أبلغت النائبة العراقية المستقلة صفية السهيل quot;إيلافquot; اليوم أنها دعت الرؤساء العراقيين الثلاثة طالباني والمالكي والنجيفي إلى منع السفير العراقي الحالي في تونس سعد الحيالي من مغادرة بغداد بعد حضوره مؤتمر القمة العربية، متهمة إياه بالضلوع في تهريب المتورط في اغتيال والدها المعارض السابق لصدام حسين الشيخ طالب السهيل في بيروت عام 1994.


صفية السهيل النائبة العراقية والناشطة النسوية

أسامة مهدي: قالت السهيل إنها طالبت الرؤساء الثلاثة للجمهورية جلال طالباني والحكومة نوري المالكي ومجلس النواب اسامة النجيفي بمنع مغادرة سفير العراق لدى تونس حاليًا والأردن سابقًا سعد الحيالي quot;لأنه مطلوب للقضاء بتهمة التورّط في اغتيال والدها الشيخ طالب السهيل، المعارض للرئيس العراقي السابق صدام حسين، في بيروت عام 1994.

وأضافت أن المحكمة الجنائية العليا كانت قد أصدرت قراراً عام 2009 على الحيالي بتهمة التورّط في اغتيال والدها. واشارت الى أنها ونيابة عن عائلة السهيل تطالب المالكي باعتباره رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية بمنع الحيالي من مغادرة البلاد وتسليمه إلى القضاء quot;لكونه متهمًا بقتل والدي طالب السهيلquot;.

ولم يتسنَ لـquot;إيلافquot; الاتصال بالحيالي لمعرفة موقفه من الاتهامات، التي توجّهها إليه النائبة السهيل بتسهيل هروب عوض فخري القائم بالأعمال العراقي السابق في بيروت والضالع في مؤامرة مخابرات صدام في اغتيال والدها، أو من طلبها بمنع مغادرته للعراق.

الحيالي في بغداد بحماية الدولة
وأوضحت السهيل أن quot;الحيالي حضر الى بغداد للمشاركة في القمة العربية التي اختتمت أعمالهاالخميس الماضي وتحت حماية الدولة العراقية، وأننا لم نثر الامر قبل القمة حرصًا منا على عدم التشويش على عقدهاquot;. وشددت على أن إلقاء القبض على الحيالي quot;هو من واجبات الحكومة واحترامًا للدستور والقضاء ودماء الشهداءquot;.

واستطردت النائبة في حديثها إلى quot;إيلافquot; قائلة: quot;إيمانًا منا بأن القمة العربية في بغداد ونجاحها هو نجاح للعراق والعراقيين، وجميعًا لم نصدر بياناً قبل أو خلال اجتماعات القمة في بغداد بخصوص فضيحة العراق بوجود ومشاركة السفير الهارب والمطلوب إلى العدالة سعد الحيالي ممثل العراق في تونس- تونس ثورة الياسمين والكرامة والعدالة والحقوق التي انطلقت منها الثورات العربية من اجل العدالة الإنسانية- ضاربين نحن بعرض الحائط مصداقية العراق وصورته كدولة امام المجتمع العراقي والتونسي والدولي بهذا الشكل من التمثيل العراقي من خلال نماذج لا تتناسب وتطلعات الشعوب وقيمها ومطالباتها بالعدالةquot;.

وأعربت عن استغرابها quot;من وجود السفير سعد الحيالي الهارب والمطلوب للعدالة من سنوات في اجتماعات القمة واشتراكه في اجتماعات ودعوات الرئيسين طالباني والمالكي ووزير الخارجية متنقلاً بينهم وأمام الملأ وشاشات التلفاز اظهرت ذلك، وهما (الرئيسان) اللذان من المفترض انهما حاميان الدستور والحقوق والعدالة للشعب العراقي، وخاصة حقوق الشهداء وعوائلهم، ونتساءل ألم يخجلا من الرئيس التونسي، ونحن جميعًا نسمع خطاب الرئيس المرزوقي الرائع الذي قدم فيه للمرة الاولى في تاريخ رئيس عربي اعتذاره لشعب واعتذاره للعراق وشعبه ولعوائل الشهداء لما قام به ارهابيون من الجنسية التونسية من عمليات ارهابية راح ضحيتها شهداء عراقيون في الوقت الذي كان يمثل العراق في تونس ويرافق الرئيس التونسي في لقاءاته واجتماعاته في بغداد وامام أنظار حماة الدستور والقانون سفير هارب من العدالة، وجميعهم يعرفون ذلك منذ سنوات وحتى الشعب بأننا نطالب منذ عام 2004 بالعدالة امام المحاكم وبشفافية كاملة امام الاعلامquot;.

