ارتفاع على مستوى التدين في المغرب |
وصف تقرير صدر حديثاً في الرباط حول واقع التدين في المغرب، حالة التجلي الديني بـquot;المتوترةquot;، في ظل صعود التدين على العلاقات الاجتماعية. فيما توجد مؤشرات حول تصاعد حالة التدين في البلاد.
أشار تقرير حول الحالة الدينية في المغرب، صدر عنالمركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة مؤخراً، إلى أن هناكحالة من الاستمرارلمؤشرات صعود التدينفي ظلتواصلالمبادرات المؤسساتية، بالإضافة إلى سعي الناشطين الإجتماعيين في المجال الديني، للتكيف مع التحولات الجديدةواستمرار تحديات صعود التدين على العلاقات الاجتماعية، حيث تنامي تأثير قضايا الحقل الديني على السياسات الوطنية والدولية للمغرب.
توتر في التجلي الديني
وقال الباحث في العلوم الاجتماعية في جامعة محمد الخامس في الرباط، محمد مصباح، ومنسق مجموعة البحث التي أعدت التقرير: quot;إن الممارسات المتعلقة بالتدين في المغرب تسجل ارتفاعاً ملحوظاً، ولكن على مستوى التجلي هناك توتر.quot;
وأضاف مصباح لـquot;إيلافquot;: إنه مع الزيادة المسجلة على مستوى الممارسة الدينية والاعتقاد ولكنلا يمكن أن يفهم منها أنها تؤدي بالضرورة إلى انسجام على مستوى الأخلاق.quot;
وأوضح: quot;على مستوى ممارسات التدين هناك ارتفاع، ولكن على مستوى التجلي هناك توتر، مع الزيادة في الممارسة الدينية والاعتقاد ولكنها لا تؤدي بالضرورة إلى انسجام على مستوى الأخلاق، ففي مقابل ارتفاع على مستوى التدين هناك ارتفاع على مستوى استهلاك الخمور والمخدرات من جهة أخرىquot;.
وأشار إلى أنه تم الاعتماد على دراسات سابقة خلال إنجاز التقرير، quot;ثم قمنا بدراسات خلال هذه الفترة وتأكدنا من بعض جوانب التوتر التي لا يمكننا الحسم فيها بنتائج نهائية.quot;
واعتبر الباحث أن التقرير استمرار لتراكم بحثي في مجال واقع التدين في المغرب يهدف إلى إحداث تراكم كمي وكيفي في دراسات العلوم الاجتماعية للتدين في المغرب، وعلى المستوى البعيد يهدفإلى تأسيس نموذج تفسيري قادر على تقديم معرفة علمية دقيقة بأهم التحولات ورصد الاستمرارية والقطائع في المجال الديني.
وقال مصباح: quot;أهم شيء هو أن التقرير سيسمح لنا بتأكيد عدد من المقولات والفرضيات التي طرحناها، والتأكيد على وجود دينامية في الحقل الديني، ثم التأكد من هذه المسألة سواء على مستوى التجلي أو على مستوى الناشطين، وفيالوقت نفسهتم التأكد من تدقيق بعض القضايا الخاصة بالتوتر.quot;
ويعتقد الباحث أن قضية التوتر كانت من أهم ما أثار انتباه الباحثين الذين أشرفوا على إنجاز الدراسة، مؤكداً على أن تقرير الحالة الدينية لمركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة جاء quot; ليعزز البحث في قضايا الحقل الديني من منظور العلوم الاجتماعية، وتقديم وصف وتحليل واستشراف الحالة الدينية في المغرب، وتقديم معرفة دقيقة إلى الفاعلين وصناع القرار من أجل العمل على التأثير في السياسات العمومية في هذا المجال.quot;
واعتمد التقرير في منهجه على خمسة محاور أساسية متعلقة بالواقع الديني وتجليات التدين والناشطين الدينيين في المغرب وتحديات التدين وتفاعلات الديني بالحقلين الاقتصادي والثقافي، بالإضافة إلى محور خاص باليهود المغاربة.
وانطلق التقرير من أن التدين مكون من أربع مكونات هي العقدي والمعرفي والأخلاقي ثم أثره في المجتمع، والممارسة.
وعن سؤال حول جدوى دراسات بحث تتعلق بالحقل الديني وحالة التدين، قال مصباح لـquot;إيلافquot;: quot;لأن هناك تقارير خاصة بالظرفية الاقتصادية وبالجانب الاجتماعي، لكن دراسات خاصة بالحياة الدينية في المغرب، بل في العالمالعربي محدودة جداً إن لم نقل منعدمة، هذه الظاهرة جديدة، وهذا النوع من التقارير يوفر قاعدة معطيات للباحثين والصحافيين ولصناع القرار السياسيquot;، قبل أن يضيف بأن التقرير quot;بقدر ما يشكل أرضية للنقاش العمومي، هو بحاجة إلى أن يوسع من النقاش العمومي حول الحالة الدينية في المغربquot;.
