أصبح الثوار السابقون في ليبيا سلطة قائمة بحد ذاتها، بعد أن رفضوا نزع أسلحتهم، خوفاً من تهميشهم في نظام ما بعد القذافي.


طرابلس: انتهت الثورة منذ أمد بعيد في ليبيا، لكن لا يزال صوت أزيز الرصاص يسمع في الليل، مردداً صداه في الشوارع والأزقة الفارغة. ويختال الثوار بقبعات quot;شي غيفاراquot;، وينفذون دوريات في ضواحي مدينة مصراتة باستخدام شاحنات quot;بيك ابquot; وضعت عليها المدافع المضادة للطائرات.

ترفض ميليشيا الزنتان تسليم نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي وولي العهد، سيف الإسلام القذافي، وتسيطر على مطار طرابلس كورقة مساومة لانتزاع تنازلات، وتجنب التعرض للتهميش في النظام السياسي في البلاد الناشئة.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـquot;لوس انجلوس تايمزquot; ان الميليشيات المسلحة تشكل تهديداً متزايداً للاستقرار في ليبيا بعد ستة أشهر من الإطاحة بالقذافي.

وتناولت الصحيفة تقرير منظمة العفو الدولية الذي اعتبر أن الميليشيات quot;خارجة إلى حد كبير عن نطاق السيطرةquot;، فيما يعتبر البعض الآخر ان هذه المجموعات المسلحة تشكل خطراً داهماً مؤقتاً في بلد تمزقه أعمال الثأر والمنافسات القبلية.

تشكل هذه الميليشيات تحدياً مباشراً بالنسبة للمجلس الوطني الانتقالي، فهذه السلطة المؤقتة التي لا تتمتع بالثقة والشفافية، تفتقر الى القوة لكبح جماح الجماعات المسلحة التي يبلغ عددها المئات، والتي أصبحت سلطة أخرى في حد ذاتها.

يقول وليام لورانس، مدير شمال افريقيا في مجموعة الازمات الدولية ان quot;القضية الأساسية هي الشرعية، فالمجلس الإنتقالي لا يمثل الشعب الليبيquot;.
واعتبرت الصحيفة ان السرية التي تحيط بالمجلس في اتخاذ القرارات وقبول عضويتة، شكلت حافزاً للميليشيات في ليبيا لرفض التخلي عن سلاحها خوفاً من التهميش السياسي.

يؤكد أيمن كيكلي، عضو ميليشيا مسلحة في مدينة طرابلس، انه لن يتخلى عن سلاحه، ويضيف: quot;عندما يصبح لدينا أمن، ورئيس جديد وحكومة، سوف نضع أسلحتنا جانباًquot;.

ويشير تقرير منظمة العفو الدولية إلى أن quot;تصرفات الميليشيات ورفض الكثير منها نزع سلاحها أو الانضمام إلى القوات النظامية، يهدد بزعزعة استقرار ليبيا. كما أن العصابات المسلحة تعيق بناء مؤسسات الدولة للمساءلة القائمة على حكم القانون، ما يعرّض للخطر آمال الملايين من الناس الذين خرجوا إلى الشوارع قبل عام لطلب الحرية والعدالة والكرامة واحترام حقوق الإنسانquot;.

في هذا السياق، قالت دوناتيلا روفيرا، مستشارة الاستجابة للأزمات في منظمة العفو، في بيان quot;إن ظاهرة الإفلات من العقاب الممنوحة للميليشيات تقدم رسالة مفادها أنه سيتم التسامح مع مثل هذه الانتهاكات، ما يسهم في جعل مثل هذه الممارسات مقبولةquot;.

في أحدث هجوم سلط الأضواء على العنف الفوضوي، تعرّض خالد نوري وخمسة رجال آخرين من إحدى الميليشيات، الذين يحرسون مجمعا بحريا مهجورا في ضواحي طرابلس، لإطلاق نار من قافلة من الشاحنات تحمل 20 فرداً من ميليشيا أخرى، يعتقد أنهم من مصراتة.

قتلت امرأة (63 عاما) بعد أن أصيبت برصاصة في رأسها وصبيين عثر على جثتيهما على شاطئ قريب. كما أسفر الهجوم عن مقتل أربعة آخرين في المجمع، حيث يلجأ نحو 2600 شخصاً من الطوارق 2600، المنحدرين من أصل أفريقي، المشتبه في تعاونهم مع نظام القذافي، بعد أن أحرقت مدينتهم ونهبت بيوتهم.

يقول نوري: quot;أفراد الميليشيا جاءوا لهدف واحد، وهو قتل الطوارقquot;.
أما عبد الرؤوف، الذي يحرس المجمع ليلاً فعبّر عن خشيته من أن يعودوا بعد حلول الظلام لمهاجمتهم، مضيفاً: quot;نحن ستة اشخاص فقط، ويحملون رشاشات كلاشينكوف، كيف يمكننا منعهم؟quot;.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجهود التي بذلت لدمج عناصر الميليشيات في القوات المسلحة قد لاقت بعض النجاح. لكن هذه الجهود تقابلها عراقيل، لا سيما وأن نحو 100 ميليشيا ليبية شكلت مجموعة مسلحة وموحدة أصبحت بمثابة مركز قوة منافس الذي يتحدى سلطة المجلس الانتقالي.

واعتبرت الصحيفة أن الكثير من الليبيين يفضلون وضع ثقتهم في المجالس العسكرية المحلية والميليشيات. هذه المجموعة لديها شرعية ومعرفة متفوقة في السياق المحلي، وغالبا ما يشعر السكان بأن الميليشيات أفضل تجهيزاً لتوفير الأمن.

وبعيداً عن السلاح والفوضى، ينظر الليبيون بأمل نحو الانتخابات، المقرر إجراؤها في يونيو/حزيران. كما هو الحال مع الانتفاضات الأخرى في جميع أنحاء المنطقة، تمكنت الانتخاب بتحقيق مكاسب ديمقراطية نجحت في نزع فتيل التوتر. لكن الانتخابات الليبية تبقى ضبابية.

يقول أحمد المصراتي، وهو مقاتل من مصراتة، ألقى السلاح بعد سقوط طرابلس في شهر آب/أغسطس: quot;الناس شاهدوا الكثير من الدم، وبالتالي الانتخابات هي شيء كبير بالنسبة لنا وعلينا أن نكون حذرين جداً في اختيار الحكومةquot;.

وأضاف: quot;إذا لم تكن الحكومة جيدة، فإن سلاحي لا يزال في حوزتيquot;.