محامي الكنيسة نجيب جبرائيل

تكلم الدكتور نجيب جبرائيل محامي الكنيسة المصرية، عن تعديلات سوف يتم اتخاذها على لائحة إنتخاب البطريريك الجديد، موضحا أن هذه التعديلات قد تطرأ على الخاصة بالناخبين، وليس البنود الخاصة بالمرشحين. وقال إن نائب رئيس حزب الله اللبناني قدم التعازي باسم الحزب.


القاهرة: قال الدكتور نجيب جبرائيل رئيس الإتحاد المصري لحقوق الإنسان ومحامي الكنيسة المصرية إن هناك تعديلات سوف يتم إدخالها على لائحة انتخاب البطريريك الجديد، خلفاً للبابا شنودة الثالث الذي وافته المنية في 17 آذار (مارس) الجاري، وأوضح في مقابلة مع quot;إيلافquot; أن ما يمكن أن تطوله يد التعديل هو البنود الخاصة بالناخبين، وليس البنود الخاصة بالمرشحين للكرسي البابوي. ولفت جبرائيل إلى أن البابا الجديد مجبر أن يكون زعيماً روحياً وسياسياً للأقباط، حتى يتمكن من سد الفراغ الذي تركه البابا شنودة، مشيراً إلى أن ما يقال عن وجود صراع بين الأسافقة والرهبان على الكرسي البابوي لا أساس له من الصحة، بل مجرد تكهنات إعلامية. وأعلن جبرائيل أن حزب الله اللبناني قدم التعازي في وفاة البابا، لافتاً إلى أن نائب رئيس الحزب إتصل به شخصياً معزيا.

كيف ترى مستقبل الأقباط بعد رحيل البابا شنودة، لا سيما في ظل المرحلة الدقيقة التي تمر بها مصر؟

الأقباط في مصر يعتريهم الكثير من الحزن على وفاة البابا شنودة الثالث، ويشعرون أنهم في أزمة حقيقية، لاسيما أن البابا الراحل كان يمتلك كاريزما الزعيم الروحي والسياسي، ومن الصعب أن نجد شخصية مثله، كان يتمتع بالحب والمعرفة الموسوعية، والشخصية القيادية، ويتمتع بحب المسلمين والمسيحيين معاً، لقد كان هبة من الله لمصر، ورجلاً عصامياً، لا سيما أنه ولد يتيماً، وكان لديه القدرة على احتواء المشاكل الخاصة بالأقباط، كان يجيد الحديث عندما يكون الحديث واجباً، ويجيد الصمت عندما يكون الصمت أفضل. ولا شك أن هناك الكثير من المشاكل التي تنتظر البابا الجديد، مثل قانون دور العبادة، قانون الأحوال الشخصية، أقباط المهجر، والتمييز السلبي ضد الأٌقباط، والأزمات الطائفية. وكل هذه المشاكل ومدى قدرة البابا القادم ستكون عاملاً أساسياً في تحديد مستقبل الأقباط في مصر، هل سيكون أفضل أم سيكون محملاً بالمزيد من الأزمات، ويفتح الباب أمامهم للهجرة إلى الخارج؟. لكننا نحن الأقباط نؤمن أن من سيجلس على كرسي البابوية اختيار إلهي، لأن يد الطفل الذي يختار القرعة الهيكلية في نهاية إنتخابات البابا هي يد الرب، الذي لا يختار لنا إلا ما هو صالح.

لكن التيار العلماني يطالب بإلغاء القرعة الهيكلية، معتبراً أنها تنسف مبدأ الإنتخابات من الأساس، لأنها قد لا تأتي بأعلى أصوات من بين المرشحين الثلاثة للبابوية؟

نحن المسيحيين الأرثوذكس لدينا إيمان راسخ بأن البابا إختيار إلهي، وليس إختيارا بشريا، ولكننا نأخذ بالأسباب، فنجري إنتخابات يترشح فيها من يجد في نفسه القدرة على قيادة الكنيسة ورعاية شعبها، وذلك وفقاً لشروط لائحة إنتخاب البابا الصادرة في 1957، ولكن القرعة الهيكلية، سميت بذلك لأنها تجري أمام الهيكل المقدس، هي اختيار إلهي، ولها مرجعية في الكتاب المقدس، ولا يمكن إهدار نصوص الكتاب المقدس من أجل التيار العلماني، بالإضافة إلى أنها تصحح ما قد نقع فيه نحن البشر من أخطاء أثناء الإنتخابات أو التصويت، كأن يكون لأحد المرشحين عصبية أو قدرة على الحشد، فيحصل على أعلى الأصوات، رغم أنه قد لا يكون الأفضل، لكن إذا أتت به القرعة الهيكلية فيكون هو اختيار الرب، وأما إذا أتت بمن هو أقل في الأصوات، فهو إختيار الرب أيضاً. وبالتالي فليس هناك أي مجال للحديث عن إجراء تعديلات في القرعة الهيكلية، لأنها مقدسة.

