الليبيون يطالبون بثروات القذافي

يتلقى مصابو الثورة الليبية العلاج الطبي في مستشفيات القاهرة، فضلاً عن إقامتهم المجانية في فنادق مصرية، يعتبرونها جزءاً من استثمارات القذافي في مصر. وطالب الجرحى الليبيون بضرورة تحديد تلك الاستثمارات والحصول عليها بعد أن احتكرها أبناء الزعيم الليبي الراحل.


القاهرة: تحولت باحة فندق هيلتون رمسيس في القاهرة الى مكان لتجمع جرحى الثورة الليبية، كما أضحت غرف الفندق عينه نزلاً موقتاً للمصابين وذويهم، الذين وفدوا الى مصر لتلقي العلاج والعودة إلى بلادهم بعد استنشاق عبق الحرية على انقاض نظام القذافي، وفي حديث خاص لـ quot;إيلافquot; أعرب الليبيون عن قناعتهم بحقهم في الاقامة المجانية في الفندق، مؤكدين أنهم لا يستشعرون حرجاً أو ضيقاً من وجودهم في هذا المكان، خاصة أنه جزء من استثمارات النظام الليبي المتشعبة في مصر، ومن حق صنّاع الثورة الليبية ومن حملوا لواءها، الاستفادة من ثروة القذافي وأسرته، لأنها ليست ممتلكات خاصة بالرئيس الراحل، وإنما هي في الحقيقة أحد حقوق الشعب الليبي، الذي عانى اضطهاداً وفساداً، لم يوقفهما سوى اندلاع الشرارة الاولى للثورة.

تطمينات للشعب الليبي والشعوب العربية

من داخل الباحة الرئيسية في فندق هيلتون رمسيس، استنطقت quot;إيلافquot; عدداً من الجرحى الليبيين، وفي مقدمتهم المهندس الشاب عبد الله محمد المقريف، وهو مهندس حاسوب يقيم في مدينة اجدابيا، وحاول في مستهل حديثه طمأنة شعبه في ليبيا وسائر الشعوب العربية على صحة وسلامة جرحى الثورة، وأضاف: quot;نحن نزلاء فندق هيلتون رمسيس، ونتلقى العلاج في المستشفيات المصرية على نفقة السفارة الليبية في القاهرة، كما أن ذلك يتم من خلال التنسيق بين وزارة شؤون الجرحى الليبية ومصر، وسنظل في القاهرة حتى استكمال علاجناquot;.

وحول أسباب احجامهم عن تلقي العلاج في ليبيا، أوضح المقريف في حديثه الخاص لـ quot;إيلافquot; أن خيرة شباب ليبيا من الاطباء وذوي العقول المستنيرة في كافة المجالات، هاجرت من ليبيا هرباً من انعدام تقدير القذافي لكفاءتهم، فلم تكن لدى الاطباء الليبيين على سبيل المثال فرصة، لتفعيل خبراتهم الطبية وإفادة الليبيين بها، فاضطروا للاقامة خارج البلاد، بحثاً عن ظروف معيشية توفر لهم مستوى اجتماعياً يليق بهم، ولذلك بحسب المهندس الليبي كان من اللازم أن يتوجه جرحى الثورة الليبية الى مصر لتلقي العلاج، ففي حين يوجد العديد من المستشفيات الليبية التي تستطيع استيعاب المصابين، يتعذر الحصول على الخدمة الطبية اللازمة في ظل غياب الكوادر الطبية الواعية على أرض الواقع.

وفي ما يتعلق باختيار مصر لنزوح مصابي الثورة الليبية اليها، قال عبد الله المقريف في حديثه لـ quot;إيلافquot;: quot;في الحقيقة مصر ليست وحدها التي استقبلت جرحى الثورة الليبية، وانما كانت هناك دول أخرى استوعبت هؤلاء الجرحى مثل تونس وتركيا والمانيا وايطاليا وكندا، ويتلقى مصابو الثورة العلاج في هذه الدول بغض النظر عن وجود استثمارات للقذافي، وتتكفل السفارات الليبية في هذه البلدان بنفقات العلاج والرعاية الطبية.

استثمارات النظام الليبي في مصر

وعلى ذكر استثمارات القذافي في مصر، طالب مصابو الثورة الليبية المقيمون هناك برصد ممتلكات القذافي واستثماراته لدى جارة ليبيا الشرقية، وعللوا ذلك بضرورة توزيع هذه الثروات على الليبيين بعد الاطاحة بالنظام الدكتاتوري، وفي حديثه الخاص لـ quot;إيلافquot; قال المقريف: quot;كما أن الثوار المصريين يبحثون عن ممتلكات مبارك وأسرته في مختلف دول العالم للإستفادة منها بعد اعادتها الى الشعب، يحاول الليبيون الوصول الى ثروات القذافي وأسرته للغرض عينهquot;.

