استعدادات منشطي الساحة

عجت مدينة مراكش المغربية بالزوار من داخل المغرب وخارجها خلال اليومين الأخيرين حيث توافد على المدينة السياح بكثافة خلال الأيام القليلة الماضية ليقضوا عطلتهم بمناسبة الاحتفالات بالسنة الجديدة.

ومع مساء يوم السبت، عاشت المدينة أجواء عيد حقيقية استعدادا للاحتفالات المرتقبة مع بداية الليل، وكأن الناس يستبقون الزمن لأجل استقبال زمن آخر محملا بالكثير من الأمنيات والآمال الجميلة.

واتشحت ساحة جامع الفنا الشهيرة بكل الألوان والتحف من مبيعات الصناعات التقليدية المعروضة على أرصفتها في عدة جوانب، حيث صومعة الكتبية التاريخية، وكل شيء كان حاضرا في هذا الفضاء الذي صنفته منظمة اليونيسكو تراثا إنسانيا عالميا.

الحلقات الشعبية، ومروضو الثعابين، وناقشات الحناء، كأنهم ألفوا كيف يؤثثون فضاءا لن يكون بهيا كما يراه السياح إلا بهم، وكأنهم هم ما تبقى من عبق تاريخ المدينة.

منارة الكتيبة

في لحظة فرح عفوي، قال رشيد، الدليل الذي يعمل على جلب الزوار الراغبين في الإقامة في إحدى الفنادق القريبة من الساحة الشهيرة جامع الفنا: quot;ننتظر مثل هذه الفترات كي ننعش دخلنا المادي.quot;

وكأنه يلح على تقديم quot;:شكواهquot;، واصل رشيد حديثه مع quot;إيلافquot;: quot;كنت عاملا في مصالح جمع القمامة بالبلدية، لكني غادرت المهنة التي تتهدد الصحة وأجرتها لا تسمن ولا تغني من جوع.quot; ويضيفquot; يوفر لي هذا العمل، ولو أنه تماما كالعمل الموسمي، ما بين 100 و150 درهما في اليوم، أجرة لم يكن ليحققها وهو عامل في جمع القمامة في بلدية مراكش.

1100 شرطي بمناسبة الاحتفالات

حتى لا تترك أي مجال للصدفة، ولتيسير مرور أجواء الاحتفالات بالسنة الميلادية الجديدة في أجواء جيدة، أعدت المصالح الأمنية المختلفة في مدينة مراكش خطة أمنية منسقة استعدادا لاحتفالات رأس السنة الميلادية الجديد بناءا على مذكرات مركزية تخص التغطية الأمنية لأماكن الاحتفال.

ولم تنقطع اجتماعات المصالح الأمنية لمدينة مراكش التي تواصلت حتى ليلة الجمعة السبت حسب ما أفادت به مصدر أمني لquot;إيلافquot;.

وأفاد ذات المصدر أنه تم توزيع مصلحة الشرطة القضائية إلى ثماني مجموعات، بالإضافة لمجموعتين للتشخيص القضائي، وفرقة للتدخل وأخرى لمسرح الجريمة، فيما يبقى العمل متواصلا دون انقطاع بمصلحة الديمومة التي تقضي ليلة بيضاء، وتم تجنيد أكثر من 100 عنصر لتغطية مختلف المناطق الاحتفالية في المدينة.


من جهتها، حسب ما كشف عنه نفس المصدر الأمني لquot;إيلافquot;، خصصت الهيئة الحضرية للأمن بمدينة مراكش حوالي 300 شرطيا لتنظيم المرور في العديد من شوارع ومدارات المدينة الذي من المنتظر أن تشهد هذه الليلة حالة اكتظاظ خصوصا المنطقة السياحية.

كما تم تجنيد 700 شرطي للتدخل السريع ابتداء من الساعة الثامنة لغاية السادسة صباحا و حوالي 25 سيارة شرطة تابعة للهيئة الحضرية لتقوم بدوريات مستمرة طوال الليل لتغطية مختلف أرجاء المدينة منها سيارات مجهزة بكاميرات مراقبة رقمية ذات الأبعاد الثلاثة، فيما ستبقى 28 سيارة متمركزة في بعض النقط الحساسة إضافة إلى 35 دراجة نارية لتفقد أطراف المدينة.

ولاحظت quot;إيلافquot; حواجز أمنية عند مداخل المدينة التي يفضل أهلها تسميتها بالمدينة الحمراء لمراقبة السيارات الوافدة، وأفاد نفس المصدر الأمني أن عدد السيارات التي وفدت إلى مدينة مراكش بلغ أكثر من 45 ألف سيارة حتى منتصف اليوم ما قبل الأخير من سنة 2011، في حين يبقى الرقم مرشحا للارتفاع مع تواصل حركة السفر نحو وجهة مراكش المفضلة لدى الكثير من الباحثين عن الترفيه.

مدينة تصر على الاحتفال رغم الظرفية العالمية الصعبة
لم يخف عبد اللطيف أبو ريش، المكلف بالتواصل والعلاقات مع الإعلام بالمجلس الجهوي للسياحة في مراكش إن هناك ظرفا دولية صعبة قد تؤثر على النشاط السياحي في مدينة مراكش.

ورغم أن الاستثمارات السياحية بمراكش استمرت في نموها، حيث أن المشاريع المنجزة في سنة2011 تطلبت ما يزيد عن3.5 مليار درهم وعملت على خلق أكثر من5250 وظيفة عمل مباشرة. كما أن المشاريع الفندقية المفتوحة أو التي هي في طور الافتتاح سنة2011، عملت على دعم الطاقة الإيوائية لمدينة مراكش بقدرة استقبال إضافية للسياح تناهز5360 سرير سياحي. وقال أبو ريشة لquot;إيلافquot;: quot;إنما هذا يدل على الثقة الموجودة لدى المستثمر في القطاع السياحي تجاه مستقبل السياحة في مدينة مراكش على الخصوص.quot;

وأضاف أبو ريشة quot; كانت هناك تأثيرات سلبية على النشاط السياحي في مدينة مراكش خلال السنة التي نودعها، كان أهمها أولى التظاهرات الاحتجاجية التي قامت بها حركة 20 فبراير المغربية التي تطالب بإسقاط الاستبداد والفساد، إلا أن ذلك الاحتجاج سقط في مواجهات وتكسير لعدة محلات تجارية في المدينة وما رافقته من تخوفات حول النشاط السياحي آنذاكquot;.

ولم تكن تلك الأحداث لوحدها التي أثرت على الحركة السياحية في المدينة، ففي آخر شهر أبريل / نيسان الماضي، كان التفجير الإرهابي لمقهى أركانة المتواجدة في قلب ساحة جامع الفنا، وهو العمل الذي خلف عدة ضحايا من السياح الأجانب الأبرياء، ما وضع المدينة حينها أمام تحدي آخر تبين اليوم انتصارها عليه بهذا الحضور القوي لعدد هائل من السياح الأجانب الذين فضلوا استقبال السنة الجديدة من مراكش.

وبكثير من التفاؤل، أكد أبو ريشة أن الآفاق واعدة في هذه المدينة الجذابة بالنسبة للكثير من السياح الأجانب، بل ومن نجوم السينما والفن والسياسة في العالم.quot;