وماذا عما يمكن وصفه بـquot;صراعquot; بين قيادات الكنيسة على الكرسي البابوي؟

هذا الكلام لا أساس له من الصحة، بل مجرد كلام إعلامي أو تكهنات، لا توجد في الكنيسة عصبيات أو تكتلات، ولا أحد في المجمع المقدس يؤمن بهذا الأمر، بل الجميع يؤمن بأن البابا اختيار إلهي، فقد يحصل مرشح على أعلى الأصوات، ولا تأتي به القرعة الإلهية. والحمد لله أنه ظهر عدم وجود خلافات بين أعضاء المجمع المقدس رغم أن عددهم يصل إلى 150 أسقفا وراهبا، حيث اختاروا الأنبا باخوميوس قائم مقام البطريريك بالإجماع، وهذا أمر يبعث على التفاؤل.

وماذا عن التعديلات بشأن لائحة 1957 لإنتخاب البطريريك، لا سيما أن الأنبا باخوميوس أصدر تصريحات في هذا الشأن؟

بالطبع ستكون هناك تعديلات في لائحة إنتخاب البابا، ولكنها لن تطال الشروط الخاصة بالمرشحين أو القرعة الهيكلية، لأن هؤلاء صارت لهم مراكز قانونية، وأي تعديل في شروط الترشيح، قد يفهم على أنه تعديل ليكون على مقاس مرشح معين، وقد رفض البابا شنودة تعديل اللائحة، خشية أن يقال إنه يمهد لخليفته، وأنه يعمل ذلك من أجل شخص معين، وإذا كان البابا فعل ذلك في حياته، فمن باب أولى ألا يتم تعديل هذه الشروط الواجب توافرها في المرشح، كأن يكون عمره لا يقل عن 40 عاماً، وأن يكون أمضى في الرهبنة 15 عاماً، لكن هناك بعض البنود المطروحة للتعديل وهي البنود الخاصة فمن يرشح أو من ينتخب، من وجهة نظري الشخصية.

وما هي البنود التي بحاجة إلى تعديل من وجهة نظرك، وباعتبارك مقرباً من الكنيسة؟

قدمت مقترحاً إلى المجمع المقدس لتعديل اللائحة، وتضمن المقترح تعديل مجموعة من المواد، منها المادة 4 التي تنص quot;على من يريد ترشيح نفسه لمنصب البطريرك ان يتقدم الى اللجنة المشار اليها في المادة السابقة (لجنة إنتخابات البابا) خلال شهرين من تاريخ خلو الكرسي، بتزكية مكتوبة وموقعة من ستة من المطارنة او الاساقفة أو رؤساء الأديرة او من اثني عشر عضوا أو نائبا من اعضاء المجلس الملي العام ونوابه الحاليين او السابقينquot;. واقترحت أن يكون التعديل quot;تزكية مكتوبة وموقعة من اثني عشر من المطارنة او الاساقفة او رؤساء الاديرة على ان يشترط في كل الاحوال، ان تشمل هذه التزكية ثلاثة توقيعات على الاقل من رؤساء الاديرة، وتحذف عبارة اثني عشر عضوا او نائبا من اعضاء المجلس الملي العام او نوابه الحاليين او السابقين باعتبار ان المجلس لم ينعقد منذ سبع سنوات، وكثير من اعضائه قد توفاهم الله، وان الجهة الأقدر على التزكية هم المطارنة والأساقفة ورؤساء الأديرة، لأن اللائحة تشترط على من سوف يرشح نفسه ان يكون من هذه الطغمة quot;.

