت، وعدم متابعة شخص قاصر لعدم ثبوت الأفعال المنسوبة إليه، وذلك على خلفية أحداث الشغب التي شهدتها مدينة بني بوعياش، منذ يوم الجمعة الماضي.

وذكرت مصادر أمنية، حسب ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن النيابة العامة قررت متابعة هؤلاء المشتبه فيهم من أجل تهم تتعلق، على الخصوص، بـ quot;العصيان وإهانة أفراد القوات العمومية أثناء ممارسة مهامهم، واستعمال العنف ضدهم، وإتلاف أشياء مخصصة للمنفعة العامة والضرب والجرح وحمل السلاحquot;.