السنوسي كان الساعد الأيمن للقذافي

شكلاعتقال عبد الله السنوسي، الرجل الأول في الاستخبارات الليبية خلال عهد القدافي، حدثا كبيرا بالنسبة إلى الليبيين أو أسر ضحايا العملية الإرهابية التي استهدفت طائرة فرنسية عام 1989، وبالطبع لكل دعاة حقوق الإنسان. لكنّ السؤال المطروح، من هي الجهة المؤهلة لمحاكمته؟

باريس: عبر سيف النصر منصور عن تفهّمه للطلب الفرنسي تسلم المسؤول الأول عن الاستخبارات الليبية في عهد معمّر القدافي، عبد الله السنوسي، والذي تم توقيفه من طرف السلطات الموريتانية في مطار نواكشوط قادما إليها من المغرب كما جاء في بلاغ لها نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
ووصف منصور، الذي كان يمثل المجلس الوطني الانتقالي الليبي في باريس قبل أن يقدم استقالته، في حديث هاتفي لـquot;إيلافquot;، الطلب الليبي quot;بالشرعيquot;، قبل أن يضيف أن السنوسي quot;مواطن ليبي ويمكن محاكمته في ليبيا محاكمة عادلة...quot;.

وقال ممثل الدبلوماسية الليبية في باريس خلال الأيام التي تلت انهيار نظام القدافي إن quot;السنوسي ارتكب جريمة بتورّطه في تفجير الطائرة الفرنسية، لكن نحن نعتقد أنه ارتكب جرائم أكثر بشاعة في ليبيا واختلس اموال الشعب هناك، و ليبيا أحق بمحاكمته...quot;.
ويقول منصور: quot;إن كان النظام الليبي الجديد طوى صفحة رموز النظام السابق، هناك من أزلام النظام ممن ارتكبوا جرائم واختلسوا أموال الشعب متواجدون في مصر، النيجر، تونس، المغرب و كثير من الدول الأخرى، والسلطات القضائية الليبية تقوم بجميع التدابير مع دبلوماسيات هذه الدول لتسلم هؤلاء الاشخاص قصد محاكمتهم محاكمة عادلة بناء على التهم الموجهة ضدهمquot;.

ويتطلع الشعب الليبي، بحسب منصور، إلى استرداد الأموال التي سلبت منه خلال حكم القدافي، فهذا الشعب quot;محتاج للأموال التي اختلسها هؤلاء الفارون من العدالة الليبية لبناء دولتهم الجديدةquot;.
من جانبه، يرى نائب أمين عام حزب الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، محمد علي عبد الله، أن السنوسي quot;ارتكب العديد من الجرائم بحق الشعب الليبي في حقبة تجاوزت الثلاثين عاما، كتعذيب المئات من السجناء السياسيين، المشاركة في إعدام معارضين داخل السجون الليبية و خارجها، التخطيط و الإشراف على عمليات اغتيال معارضين ليبيين في الخارجquot;.

و يعتقد علي عبد الله، بحسب تصريحه لـquot;إيلافquot;، أنه quot;ربما أبشع جرائم السنوسي هي الإشراف على تنفيذ جريمة مجزرة سجن أبو سليمquot;، مشيرا في الوقت نفسه إلى quot;دوره المعروف بجلب المرتزقة وقيادة العمليات في محاولة قمع ثورة 17 فبرايرquot;.
و يخلص إلى القول إن quot;مذكرات الاعتقال الدولية التي صدرت بحقه تم إصدارها لتورطه في جرائم بحق الشعب الليبي، وهو بالتالي الأحق بمحاكمته قبل غيرهquot;.

ويضيف: quot;كما أن هذه الدول الأخرى بما فيها فرنساquot;، كانت لها الفرصة في العديد من المرات لاعتقاله، خلال السنوات الماضية، لكن الحكومة الفرنسية لم تطلب من ليبيا تسلمه و لا من أي دولة تواجد فيها، فلماذا يفعلون ذلك الآنquot;؟
ويمكن لليبيا أن تعتمد، بحسب بعض المراقبين، على اتفاقية المساعدة القضائية الموقعة من طرف البلدان المنتمية إلى الجامعة العربية في الرياض سنة 1983 والمصدق عليها من طرف نواكشوط عام 1985 و طرابلس عام 1988.