وثائق رسمية عن القضية
وقد ابرزت السهيل الى quot;إيلافquot; وثائق عدة تشير الى صدور خطابات من المحكمة الجنائية العراقية ورئاسة مجلس الوزراء عن ضرورة القاء القبض على الحيالي. وتقول وثيقة صادرة من المحكمة في 17 ايلول (سبتمبر) عام 2009 باسم quot;مذكرة قبض وتحرquot;. (الى جميع اعضاء الضبط القضائي وافراد الشرطة وكل من تقع هذه المذكرة بين يديه: انكم مأذونون ومكلفون بالقبض على المتهم سعد جاسم شهاب احمد الحيالي ومحل اقامته في عمان ونوع جريمته وفق المادة القانونية 273 من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1999 المعدل).

اما الوثيقة الثانية فهي خطاب من مكتب رئيس الوزراء الى وزير الخارجية وتقول الوثيقة(وجّه رئيس الوزراء بسحب يد السفير سعد الحيالي استناداً الى ما جاء في كتاب المحكمة الجنائية العليا بالعدد 54 في 26-7-2009 ومذكرة القبض والتحري الصادرة بحقه وبالسرعة الممكنة).

اما الوثيقة الثالثة فهي خطاب quot;سري وشخصيquot; صادر من المحكمة الجنائيةquot; الى وزير الخارجية وتقول هذه الوثيقة(بناء على ما جاء في كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء سري وشخصي وعلى الفور في العدد 2224 في 17-9-2009 وتنفيذاً لقرار رئيس قضاة التحقيق في المحكمة الجنائية العليا المتضمن اصدار امر القبض والتحري بحق المتهم سعد جاسم شهاب احمد الحيالي السفير العراقي في عمان وفق المادة 273 من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1999 المعدل، راجين تنفيذه وارساله الينا مخفوراً وبالسرعة الممكنة .. التوقيع: رئيس قضاة التحقيق).

اتهام القضاء العراقي بالانتقائية
واضافت السهيل أنه quot;من المعيب بحق العراق الجديد وبعد تسع سنوات من التغيير أن نشعر كالأخرين من الضحايا بأن التعامل مع القضاء العراقي وقراراته انتقائي ومزاجي ومصلحي وغير مبدئي، سيؤدي الى تحرك جدي يقود الى دمار شامل للقضاء وهيبته واستقلاليته. كذلك من المعيب أن تبقى عوائل الشهداء تعاني الأمرّين من عدم التزام الجهات المسؤولة عن تنفيذ قرارات المحاكم والاستهانة بدماء الشهداء والاستخفاف بها وعدم الجدية بالتعامل مع مطالبات ومشاعر عوائلهم من قبل هرم السلطة العراقية التنفيذية، وأن نستمر في هذه المهزلة بأن نسمع شعاراتمثل القانون فوق الجميع، والمتهمون من القضاء ومنتهكو الحقوق يتنقلون بين الموائد والجلسات العامة والخاصة لكبار مسؤولي الدولةquot;.

سعد الحيالي

وأوضحت السهيل أن الحيالي كان موظفًا في وزارة الخارجية في عهد النظام السابق بوظيفة محاسب وتم الاستغناء عنه انذاك، ثم تم تعيينه وكيلاً لوزارة الخارجية العراقية بعد سقوط النظام السابق عام 2003 وبقي يشغل منصبه هذا لمدة ثلاث سنوات.

يذكر أن ملف الحيالي في وزارة الخارجية يشير الى أنه كان يعمل رئيسًا لقسم الحسابات في وزارة الخارجية، ثم اتهم بالمشاركة في المؤامرة التي هدفت إلى الاطاحة بصدام عام 1979، حيث احيل الى التقاعد، وافتتح له مكتباً للسياحة في بغداد حتى سقوط النظام عام 2003 حين عُيّن وكيلاً لوزارة الخارجية. لكن السهيل تشكك بهذا الملف متهمة الحيالي بتزويره.

الحيالي من سفارة العراق في عمان الى تونس
واشارت السهيل إلى أنه قد تم استدعاء الحيالي من قبل قاضي التحقيق في المحكمة الجنائية العليا المستقلة خلال وجوده بهذا المنصب ومثل امامها بعد تجاهله لطلبات عدة للمحكمة عندما كان وكيلاً لوزارة الخارجية ، وعند مثوله امام قاضي التحقيق تم تعريفه بالتهم الموجّهة اليه والى السفير عوض فخري (القائم بالاعمال العراقي في لبنان لدى ارتكاب جريمة قتل السهيل).

