تعجّ الأسواق العراقية بالسلع الأميركية التي تباع بأسعار منخفضة رغم متانة صناعتها وجودتها العالية لأنها مصممة في الأساس للإستخدام العسكري وتتحمل الظروف القاسية. ويبتكر أحد التجار حكايات تروج لبضاعته الاميركية كاحتواء الصابون الذي يبيعه على مواد كيماوية تقي الجلد من أشعة الشمس.


مخلفات الجيش الاميركي في الاسواق الشعبية العراقية

بغداد: يحرص العسكري المتقاعد سليم مراد على الاحتفاظ بدرع للاستخدام العسكري اشتراه من سوق الهرج في كربلاء هو من مخلفات الجيش الأميركي في العراق حيث تسربت الكثير من العدد والمنتجات الجاهزة والملابس الى أسواق الخردة العراقية مع تزامن الانسحاب الأميركي.

ورغم ان سعيد يقول إن اقتناءه الدرع هو من اجل الذكرى وتوثيق حدث مهم مرّ به العراق وهو الاجتياح الأجنبي العسكري للعراق عام 2003 ، الا ان مواطنين عراقيين يشترون مخلفات الجيش الأميركي لأغراض الاستخدام الشخصي والتجارة.

وتعج أسواق الهرج في العاصمة العراقية بغداد والمدن الأخرى بأنواع السلع الأجنبية، من مخلفات الجيش الأميركي .

عشرة آلاف طن من العدد والمخلفات

وبحسب مصادر في الجيش الأميركي فانه تم التخلص من حوالى عشرة آلاف طن من العدد والمخلفات في العراق في عام واحد .

وتمكن تاجر الخردة ليث الطائي من اقتناء نحو مائة (جلكان ) من احدى قواعد الجيش الأميركي جنوب شرق مدينة الحلة ، حيث يبيعها في أسواق العدد المستعملة . ويؤكد ليث ان مواطنين عراقيين يقبلون عليها لاستخدامها في تخزين الوقود والمياه إضافة إلى استخدامات أخرى.

وبحسب الطائي فإن الكثير من السلع الأميركية تباع في الأسواق وبأسعار منخفضة، على الرغم انها صناعة متينة وذات جودة عالية لانها مصممة في الأساس للاستخدام العسكري حيث تتحمل الظروف البيئية القاسية وتقادم الزمن.

بيع الخردة

وفي تكريت (160 كلم شمال بغداد)، نجحت شركة الشفار لتدوير النفايات وبيع الخردة التي يديرها عراقيونفي توسيع نطاق عملها.

ويهرع كثيرون الى المنطقة قرب معسكر quot;سبايكرquot; الأميركي حيث توجد مخازن الشفار ، لشراء العدد الأميركية التي يحتاجونها.

ويقول ليث صباح احد ساكني مدينة تكريت انه يشتري البضائع من مخازن الشفار مثل الرافعات الشوكية والعجلات وعدد صناعية إضافة الى السياجات والإطارات والأسلاك وأجهزة الكمبيوتر وأدوات الطبخ، حيث يبيعها عبر أسواق الخردة الى المواطنين. وأصبح اقتناء العدد الأميركية في مناطق الموصل وتكريت وكركوك (شمال العاصمة بغداد) أمرا شائعا.

وفي منطقة الباب الشرقي و فضوة عرب في بغداد ، يروج كثيرون للبضائع الاميركية مثل المجلات والأقراص المدمجة وأجهزة الموبايل والحواسيب .

ويعرض الشاب ليث الطائي أغطية رأس (كاسكيتات) وسكاكين من مخلفات المعسكرات . ويؤكد الطائي ان اغلب المواطنين يحرصون على اقتناء هذه العدد للذكرى . كما يقبل الفتيان والشباب على شراء الساعات والعدد الرياضية والهواتف والحواسيب.

وتزهر تجارة الخردة في منطقة التاجي وهي إحدى ضواحي بغداد بشكل لافت للنظر حيث يتاجرمقاولون بالعدد والسلع عبر المزادات.

ويعرض أبو ياسر وهو بائع متجول في بغداد أقراصا مدمجة لألعاب وبرامج وأفلام جنسية تعود إلى جنود أميركيين اضافة الى افخر أنواع الصابون ndash; على حد قوله ndash; وبأسعار زهيدة .