كما اقترحت تعديل الشروط الخاصة بالناخبين، ومنها المادة 8 فقرة quot;أquot; التي تنص علىquot;من يقيد بجداول الناخبين ان يكون قد بلغ 35 سنة ميلادية على الأقل في تاريخ خلو الكرسي البطريركيquot;، واقترحت quot;ان يكون قد بلغ من العمر30 عاما على الاقل في تاريخ خلو الكرسي البطريركيquot;، و هذا التعديل مأخوذ على سن القاضي وهو 30 عاما وهو كاف للنضج في اتخاذ القرار وعدم التضييق على الناخبين ،quot; وعلى أن تحذف باقي الفقرة ب من المادة 8 من اول عبارة quot;ولا يقل مرتبه عن 480 جنيها سنويا وحتى آخر الفقرة quot;، بالإضافة إلى تعديل المادة 9 التي تنص على quot;تقوم بتحرير جدول الناخبين لجنة تؤلف من ثلاثة من رجال الدين وإثنين من أعضاء المجلس الملِّي العام أو نوابه الحاليين أو السابقين، ويختار القائمقام البطريرك أعضاء اللجنة وتكون رئاستها لأعلى رجال الدين من أعضائها رتبة أو لأقدمهم رسامة .وتقوم هذه اللجنة طبقاً للبيانات الكتابية التي تتلقاها بقيد أسماء الناخبين من الفئات الآتية :المطارنة والأساقفة ورؤساء الأديرة ووكلائها وأمنائها. أعضاء المجلس الروحي في القاهرة ووكلاء المطرانيات ووكلاء الشريعة في المدن والبنادر. 24 كاهناً من كهنة القاهرة وسبعة من كهنة الإسكندرية. الوزراء الأقباط الحاليين والسابقين، وأعضاء مجلس الأمة الحاليين من الأقباط .أعضاء ونواب المجلس الملِّي العام الحاليين والسابقين. 72 من أراخنة مدينة القاهرة، 24 من أراخنة مدينة الإسكندرية تختارهم لجنة الترشيح .12 من أراخنة كل ابرشية في الجهات الأخرى تختارهم لجنة برئاسة مطران أو اسقف الأبرشية، وعضوية خمسة من الأراخنة الذين يختارهم المطران أو الأسقف المذكور لهذا الغرض. أصحاب الصحف ورؤساء تحريرها ومحرري الصحف اليومية من الأقباط بشرط أن يكونوا أعضاء في نقابة الصحفيين .والمقترح ينص علىأنquot;تقوم لجنة قيد الناخبين بقيد اسماء الناخبين وهم على الوجه التالي: -أ-المطارنة والأساقفة ورؤساء الأديرة ووكلاؤها وأمناؤها . ب- وكلاء البطريركية والمطرانيات والاسقفيات في سائر انحاء الكرازة المرقسية. ج- اعضاء المجلس الملي العام الحاليون والوزراء الاقباط الحاليون واعضاء مجلسي الشعب والشورى من الأقباط الارثوذكس الحاليين. د- اعضاء مجالس الكنائس على مستوى الكرازة المرقسية في الداخل والخارج. و- ثلاثة الاف من الاراخنة ( وجهاء الأقباط) والشخصيات العامة والمهتمين بامور الكنيسة على ان يحدد معايير هذا الاختيار في المجمع المقدس. وبذلك يكون قد تم توسيع دائرة الناخبين لتصل إلى نحو 50 ألف قبطي، بدلاً من 1500 قبطي هم من شاركوا في إنتخاب الباب شنودة نفسه، وذلك عملاً بقول البابا الراحل quot;من حق الشعب ان يختار راعيهquot;.

و كيف ترى تصريحات الشيخ وجدي غنيم بحق البابا شنودة التي وصفه فيها بـquot;رأس الكفرquot;؟

هذه التصريحات لم تؤذ الأقباط فقط، بل أصابت المصريين جميعاً بالأذى، لا سيما أنها جاءت بعد وفاة البابا بأيام والجميع مصاب بالفجع والحزن على رحيله، وتقدمت ببلاغ للنائب العام ضده، وكذلك تقدم محامون آخرون ببلاغات مماثلة، وفوجئت بأن المئات من المصريين تضامنوا معنا في البلاغ، وإتصل بي الدكتور مصطفى الفقي (سفير مصري سابق، ومستشار للرئيس السابق حسني مبارك، ومرشح مصر السابق لمنصب الأمين العام للجامعة العربية) وطلب وضع اسمه في البلاغ متضامناً، وكان الرجل يتمتع بعلاقات قوية مع البابا. وقال لي إن جنازة البابا لم يسبق لها مثيل إلا في جنازتي سعد باشا زغلول قائد ثورة 1919، والرئيس جمال عبد الناصر. ما لا يعرفه وجدي غنيم أن البابا شنودة كان محبوباً من الجميع في الداخل والخارج، لقد رأيت مسلمات محجبات، وهن يبكين في جنازته، حضرت غالبية قيادات مصر ورموز وقيادات دولية الجنازة والعزاء، بل إن نائب رئيس حزب الله اللبناني إتصل بي شخصياً وقدم التعازي، وحضر السفير السعودي، وسفراء غالبية دول الخليج، ومندوبون عن الملوك والرؤساء. والحق أن كل هذه المشاعر الجياشة التي وجدناها من إخواننا المسلمين في مصر، بعثت في نفوسنا الطمأنينة إلى مستقبل الأقباط بعد رحيل البابا شنودة.