جاءت المشاهد التي بثتها شاشات التلفزيون لثوار ليبيا الأحرار وهم يتدفقون على العاصمة، طرابلس، أول أمس الاثنين، لتلقي بأصدائها الواسعة في كل أنحاء المنطقة العربية والعالم بأسره.

ولم ينتظر المتابعون لثورات الربيع العربي وقتاً طويلاً كي يشاهدون بأم أعينهم سقوط ثالث الأنظمة الحاكمة في إحدى البلدان العربية، بعد تونس ومصر. وتسود الآن نبوءات بأن يلقى الرئيس السوري المحاصر والمعزول بشكل متزايد، بشار الأسد، المصير نفسهالذي يواجهه القذافي الآن.

وهو السيناريو عينهالذي يرغب مئات الآلاف من اليمنيين أن يكرروه في بلادهم، التي تعتبر أكثر بلدان العالم العربي فقراً، بعدما بدأت الشرارة هناك، إثر انهيار نظام الرئيس المصري، حسني مبارك، في مطلع شباط/ فبراير الماضي.

وأوضحت في هذا السياق اليوم مجلة فورين بوليسي الأميركية أنه وبعد مرور ستة أشهر على التظاهرات الحاشدة والاشتباكات المسلحة، تكونت حالة من الجمود بين الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي يتعذر طرده على ما يبدو وبين قوى المعارضة الممزقة التي تصارع من أجل تشكيل حكومة انتقالية لإدارة العملية الديمقراطية في اليمن.

لكن مع الإعلان مساء يوم الأحد الماضي عن نجاح الثوار الليبيين في إحكام سيطرتهم على طرابلس، عاد شعور النشاط المنفعل والقدرة التي لا يسبر غورها مرة أخرى إلى صنعاء. وبدا أن أجواء الحماسة بدأت تموج في تلك الخيام التي تم نصبها في ساحة التغيير، تلك المنطقة الفقيرة مترامية الأطراف التي تعجّ بآلاف المتظاهرين الغاضبين.

في غضون دقائق، تجمعت حشود كبيرة من المواطنين اليمنيين حول شاشة عرض موجودة في منتصف الساحة لمتابعة الصور الضبابية لليبيين المبتهجين التي يتم بثها على الهواء مباشرةً عبر فضائية الجزيرة. وهي المشاهد التي ألهبت مشاعر اليمنيين، وجعلتهم يرددون شعارات تُحَفِّز على مواصلة مشوار الكفاح ضد نظام صالح.

وأكدت فورين بوليسي في هذا السياق أن النتيجة التي آلت إليها الأحداث المتلاحقة في ليبيا عملت بشكل أو بآخر على إحياء الانتفاضة التي يشهدها اليمن، التي يحتمل تعرضها لخطر التحول لانتفاضة مبتذلة، مع دخولها شهرها السابع.

وقد أعقب الدعوات التي تصم الآذان، والتي انطلقت قبل أشهر عدة،مطالبةً صالح بالرحيل سلسلة من الانشقاقات من جانب جنرالات كبار وأعضاء بارزين في الحكومة.

لكن الزخم الخاص بتلك الانتفاضة بدأ يشهد حالة من التراجع خلال الأشهر الأخيرة. وبدأت تتعرض حركة الشباب اليمني بصورة بطيئة لضربات من جانب زعماء القبائل الأقوياء وكذلك قادة الجيش الذين يتصارعون في ما بينهم من أجل السلطة.

ثم تابعت المجلة بقولها إن الأمور لم تتغير كثيراً منذ بداية حزيران/ يونيو الماضي، حين نُقِل صالح جواً إلى المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج بعد تعرضه لهجوم خلال وجوده في المسجد الموجود في المجمع الخاص به، ما أسفر عن إصابته بتشوهات وجرح عدد من مساعديه. لكن بعد مرور 3 أشهر تقريباً وخضوع صالح لعشر عمليات جراحية في وقت لاحق، يبدو أنه يتحضر الآن للعودة مرة أخرى إلى بلاده.

وختمت المجلة الأميركية حديثها بالقول إن معاودة صالح الظهور بهذا الشكل المفاجئ بثت روحًا جديدة لدى المتظاهرين، لكنها قد تؤدي بسهولة إلى نشوب حرب أهلية. وأضافت أنه وبغضّ النظر عن هوية الشخص الذي سيحكم اليمن مستقبلاً، فسيتعين عليه أن يتعامل مع ملفات عدة، يأتي في مقدمتها: تنامي الفراغ السياسي، وانهيار الاقتصاد بشكل سريع، واحتمالات الدخول في موجات أعمق من الفوضى.