يستقبل المغرب العام 2012 بتغييرات واضحة المعالم خصوصا على المستوى السياسي، وتظهر المؤشرات الأولية أنّ المملكة مقبلة على قطبين سياسيين، الأول محافظ، اتضحت معالمه من خلال حكومة في طور التشكل بقيادة الإسلاميين والثاني يتكون من القوى التقدمية الحداثية، والتي يرجح أن يقود مبادرة quot;تجميعهاquot;، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
وصول حزب العدالة والتنمية الى سدة الحكم في المغرب،يبدومقدمةلتغيرات كبيرة في الخارطة السياسية |
الرباط: يترقب المغاربة بشغف التحولات التي يمكن أن تشمل عددا من المجالات، في سنة 2012، التي يتوقع أن تحمل مجموعة من المفاجآت. ويأتي المشهد السياسي في مقدمة المجالات التي ستمرّ بمحطات حاسمة، خاصة أن المشاورات حول تشكيل الحكومة، التي يقودها الإسلامي عبد الإله بنكيران، الأمين العام للعدالة والتنمية، ساهمت، بطريقة غير مقصودة، في إحداث تغييرات ستكون بداية ظهور أقطاب جديدة.
يرى مراقبون أن المؤشرات الأولية تظهر أن المغرب مقبل على قطبين سياسيين، الأول محافظ، اتضحت معالمه من خلال الحكومة التي توجد في طور التشكل، والثاني يتكون من القوى التقدمية الحداثية، والتي يرجح أن يقود مبادرة quot;تجميعهاquot; الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
في هذا الإطار قال حسن طارق، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، quot;نحن لسنا من المنشغلين بحكاية الأقطاب. فأنا من الناس الذين يعتبرون أن الحياة السياسية يجب أن تتطور بشكل طبيعي ومستقلquot;، مشيرا إلى أن quot;ديناميات التقارب، والاندماج، والتحالف يجب أن تكوم خاضعة إلى الإرادات الحرة والمستقلة للأطراف المكونة للمشهد الحزبيquot;.
وأكد حسن طارق، في تصريح لـquot;إيلافquot; أن quot;الأمر له علاقة بتفاعلات مجتمعيةquot;، مبرزا أنه quot;لا يمكن أن نتصور بأنه من الممكن أن ننزل خططا نظرية سابقة ونخضع لها كل التطور الحزبي المغربيquot;.
وأضاف القيادي السياسي quot;ما يهمني كاتحاد اشتراكي هو تقوية العائلة اليسارية، والانفتاح أكبر على العائلة الإسلاميةquot;، موضحا أن quot;موقف الاتحاد المتمثل في الخروج إلى المعارضة يندرج في رغبة الوضوح السياسي بشكل أكبرquot;.
وقال عضو المكتب السياسي quot;نعم، نحن محتاجون إلى الوضوح في الرؤيا والتوجهات والمرجعيات، وأول نقطة لتحقيق ذلك هو أن نترك الفاعلين الحزبيين خارج أي وصاية، أو تحكم، وأي ضبط فوقيquot;.
من جهته، أكد أحمد فطري، الأمين العام لحزب الوحدة والديمقراطية، أن quot;معالم المشهد السياسي بدأت تتضح بعض الشيء، إذ إن الحكومة، التي هي في طور التشكل، تتكون من أربعة أحزاب سياسية، وهذا شيء مهم جدا، إذ إن هذا سيجعل عملها سهلا إلى حد بعيدquot;، وزاد مفسرا quot;نحن لا نقول إنها متقاربة إيديولوجيا إلى حد بعيد، لكن على الأقل هي أحزاب لها بعض التقاطعات السياسية المتقاربة نسبياquot;.
وأشار أحمد فطري، في تصريح لـquot;إيلافquot;، إلى أنه quot;بعد المصادقة على الدستور الجديد كان لابد أن يقع تغيير في التحالفات السياسية، التي كانت لا تنبني على أسس ديمقراطيةquot;، مبرزا أن أحد التحالفات التي تتكون من مجموعة من الأحزاب quot;خلقت نوعا من البلبلة والخلط لدى المواطنين، إذ إنه لا يجمع بينها أي روابط سياسية. ونحن في حاجة إلى تجاوز مثل هذه التحالفاتquot;.