مجيد بودان: القانون الدولي يسمو فوق القوانين المحلية

رئيس جمعية المحامين الدوليين في باريس مجيد بودان، يقرأ من زاوية قانونية الطلبات الثلاثة لتسلم المخبر الأول في نظام القذافي، عبد الله السنوسي، لكل من ليبيا و فرنسا والمحكمة الجنائية الدولية، معتبرا إياها quot;شرعية و لها أساسها القانونيquot;، قبل أن يوضح أن quot;القانون الدولي يعلو على القوانين المحلية التي تؤخذفي الاعتبار عندما لا تتضاربquot;.

و يعتقد بودان أن quot;عدم اصلاح العدالة في ليبيا حتى الآن واعادة هيكلتها، وكذلك في تونس و مصر، يجعل هذه البلدان لا تتوفر حتى الآن على قضاء يحتوي على جميع الضمانات بمواصفات دوليةquot;.
والطريقة quot;الأسلمquot;، بالنسبة إليه، هو quot;أن يحاكم السنوسي في لاهاي من طرف المحكمة الجنائية الدولية اولا، وبعد ذلك يحال على القضاء الفرنسي لمتابعته بشان التهم الموجهة اليه، و أخيرا يقاضى في ليبيا بعد ان يتم إصلاح القضاء الليبي حتى تكون المحاكمة عادلةquot;.

و يلفت المحامي الدولي إلى أن الاتهامات الموجهة للسنوسي من طرف محكمة لاهاي تتقاطع مع عدد من الاتهامات التي توجهها إليه ليبيا، وبالتالي يمكن أن تبث فيها هذه المحكمة، لكن هناك اتهامات ذات طابع محلي لا يمكن ان يبث فيها إلا القضاء الليبي وحده، بعد أن تعاد هيكلته وتعطى الضمانات الكافية لأي متهم كان، و هذا شرف لليبياquot;.
وهناك، بحسب بودان، وجه قد يكون الأمثل للتوفيق بين كل طلبات محاكمة عبد الله السنوسي، و ذلك في إطار quot;محاكمة مشتركة بين المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الليبية، كما حصل في قضية الخمير الحمرquot;، و هو برأيه، ما يمكن أن يجنب السلطات الليبية أية اتهامات يمكن أن توجه لها بخصوص المحاكمة ونتائجها.

quot;فرنسا هي الأولى بالمحاكمةquot;

يعد السنوسي من الرجال الأقوياء خلال حكم القذافي الذي تربطه به علاقة مصاهرة بعد زواجه من أخته صفية، ويعتبره مراقبون quot;العلبة السوداءquot; لنظام العقيد، حيث كان كاتم أسراره وساعده الأيمن في البطش بمعارضيه وإخماد أي حركة احتجاجية في المناطق الليبية، ما أدى بالمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى نعته quot;بالجلادquot;.
و تتهم باريس السنوسي بوقوفه وراء عملية تفجير طائرة ركاب فرنسية في سماء النيجر عام 1989، أدت إلى مقتل 170 شخصا من ضمنهم 54 فرنسيا، حيث أدين غيابيا من طرف القضاء الفرنسي بالحكم المؤبد عام 1999.

و أشادت باريس من خلال بيان لها باعتقال السنوسي، مشيرة لدورها في العملية حيث ذكرت أن quot;هذا الاعتقال نتيجة جهود مشتركة فرنسية موريتانية، تابعتها السلطات الليبية، مذكرة في الوقت نفسه بصدور quot;مذكرة توقيف دولية بحق عبد الله السنوسي بعدما أدانته محكمة فرنسية غيابيا بالسجن مدى الحياة يوم 19 أيلول (سبتمبر) 1999...quot;.

و تدافع جمعية أسر ضحايا العملية الإرهابية لطائرة quot;دي سي 10quot; التابعة لشركة quot;يوطاquot; عن أولوية فرنسا في تسلم السنوسي، سواء إلى المحكمة الجنائية الدولية أو الحكومة الليبية، لأنها، بحسب تفسيرها، كانت السباقة لذلك قبل الطرفين.