تنتشر في ليبيا العديد من الإشاعات في ظل حالة عدم اليقين التي تشهدها البلاد مع بقايا بعض الجيوب لكتائب القذافي.


باب العزيزية بعد اقتحامه من الثوار

حتى مع اقتراب الثورة في ليبيا من الإطاحة بنظام معمر القذافي، لا تزال ليبيا ساحة خصبة للتضليل والأخبار الكاذبة. فالبلد الذي لطالما نُعِت بأنه quot;جمهورية للأكاذيبquot;، أو على حد وصف القذافي quot; البلد صاحب الديمقراطية الوحيدة في العالمquot;، لا يزال يعيش في أجواء ما قبل السابع عشر من شباط/ فبراير الماضي، موعد بدء الانتفاضة.

ففي ليبيا، كما هي الحال مع الحكومات الاستبدادية عموماً، يعتاد القادة أن يملوا على الناس الطريقة التي ينبغي أن يفكروا بها، بغض النظر عن شناعة الكذبة أو غرابتها، والمثير أن الليبيين غالباً ما يتعاملوا مع تلك الأكاذيب على أنها حقائق، وهو ما أرجعته صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى حالة التوهان التي يعيشونها نتيجة العزل والقمع.

لذا، قد لا يكون من المستغرب أن يبدو الثوار الذين يتحدون حكم القذافي الآن مثلهم مثله، لأنهم لم يعرفوا قائداً غيره. ولفتت الصحيفة هنا إلى أن كثير من قادة الثوار كانوا يشغلون مناصب قيادية بارزة في عهد القذافي، حيث كانوا يساعدون في تعزيز وترويج رؤيته للواقع.

وتابعت الصحيفة بقولها إن ما يدل على استمرار ترسخ ثقافة التضليل والأكاذيب في نفوس الليبيين هو زعمهم يوم الأحد الماضي أنهم نجحوا في إلقاء القبض على سيف الإسلام القذافي، الذي كان ينظر إليه باعتباره الوريث المحتمل لحكم والده. وما كان لافتاً في هذا الخبر الذي تسابقت مختلف وكالات الأنباء لإذاعته هو صدروه بصورة أقرب ما تكون إلى الأخبار الرسمية المعتمدة، لدرجة أنه أشعل نقاشاً بين الثوار بشأن ما ينبغي فعله مع القذافي الصغير، ودفعه بالمحكمة الجنائية الدولية لكي تطالب بضرورة ترحيله إلى لاهاي. ومع الساعات الأولى لصباح يوم أمس الثلاثاء، تم تكذيب الخبر، بعد ظهور مقطع مصور لسيف الإسلام وهو حر طليق في طرابلس.

وهنا، لفتت النيويورك تايمز إلى أن المعلومات، أو بالأحرى المعلومات الصادقة، غالباً ما يكون من الصعب التحصل عليها في مناطق الحرب. وأكدت أيضاً أن التضليل عبارة عن أداة قوية يمكن الارتكاز عليها في تضليل العدو، أو إخفاء التكتيكات، أو إثارة المخاوف، أو كسب تأييد الرأي العام. كما قالت الصحيفة إن هناك عوامل أخرى يمكنها أن تحجب أي تفاهم موضوعي، من بينها ضبابية الحرب، والارتباك الذي يحدث في مجال الاتصالات وكذلك حالة الفوضى التي تشهدها ساحة المعركة.

وتابعت الصحيفة حديثها عن مسلسل الأكاذيب والأخبار المضللة، الذي تشتهر به ليبيا، بلفتها إلى أن سيف الإسلام هو الآخر كان يكذب حين زعم في المقطع المصور أن الثوار الذين دخلوا طرابلس سقطوا في فخ، والدليل على ذلك هو نجاحهم بعد ذلك بساعات قليلة في اقتحام باب العزيزية، الذي يعتبر الحصن الحصين لوالده.

إلى هنا، أشارت الصحيفة إلى أن الثوار وقوات القذافي، على حد سواء، قاموا مراراً وتكراراً طوال فترة الستة أشهر الماضية بالمبالغة أو بالتحريف في قدراتهم وإنجازاتهم الخاصة بساحة القتال. ثم مضت الصحيفة تعقد مقارنة بين الأكاذيب التي تشهدها ليبيا وتلك الأكاذيب التي سبق وأن أحاطت بغزو العراق عام 2003، من جانب الأميركيين والعراقيين على حد سواء، وما تبعها من عواقب وخيمة. لكنها قالت إنه وعلى عكس الوضع في العراق، تؤخذ الأخبار المضللة في ليبيا أحياناً على محمل الهزل.