ملأ آلاف المصلين المسيحيين وأعضاء بارزين في المجتمع المصري قاعة كاتدرائية القديس مرقس في القاهرة والشوارع المحيطة بها يوم الثلاثاء 20 آذار/مارس، لحضور جنازة البابا شنودة الثالث، الزعيم الروحي للمجتمع القبطي المسيحي في مصر.

توفي البابا شنودة يوم 17 آذار/مارس عن عمر ناهز 88 عاماً، بعد ترؤسه أكبر جالية مسيحية في الشرق الأوسط لأكثر من أربعة عقود. وقيل انه، في بعض الأحيان، كان زعيماً محافظاً ومثيراً للجدل، واعتمد سياسة كنسية صارمة، وسعى في البداية لإبقاء الشباب المسيحي بعيداً عن ميدان التحرير في القاهرة خلال الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في العام الماضي لإسقاط الرئيس المخلوع حسني مبارك.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ quot;تايمquot; أن فاة البابا شنودة تأتي في وقت حرج بالنسبة للأقلية القبطية المسيحية في مصر - ما يقرب من 5٪ إلى 10٪ من أصل 85 مليون نسمة في البلاد.

ويشعر المسيحيون في مصر بقلق متزايد منذ العام الماضي مع اندلاع الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك وأسفرت عن تشكيل حكومة جديدة يهيمن عليها الاسلاميون.

وعلى الرغم من أن مبارك لم يفعل شيئاً يذكر لوقف التمييز الديني أو التوترات الطائفية المتزايدة خلال حكمه على مر السنين، إلا أن حوادث العنف الطائفي ارتفعت بشكل كبير منذ بدء الانتفاضة ndash; معظمها حول قضايا التحول، الزواج بين الأديان وبناء الكنائس ndash; إضافة إلى ارتفاع عدد الفصائل الإسلامية المتطرفة، والفراغ الأمني الذي خلفه تراجع قوات أمن مبارك.

ونقلت الصحيفة عن مارك مرقس، مهندس عاطل عن العمل في القاهرة، قوله: quot;نحن قلقون جداً. مستقبلنا غامض من دونه (البابا شنودة)، والآن نحن ندخل في المجهولquot;.

وأضاف: quot;منذ فترة طويلة، يعاني الأقباط معاملة quot;مثل الأطفالquot;، فيقول: quot;لا يمكننا بناء كنيسة من دون طلب الإذن، وإذا فعلنا ذلك، يحرقونهاويأتون بالسيوف لقطع آذانناquot;.

وقال مرقس: quot;على الاقل عندما كان الرئيس مبارك، كنا نعرف من هو الشيطانquot;، لكن الآن quot;نحن لا نعرف كيف سيكون الرئيس القادم، ونريد البابا الذي يمكن أن يقف أمام الرئيس المقبل يقول له: هذا التعاطي الطائفي غير مقبولquot;.

في اعتراف واضح بإدراكهم للقلق المسيحي المتزايد، انضم قادة جماعة الإخوان المسلمين التي تهيمن على البرلمان الجديد في مصر، إلى الأساقفة والكهنة الأقباط، والجهات الفاعلة الشهيرة، والمرشحين للرئاسة وضباط الجيش وكبار الشخصيات الأجنبية لحضور جنازة تشييع البابا شنودة يوم الثلاثاء.

وأصدرت جماعة الاخوان المسلمين والاسلاميين البارزين بيانات التعازي، وأعلن رئيس المجلس العسكري الحاكم حالة الحداد الوطني.

وأشارت الـ quot;تايمquot; إلى أن اختيار البابا الجديد قد يستغرق شهوراً، حتى يجتمع مجلس الكنيسة وأعضاء بارزين في الجالية القبطية تلبية لاختيار مرشح جدير. في الماضي، تم اختيار البابا بعد أن ضيّق المسيحيون النافذين وقادة الكنيسة الاحتمالات إلى ثلاثة: كانت الأسماء مكتوبة على ثلاث قطع من الأوراق، ويختار طفل واحدة منها عشوائياً.

وتشترط الكنيسة أن يكون البابا مصرياً بالولادة، وعمره ما لا يقل عن 50 سنة، وعمل كراهب ما لا يقل عن 15 عاماً. وعادة يقوم رئيس الحكومة بالتوقيع على قرار انتخاب البابا القبطي، وفي هذه الحالة، رئيس المجلس العسكري الحاكم في مصر.
ينتظر المسيحيون في مصر اختيار زعيمهم الروحي الجديد بفارغ الصبر.

وتقول ميرفت مرقس، ربة منزل من حي امبابة الفقير في القاهرة، الذي شهد أحد أسوأ الاشتباكات الطائفية: quot;البابا يدافع عن حقوقنا، وكان الوحيد الذي وقف في وجه المجلس العسكري وطلب منهم أن يتوقفوا عن قتل أطفالناquot;. وأضافت: quot;على البابا الجديد أن يعرف أنه، أيضاً، مسؤول عن حمايتنا من المتطرفينquot;.