مواجهة السلطات الليبية الموقتة مع المحكمة الجنائية الدولية بسبب احتجاز أهم المقرّبينمن العقيد معمّر القذافي منذ الإطاحة به، من ضمنهم نجله سيف الإسلام القذافي، ورئيس جهاز استخباراته عبد الله السنوسي، يعدّ بمثابة اختبار حقيقي لالتزام الثوار الليبيين بسيادة القانون.


عبدالله السنوسي وسيف الإسلام القذافي

لميس فرحات: أصدرت الحكومة الليبية الجديدة بياناً بشأن الوضع القانوني للأسرى، يتناقض بشكل مباشر مع وجهات نظر المحكمة الجنائية، التي أشاد بها الثوار، باعتبارها quot;حليفًا لايقدر بثمنquot;، بعدما أصدرت لوائح اتهام بحق العقيد القذافي وسيف الإسلام والسنوسي بجرائم الحرب التي ارتكبت في محاولة منهم لسحق وقمع الثورة الليبية.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; أن رفض السلطات الليبية لتلبية مطالبة المحكمة الجنائية الدولية يعتبر تحدياً لشرعيتها، ويشكل اختباراً لمدى التزامها بالقانون الدولي.

وتعترف جماعات حقوق الإنسان وبعض الأعضاء من الحكومة الليبية بأن ليبيا لاتزال في حاجة ماسّة إلى نظام قانوني وقضائي فعال، فضلاً عن الوسائل اللازمة لحماية النظام القضائي بأفراده كافة، خوفاً من انتقام محتمل من قبل الميليشيات المسلحة.

وتقوم الحكومة الانتقالية بمحاكمة المدّعى عليهم في المنازل بسبب الأسرار التي قد يكشفون عنها بشأن الإجراءات وأصول الحكومة السابقة. ومع اقتراب الانتخابات الليبية، يخشى المسؤولون فكرة التخلي عن مطلب الانتقام، الذي يطالب به الشعب الليبي، الذي بدأ صبره بالنفاد. ويشار إلى أن فرنسا طالبت أيضًا بمحاكمة السنوسي، الذي أدين غيابياً بقتل 170 شخصاً، من بينهم 54 مواطناً فرنسياً، في تفجير طائرة ركاب خلال عام 1989.

ومع اعتقال السنوسي منذ خمسة أيام من قبل السلطات الموريتانية في مطار نواكشوط، وبمساعدة المخابرات الفرنسية، انطلقت أطراف عدة في سباق من أجل الحصول على فرصة محاكمته. أما في حالة سيف الإسلام، الذي كان بمثابة quot;وريثquot; لوالده، فأشارت الصحيفة إلى أن بعض المسؤولين الليبيين أعلنوا أن المحكمة الجنائية الدولية وافقت على محاكمته داخل ليبيا، إنما تحت إشرافها.

لكن الـ quot;نيويورك تايمزquot; نقلت عن متحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية قوله إن quot;القرار بإجراء المحاكمة داخل ليبيا أو خارجها لم يتخذ بعد، وأن المحاكمة ستجري في ليبيا فقط في حال تحديد اختصاص المحكمة. ومن أجل تحقيق ذلك تحتاج طرابلس إلىإظهار إمكانية إجراء محاكمة نزيهة وذات مصداقيةquot;.

وتابعت الصحيفة نقلاً عن محام ٍمقرب من النيابة العامة قوله إن quot;المشاورات لا تزال مستمرة حول هذا الموضوع، وبناء عليه قام بعض من ممثلي المحكمة بزيارة إلى طرابلس من أجل مناقشة الإجراءاتquot;. ولفتت الصحيفة إلى صراحة بعض المسؤولين الليبيين في الحديث عن هذه المسألة، إذ قال فتحي باجا عضو المجلس الوطني الانتقالي الليبي إن المحكمة الجنائية quot;ترغب في محاكمة سيف الإسلام، بزعم أن النظام القضائي الليبي غير فعالquot;، مشيراً إلى أن السلطات الليبية ليست لديها القدرة حتى الآن على جمع الأدلة بشكل صحيح لتقديم القضية.

وأضاف باجا أنه إذا تم تقديم سيف الإسلام إلى المحاكمة في ظل هذه الظروف، فقد تتم تبرئته، مشيراً إلى مطالبتهم للمدعي العام بتسريع العملية بسبب ضغط الشعب الليبي. من جانبه انتقد نيك كوفمان، المحامي الموكل بالدفاع عن سيف الإسلام القذافي، وهو محام في القدس من الذين عينتهم عائشة شقيقته، أن السلطات الليبية الموقتة قد منعت أي اتصال مع سيف الإسلام، ومنعت تعيين المحامي الذي يمكن أن يمثله.

وعينت المحكمة اثنين من المحامين من مكتب الدفاع العام، هما جان كزافييه وميليندا تايلور. وأعدّ مكتب الدفاع العام تقريراً حاسماً في شروطه، مشيراً إلى إبقاء سيف الإسلام في عزلة من دون أي اتصال مع عائلته أو العالم الخارجي. ويقول الأشخاص الذين شاركوا في الدفاع عن سيف الإسلام، إنه يعاني ألمًا حادًا في أسنانه، بعدما أجرى جراحة قبل وقت قصير من سقوط طرابلس في شهر آب/أغسطس، لكنه لم يتمكن من زيارة طبيب الأسنان. ويقول هؤلاء إن نجل العقيد القذافي منع من لقاء الطبيب لمتابعة العلاج بعد إصابة في اليد تعرض لها خلال إلقاء القبض عليه.