تفوق النساء على مستوى أداء شعيرة الصلاة في المغرب
من جهة أخرى، رصد تقرير المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة التوجهات الدينية الكبرى للمغربيين، بغية إعطاء صورة أولية لحركية تلك التوجهات، مستثمراً التطور الحاصل في البحث الاجتماعي في هذا المجال الديني.
وأفاد التقرير بأن سنتي 2009 و2010، تميزتا بإنتاج عدد من الدراسات الميدانية الكمية حول موضوع التدين والهوية والقيم، quot;بشكل يسمح بالاستمرار في مراكمة المؤشرات الرقمية حول تطور الممارسات والتمثلات الاجتماعية حول الدين والتدين عند المغاربة خلال السنوات الأخيرةquot;.
وحسب دراسة حول الشباب والتدين أنجزها المركز، فقد وصلت نسبةالشباب المغربيين الذين يؤدون صلاتهم بانتظام إلى 47 في المئة، وquot;يظهر من خلال النتائج تفوق الإناث على مستوى أداء شعيرة الصلاة حيث وصلت نسبتهنإلى حوالي 59 في المئة، في حين وصلت نسبة الذكور إلى 36 في المئةquot;، كما يعتبر إمام المسجد، المصدر الرئيسي للمعرفة الدينية عند الشباب بنسبة 40 في المئة، تليه الأسرة بنسبة 23 في المئة.
وبغية رصد تجليات هذا التوجه الديني، تناول التقرير المؤشر الخاص بالمساجد، بحيث تمثل حركة بناء المساجد والإقبال عليها أحد التجليات الأبرز للتدين المغربي، إن كان على مستوى إسهام المحسنين في بنائها أو الإقبال عليها وكذلك تنامي الإهتمام العام بالمساجد.
ويوجد في المغرب حوالي 497000 مسجد، منها 18300 مسجد جامع و9000 مصلى للعيدين، كما عرفت سنتي 2009 و2010، تخصيص حوالي 130 مليون درهم كإعانة لدعم القيمين الدينيين، و860 مليون درهم منحة سنوية للأئمة، 78 مليون درهم لـتأهيل القيمين الدينيين، و19 مليون درهم كتعويضات لمتعهدي أجهزة التلفاز في المساجد. كما تم في سنة 2009 تخصيص ميزانية قدرها 1.13 مليار درهم في إطار الخطة الوطنية للارتقاء بالمساجد، وفي سنة 2010 تم إصدار الظهير المنظم لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين.
أما المؤشر الثاني فهو المتعلق بموضوع صيام رمضان، حيث أشار التقرير إلى مميزات تدين المغربيين خلال شهر رمضان، وارتفاع وتيرة الإقبال على المساجد وتضاعف عدد رواد حلقات قراءة الورد القرآني اليومي في المساجد، وكثافة الأنشطة الإحسانية والتكافل الإجتماعي عن طريق ما يسمى quot;قفة رمضانquot; وتنامي برامج وعظ تشرف عليها المجالس العلمية المحلية.
ورصد التقرير في المؤشر الثالث الحج، باعتباره يمثل حدثاً استثنائياً في حياة المغاربة بالنظر إلى تراث تاريخي من الارتباط به وإلى تقاليد متجذرة في التعلق به، حيث أدى نظام القرعة المعتمد إلى التمكن من تدبير الطلب المتزايد، وبعض التحديات المرتبطة بتدبيره، حيث حددت حصة المغرب: 32 ألف مقعد (حاج)، كما ارتفع عدد طلبات الحج من 120 ألف طلب سنة 2007 إلى 220 ألف طلب سنة 2009 والى 270 ألف طلب سنة 2010، وتم تخصيص 15 في المئة من المقاعد لكبار السن.
ويتعلق المؤشر الرابع بالإفتاء الرسمي والتوجيه الديني من خلال رصد تنامي الأنشطة الخاصة بالوعظ والإرشاد في المساجد والدروس الحسنية وغيرها.
فيما اهتم المؤشر الخامس بالعناية بالقرآن والتعليم العتيق ودور القرآن من خلال رصد الأنشطة والمبادرات الشعبية وبالحفاظ على دور القرآن والعناية برواده.
أما المؤشر السادس فركز على حركة الإصدار الديني عبر رصد تنامي الإهتمام بنشر الكتاب الديني في مواضيع مختلفة، حيث تم إنتاج حوالي 300 كتاب في مختلف أصناف المعرفة الدينية خلال 2009 و2010.
التعليقات