من جانبه، أوضح عبد العزيز قراقي، أستاذ جامعي في العلوم السياسية في الرباط وناشط في مجال حقوق الإنسان، أنه quot;من المحتمل أن يعرف المشهد السياسي في سنة 2012 الكثير من الإثارة المرتبطة بأشكال الهندسة الدستورية، التي من الضروري أن تمر عبر البرلمان، الذي تعززت فيه المعارضة بقوى سياسية، البعض منها خبر المعارضة، لكنه عاد إليها منهكا بعد طول تجربة في الحكومةquot;.
أما البعض الآخر، يشرح المحلل السياسي، فـquot;لم يسبق له قط أن خبر ترافعات المعارضةquot;، مشيرا إلى أن quot;كل هذا سيعيد إلى المؤسسة التشريعية نوعا من الفرجة السياسية، التي تجعل المواطنين يتتبعون نشاط هذه المؤسسةquot;.
وذكر عبد العزيز قراقي لـquot;إيلافquot;، أن quot;الاهتمام سينصب بشكل أساسي، بعد تعيين الحكومة واستكمال البرلمان لهيكلته، على الانتخابات المحلية، وعلى كيفية تفعيل الجهوية الموسعة، التي من شأنها أن تعيد النظر في المقاربات التنموية التي اعتمدها المغرب إلى الآنquot;، مبرزا أن quot;الجماعات والقوانين المنظمة لها ستعرف نقاشا وجدالا واسعا لكون أن الأطراف السياسية بمختلف مشاربها ستسعى إلى الاستفادة من نتائجها كي تعزز حضورها على المستوى المحلي والإقليميquot;.
وينتظر أن تتضح، في السنة المقبلة، الرؤية لدى عدد من المكونات التي تسعى إلى التأقلم مع المتغيرات الجديدة التي تعرفها الساحة السياسية، منذ إجراء الانتخابات الأخيرة السابقة لأوانها بعد أن أعلن الملك عن دستور جديد للبلاد استجابة للحراك الذي شهده المغرب تناغما مع ما بات يعرف بتحركات quot;الربيع العربيquot; المطالبة بالديمقراطية والحريات.
نقاش حقوقي واسع
من المنتظر أن تشهد سنة 2012 تحسن الأوضاع على المستوى الحقوقي، الذي سيعرف نقاشا واسعا، خاصة في ظل الصلاحيات التي منحها الدستور الجديد للمؤسسات الناشطة في هذا المجال.
وقال محمد طارق السباعي، النشاط الحقوقي والجمعوي، إن quot;الأوضاع في هذا المجال يمكن أن تتحسن من الناحية الشكلية، أي أن الجمعيات الحقوقية ستنادي بالإصلاحات وتتظاهر في الشارع، ولا تتعرض لكثير من القمع، لكن الإصلاحات الجذرية والمتمثلة في عدم الإفلات من العقاب بالنسبة إلى ناهبي المال العام فإننا نشك في ذلكquot;.
وذكر محمد طارق السباعي، في تصريح لـquot;إيلافquot;، أن quot;العديد من الملفات تبقى حبيسة مكاتب التحقيق والجلسات، خاصة الكبرى منهاquot;، مبرزا أنه quot;ما دامت المدة الزمنية للبت في الملفات غير محددة في القانون، فإن لوبي الفساد سيعرقل كل برنامج لمحاربة هذه الآفةquot;.
من جانبه، أوضح عبد العزيز قراقي أن quot;السنة المقبلة ستعرف نقاشا واسعا، خاصة أن مجموعة من المؤسسات المرتبطة بحقوق الإنسان وردت في الدستور الجديد، وأعطيت لها صلاحيات جديدة ستجعل تقاريرها أكثر تتبعا مثل ما هو الأمر بالنسبة إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي بات من الضروري أن يقدم تقريره أمام المؤسسة التشريعيةquot;.
وأضاف الناشط الحقوقي quot;أكيد أن التنظيمات النسائية ستسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى تفعيل مبدأ المناصفة الذي ورد في الدستور، ولن تتوقف الفئات التي تطالب بحقوق ثقافية عن الترافع، سواء لدى البرلمان أو لدى الحكومةquot;.
وذكر أن quot;كل هذا سينضاف إليه المهاجرين المغاربة الذين يشعرون بأن الدستور الجديد لم ينصفهمquot;.
التعليقات