ويبتكر ابو ياسر حكايات تروج لبضاعته منها ان هذا الصابون يحتوي على مواد كيماوية تقي الجلد من أشعة الشمس الحارقة ، كما يعالج اغلب أنواع الأمراض الجلدية.

وحتى العتاد العسكري وجد طريقه الى الاسواق، فقد اشترى ابو ليث ويسكن مدينة المحاويل ( 70 كلم جنوبي بغداد) أمشاط ذخيرة لبنادق ومسدسات.
وفي سوق الخردة في مدينة الشعب في بغداد تُعرض على الجمهور حاملات بنادق ، وخوذ عسكرية هي من مقتنيات الجيش الأميركي أيضا. وبحسب العقيد صلاح حسين الذي يعمل منسقا مع قاعدتين أميركيتين في العراق فإن الجيش الاميركي يفكك الهياكل الثابتة والعدد الثقيلة ويطرحها للبيع في مزادات حيث تجد طريقها الى أسواق الخردة .

عقود الصفقات

وبلغ عدد الجنود الأميركيين نحو مائتي الف في عام 2007 حيث كان العنف الطائفي يهدد الاستقرار في العراق. ومع انحسار الحرب الطائفية انتفت الحاجة الى الوجود الأميركي الكثيف .

ويحرص الكثير من تجار الخردة على الانتفاع من المخلفات العسكرية للأميركيين ، عبر وسطاء وضبّاط عراقيين يسهلون لهم إبرام عقود الصفقات .

ودخلت أجهزة التكييف والثلاجات والمبردات بعض البيوت والمنازل العراقية ، وكانت في السابق من مقتنيات الجيش الاميركي . واشترى الحاج ابو علي في بابل نحو اربعة مكيفات هواء من سوق الخردة .

ويقول ابو علي انه لم يكن يعرف ان مصدرها الجيش الاميركي عند شرائها ، لكن قراءة المعلومات على هياكل الأجهزة قادته الى معرفة ذلك .

وبحسب الخبير الصحي ليث جابر فان العراقيين لا يفحصون السلع الأميركية ، ما يتسبب في مشاكل صحية بيئية كبيرة لاسيما وان مصادر في الجيش الأميركي اعترفت انها ستترك عشرات الأطنان من المواد السامة في العراق .

ويقول سعيد الصافي وهو تاجر خردة إن المثير للدهشة ان العراقيين يحرصون على اقتناء تلك الاجهزة لاعتقادهم انها متينة وتدوم طويلا ، غير عابئين بمخاطرها الصحية .

ويضطر أبو ايمن وهو تاجر خردة الى السفر الى قواعد أميركية في الرمادي حيث نجح في شراء مكانس كهربائية وعدد صناعية وأطباق استقبال بث تلفزيون وانترنت وبأسعار زهيدة .

ومع اقتراب الانسحاب النهائي للقوات الأميركية فان المخلفات قد ارتفعت أسعارها بشكل كبير.

76 قاعدة عسكرية

ووصلت الخيام والأخشاب الأميركية الى عمق الصحراء حيث نصب ابو ضاري أربعة خيام وأحاط مرعى أغنامه بسياج متين وكلها من مخلفات الاميركيين. وبحسب إحصاءات فان البنتاغون خصص نحو 1 بليون دولار للإنشاءات العسكرية في العراق سنويا.

ويعسكر في العراق حوالى مئة وأربعين الف عسكري أميركي، يتوزعون على 76 قاعدة عسكرية.

ويؤكد تاجر الخردة سيف الدهان ان الاميركيين ألقوا متعمدين الكثير من العدد والسلع في الصحراء ، حيث استحوذ عليها الأهالي والتجار .

ودفع المزارع ابو حسين شمال الحلة الفي دولار اميركي ، هي ثمن قطع غيار لحفارة يمتلكها من (خردة ) الجيش الاميركي في الأسواق.

ويحرم بعض رجال الدين في العراق التعامل مع المقتنيات العسكرية الاميركية، بل وحتى السفارة الاميركية في بغداد ، منهم المرجع الديني قاسم الطائي الذي أصدر فتوى بذلك في عام 2011.