وحول العلاقة بين نظامي القذافي ومبارك، يؤكد المهندس الليبي الشاب أن النظامين كغيرهما من الانظمة الشمولية، كانا يقمعان شعبيهما ويكبحان أية تطلعات للحرية والديمقراطية، وينقل المقريف رواية عن أصدقاء ليبيين سبق واعتقلوا في مصر قبل موسم الربيع العربي فيقول في حديثه لـ quot;إيلافquot;، إن quot;عدداً من الليبيين اعتقلتهم السلطات المصرية، وبعد صفقة مقايضة مع النظام الليبي تم اطلاق سراحهم، ورغم عودتهم الى وطنهم اعتقلهم نظام القذافي لمدة 3 سنوات، ثم اعيد اطلاق سراحهم ليقصوا علينا ما لاقوه من عذابات في المعتقل المصري، وبحسب روايتهم كان عناصر جهاز أمن الدولة المصري المنحل، يتفنون في إذاقتهم أشد ألوان العذاب، ورغم أنهم لاقوا المصير نفسهفي المعتقل الليبي، الا أنهم اكدوا أن تعذيبهم في مصر كان أعنف من ليبيا، والمفارقة الغريبة أن هؤلاء المعتقلين أعينهم هم من حملوا شعلة الثورة الليبية وقضوا على نظام معمر القذافيquot;.

أما ياسين عبد المنعم العقوري (17 عاماً) فهو فتى ليبي من سكان بنغازي، مصاب بكسور في الفك والقدم، ورغم أن اصابته سببها حادث سيارة، الا أنه استفاد من علاج مصابي الثورة الليبية وذويهم على خلفية أنه شقيق لأحد أعضاء كتائب الثوار الليبيين، وفي حين لم ينل العقوري حظاً كافياً من التعليم، تحدث لـ quot;إيلافquot; بوعي سياسي إذ يقول: quot;يخطئ من يعتقد أن نظام معمر القذافي وفّر لنا سُبل الحياة الكريمة، فالمنطقة الشرقية من ليبيا كانت مهمّشة للغاية، وكان القذافي يحتكر واولاده ثروات البلاد، فضلاً عن قضايا التعذيب التي تورط فيها رجاله ضد الشعب الليبيquot;.

أولى مؤشرات الثورة ضد القذافي

وعن أولى مؤشرات الثورةضد نظام القذافي، يرى ياسين العقوري أنها بدأت إبان احداث السفارة الايطالية العام 2006، عندما أضرم الليبيون النار في السفارة، واحرقوا صور معمر القذافي، فرد الاخير على ذلك بقتل وتعذيب النشطاء الليبيينquot;.

ويعود المهندس الليبي عبد الله المقريف للحديث، ويتعمد القاء الضوء عن تلك الجزئية، فيقول: إنquot;الثورة الليبية ناهضت استبداد القذافي الذي يشهد معتقل أبو سليم على جرائمه، فخلال العام1996 قتل النظام الليبي ما يربو على 1200 ليبي في ساعتين فقط، فضلاً عن تعمده الاضرار بالبلاد، وتجاهل المشروعات التنموية فيها، وابتعاده عن وضع بنى تحتية ليبية جيدة، وعلى سبيل المثال كانت مدينة اجدابيا العام 1996معسكراً للجيش الليبي، وحول مدينة دارنا شق القذافي خندقاً، ليحول دون خروج أو دخول أي شخص إلى المدينة الا وفقاً لأهوائه الخاصة، بالاضافة الى عمليات التعذيب في جميع المعتقلات الليبية وفي مقدمتها quot;ابوسليمquot; وquot;عيزارهquot;، وكان مبرر نظام القذافي في ارتكاب جرائمه هو البحث عن الاسلاميين الذين كان يصفهم بـ quot;الزناديقquot;.

وحول ما يتردد من وجود مخططات خارجية قادت الى ربيع الشعوب العربية، رأى جرحى الثورة الليبية أن التاريخ وحده هو الذي سيكشف عن ذلك، الا أن الاطاحة بالانظمة الشمولية ومنها نظام القذافي، جاءت في صالح شعوبهم الذين عانوا القهر والظلم لسنوات طويلة، على الرغم من ذلك أبدى المهندس الليبي عبد الله المقريف ارتياحاً للوضع السياسي في ليبيا ما بعد الثورة، وقال في حديثه لـ quot;إيلافquot;: quot;إن ما يميز الشعب الليبي هو وحدته وتجمعه حول طيف سياسي وديني واحد، وهو اعتناق الاسلام، والايمان بمذهب واحد هو المذهب السني المالكي، على الرغم من حالة الشقاق حول تأييد نظام الحكم الفيدرالي في البلادquot;.