القاهرة: لا تزال تهيمن حالة من الفوضى على الوضع العام في ليبيا، مع استمرار المساعي لنزع السلاح من الميليشيات. والخطير في الأمر، وفقاً لما ذكرته اليوم صحيفة النيويورك تايمز، هو أن الحكومة تفتقر لسلطاتها خارج مقارها، بالاتساق مع فقدان الأهالي الصبر مع كل وابل من إطلاق النار يسمعونه ليلاً.

ولفتت الصحيفة في مستهل حديثها لذلك الهجوم الذي شنته إحدى الميليشيات على ميليشيا أخرى في قاعدة ساحلية بالعاصمة طرابلس من أجل تحرير امرأة مختطفة. وهو ما تحقق بالفعل حيث أُطلِق سراحها، وباتت القاعدة تحت سيطرتهم، ومن ثم بدأت عمليات النهب.

وتابعت الصحيفة حديثها بنقلها في هذا السياق عن قائد يدعى نوري فتايس، ويبلغ من العمر 51 عاماً، قوله: quot;هذا دمار ! فنحن نقوم بتدمير ليبيا الآن بأيدينا العاريةquot;.

وأكدت النيويورك تايمز أن ذلك البلد الذي شهد أكثر ثورات العالم العربي حدة يتهاوى الآن. وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على العاصمة، طرابلس، حيث بدأت تعود هناك أجواء مشابهة لأجواء الحياة الطبيعية بعد الأيام الفوضوية التي سقطت خلالها طرابلس في آب/ أغسطس الماضي. فلن يتعامل أحد مع الأجواء في المدينة على أنها طبيعية، بعدما قام مسلحون هناك بتعذيب أحد الدبلوماسيين السابقين حتى الموت قبل أسبوعين، وحيث ينتظر المئات من اللاجئين الذين يعتبروا مواليين للقذافي داخل معسكر، وحيث اعترف أحد المسؤولين الحكوميين بقوله :quot; الحرية مشكلةquot;.

وقال عاشور شميس، أحد مستشاري رئيس وزراء ليبيا المؤقت، عبد الرحيم الكيب: quot;جزء من الوضع الراهن ساحق حقاً. لكن لدينا نوعاً ما تلك الفكرة المجنونة التي تعني أننا قادرون على تجاوزهquot;. ثم أعقبت الصحيفة بلفتها إلى حالة التفاؤل التي لا تزال قائمة في طرابلس، ليس فقط على الأقل لكون البلاد ترتكز على قدر كبير من الثروة النفطية.

بيد أن حكومة الكيب، التي تشكلت في الـ 28 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وجدت نفسها مشلولة تقريباً بسبب الخصومات التي أجبرتها على تقسيم السلطة بامتداد المناطق والشخصيات، وبسبب التوقعات التي لم تتحقق بخصوص حالة الرخاء التي ستنعم بها البلاد عقب سقوط القذافي، وبسبب الضعف الملحوظ للغاية في الجيش الوطني لدرجة أن يعامل كما لو كان ميليشيا.

كما أن الحكومة غير قادرة على فعل شيء، بعدما أدت مجموعة من المظالم المحلية الشهر الماضي إلى نشوب صدامات في بني وليد، التي كانت معقلاً من معاقل القذافي، وبين المدن الواقعة في جبال نفوسة، حيث يستعين المقاتلون هناك بالبنادق والقنابل اليدوية والمدافع، من منطلق ادعاء كل فريق منهم أنهم من يمثلون الثورة.

وعاود هنا شميس يقول: quot;تلك الحكومة التي تم تشكيلها جاءت لمواجهة أزمة. وهي حكومة أزمات. لكني أرى أنه سيكون من المستحيل بالنسبة لها أن تحقق أي شيءquot;.

ثم أشارت الصحيفة إلى مجموعة رسومات الحوائط التي لا تزال موجودة هناك حتى الآن، وتتناول مجموعة من عبارات وكلمات الخطاب الشهير للقذافي العام الماضي، حين تعهد لهم بأن يحارب دار دار وزنقة زنقة وكذلك مقولته الشهيرة quot;من أنتم ؟quot; ثم تحدثت الصحيفة عن الشرعية، التي لا تزال المسألة الأكثر إلحاحاً الآن في الثورة الليبية.

وقالت إن المسؤولين يأملون أن تتمخض الانتخابات التي ستجرى هناك في أيار (مايو) أو حزيران (يونيو) عن نفس النتائج التي تمخضت عنها في مصر وتونس.

وختمت الصحيفة بلفتها الانتباه إلى كم المشكلات التي تواجهها الحكومة حالياً، ولعل أبرزها عدم قدرتها على توفير رواتب موظفي الدولة. وقد اعترف في هذا الشأن شميس بأنه لا توجد فكرة لدى الحكومة بشأن الطريقة التي يمكن أن توفر من خلالها قدر كاف من الأموال لضخها في الاقتصاد ومن ثم تحسين الأوضاع في الشارع.