وفي هذه المقابلة لدى قاضي التحقيق وقع الحيالي على تعهد بالاستجابة لطلب المحكمةبتسليم المتهم الرئيسي بالقضية السفير عوض فخري، لكنه لم يلتزم بذلك، بل وبحسب المحكمة لم يحترم تعهده واستمر بتضليلها، وخلال تلك الفترة ما بين العامين 2005 و2006 عُيّن سفيراً للعراق في المملكة الاردنية الهاشمية.

وعند اصدار المحكمة قرارًا بأمر إلقاء القبض عليه ورفعه الى الحكومة لكونه موظفًا في الدولة كان في عمان، ولم يستجب لا هو ولا وزارة الخارجية لأي من القرارات التي صدرت بحقه من المحكمة الجنائية العليا المستقلة، وتم نقله مباشرة من الاردن عند انتهاء مهامه الى تونس من دون العودة إلى العراق ومن دون استلامه بحسب البروتوكول اوراق اعتماده من رئيس الجمهورية وحصل ذلك لمرتين، حيث سلم اوراق اعتماده إلى الرئيس المخلوع بن علي، وبعد اسبوع بدأت الثورة وسقط النظام والرئيس، مما تطلب تقديم اوراق اعتماد جديدة إلى الرئيس الجديد، وعلى الرغم من تحركاتنا في كل مفصل من تلك المفاصل على رئيس الجمهورية والوزراء ووزارة الخارجية، الا أنه أعفي من العودة إلى بغداد لعدم تعريضه للاعتقال، وكذلك باستثنائه من بروتوكول ملزم باستلام أي سفير اوراق اعتماده مباشرة من رئيس الجمهورية واللقاء مع رئيس الوزراء ايضاً قبل السفر للبدء بمهامه وكذلك باستثنائه من شرط العودة إلى العمل في وزارة الخارجية لسنة على اقل تقدير، بحسب قرار الوزارة الذي نفذ على السفراء والموظفين قبل التكليف بالتمثيل الخارجي في دولة اخرى.

وتساءلت النائبة مستغربة من يحمي الحيالي، وهو الذي سهل هروب عوض فخري الى خارج العراق، كما أنه لم يقم بتسليمه الى السلطات لدى زيارته له عندما كان سفيرًا في عمان، على الرغم من التعهد شخصيًا امام المحكمة بتسليمه. وكذلك استمراره بعدم احترام القانون وطلبات المحكمة بالتستر على الهارب وتجديد جواز سفره الدبلوماسي وارسال راتبه الشهري إلى مكان هروبه وتمكينه ومساعدته للهارب عوض فخري من ايجاد ملجأ له بحماية وحصانة الدولة العراقية من خلال تعيين ابنه قنصلاً للعراق في جدة في المملكة العربية السعودية.

رسائل إلى الرؤساء الثلاثة وكبار المسؤولين
واشارت السهيل الى أنها بعثت على مدى اليومين الماضيين رسائل رسمية عبر الهواتف الخاصة لكل من الرئيس طالباني ورئيس الوزراء المالكي ورئيس البرلمان اسامة النجيفي ورئيس وأعضاء لجنتي الأمن والدفاع والقانونية والخارجية في البرلمان، الى جانب عدد من الشخصيات السياسية من برلمانيين ووزراء ومكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق فاروق الاعرجي و لمفتش العام لوزارة الداخلية عقيل الطريحي،تطالب فيهابتنفيذ مذكرة المحكمة المستقلة قبل مغادرته، مستغربة دخوله البلاد من دون أي اجراء.

وكانت المحكمة الجنائية العراقية اصدرت في نيسان (ابريل) عام 2011 حكمًا بالإعدام على المُدانين في قضية اغتيال الشيخ طالب السهيل وهم: هادي حسوني وعبد الحسن المجيد وفاروق حجازي. كما حكمت أيضاً على محمد خضير صباح بالسجن 15 عاماً، فيما ألغيت التهم بحق سبعاوي إبراهيم الحسن (الأخ غير الشقيق لصدام) وطارق عزيز (نائب رئيس الوزراء السابق) في القضية نفسها.

وكانت الجلسة الأولى للمحكمة عقدت في الرابع من تشرين الاول (اكتوبر) عام 2009 بناء على الشكوى التي قدمتها النائبة صفية السهيل إلى المحكمة الجنائية العليا.