السفارة الاميركية في بغداد من داخل مجمعها

فيما تنتظر الدبلوماسيّة الأميركيّة والعراقيّة موافقة مجلس الشيوخ على ترشيح الرئيس باراك أوباما للمستشار الحالي في السفارة الأميركية في بغداد بريت ماك غورك سفيرًا لبلاده هناك، فقد أكد سياسي عراقي على علاقة به في حديث مع quot;إيلافquot; أن هذا المرشح يعتبر من المتحمسين لسياسات رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يشعر بالارتياح لهذه الخطوة التي جوبهت على الجانب الآخر بإمتعاض قادة الاكراد والقائمة العراقية.


قال السياسي العراقي الذي يرتبط بعلاقة مقربة من بريت ماك غورك الأربعيني من عمره إنه من المتحمسين لسياسات المالكي ويعتبر أن قراراته تسير في الاتجاه الصحيح في ما يخص الاوضاع العراقية والمشاكل السياسية التي تواجه البلاد.

وأضاف السياسي الذي فضل عدم ذكر اسمه أنه رغم السنوات الطويلة التي عمل فيها في العراق فإن غورك خبير بالشؤون العراقية وإن كان قليل الظهور، رغم أنه يرتبط بعلاقات مع اللاعبين الاساسيين على الساحة السياسية العراقية.

وأكد أن هذا الترشيح لم يلقَ ترحيباً من قادة الاكراد والقائمة العراقية وكذلك المجلس الاعلى الاسلامي الذين واجهوه بعدم الارتياح، لانهم يعتبرون غورك وبسبب تبنيه لسياسات المالكي غير محايد في ما يخص الخلافات بين الفرقاء العراقيين في وقت يخوضون فيه صراعات سياسية مع رئيس الوزراء العراقي حالياً تتصاعد فيها التراشقات السياسية بين ائتلافه من جهة، وبين تحالفي العراقية والكردستاني من جهة أخرى.

وأشار المصدر إلى أنّ ترشيح غورك سفيراً أميركياً جديداً في العراق يأتي في وقت تحرص الادارة الأميركية التي تواجه انتخابات رئاسية قريبة على عدم اثارة أزمات سياسية حادة في العراق في الظروف الراهنة قد تتسبب في انهيار تزعزع العملية السياسية في العراق أو انهيارها، وهي العملية التي ساهمت واشنطن في بنائها على مدى السنوات الثماني الماضية التي اعقبت حرب العراق وسقوط نظامه السابق ربيع العام 2003.

غورك أحد راسمي سياسات أوباما في العراق

بريت غورك

وأوضح المصدر أن مهمة غورك في العراق في حال موافقة مجلس الشيوخ على ترشيحه، وهو أمر وارد بقوة، ستتركز على قيادة العلاقات العراقية الأميركية في مرحلة ما بعد الاحتلال وانسحاب كامل القوات الأميركية من العراق والتي انتقلت فيها هذه العلاقات من التعاون العسكري الى التعاون السياسي والدبلوماسي والعلمي والتجاري والثقافي.

وقال إنه في هذا المجال فإن غورك سينكب على تطبيق اتفاقية الاطار الاستراتيجي بين البلدين التي وقعها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس الأميركي السابق جورج بوش في بغداد في التاسع عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2008.

وكان غورك شارك في العامين 2007 و 2008 بصفته مبعوثاً أميركياً في المفاوضات مع الحكومة العراقية حول اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية ووجود القوات الأميركية في العراق وتطبيع العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة بعد الانسحاب. وقد منح جائزة شرف من وزيرة الخارجية كونداليزا رايس على ما انجزه في هذا المجال، وهي أعلى جائزة يمكن أن تمنحها وزارة الخارجية لغير العاملين لديها.

ومنذ ذلك الوقت تم الاعتراف به من قبل المعلقين كواحد من صناع السياسة القلائل الذين أيّدوا تغييرات حاسمة لسياسة الولايات المتحدة، والتي أدت إلى تصاعد و تحسين الوضع في العراق. وقد شارك غورك في وضع سياسة أوباما في العراق وكان واحداً من ثلاثة فقط من موظفي مجلس الأمن القومي طلب منهم البقاء والعمل مع الإدارة الجديدة لأوباما.

وتضع هذه الاتفاقية كما نصت موادها اسساً quot;لعلاقات طويلة الأمد ودعم إنجاح العملية السياسية وتعزيز المصالحة الوطنية في إطار العراق الموحد الفيدرالي، وبناء اقتصاد متنوع ومتطور يضمن اندماج العراق في المجتمع الدوليquot;.

وتؤكد أن مثل هذه العلاقة الطويلة الأمد في المجالات الاقتصادية والدبلوماسية والثقافية والأمنية من شأنها أن تساهم في تعزيز وتنمية الديمقراطية في العراق، إضافة الى تأمين قيام العراق بتحمل كامل المسؤولية عن أمنه، وعن سلامة شعبه والمحافظة على السلام داخل العراق وبين بلدان المنطقة.

وتتضمن هذه الاتفاقية 11 قسماً ترسم مسار العلاقة المستقبلية بين الدولتين اللتين تستند علاقة الصداقة والتعاون فيهما إلى الاحترام المتبادل، والمبادئ والمعايير المعترف بها للقانون الدولي، وإلى تلبية الالتزامات الدولية، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ورفض استخدام العنف لتسوية الخلافات.

وتنقل الاتفاقية العلاقات بين البلدين من التعاون العسكري الى التعاون السياسي والدبلوماسي والأمني والثقافي والصحي والبيئي، إضافة الى التعاون في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والقانون والقضاء. كما تنص على تشكيل لجان تنسيق عليا مشتركة لمراقبة التنفيذ العام لهذه الاتفاقية وتطوير الأهداف المتفق عليها وتجتمع بصفة دورية وتشمل ممثلين عن الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة.

أوباما رشح غورك صاحب الخبرة الدبلوماسية الواسعة

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما اعلن الاثنين الماضي أنه رشح دبلوماسياً له خبرة كبيرة، وهو عضو سابق في فريق الامن القومي في عهد سلفه الرئيس الجمهوري جورج بوش، لمنصب سفير الولايات المتحدة في بغداد.

وسيكون غورك، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة ونيكتيكت والدكتوراه من جامعة كولومبيا، في حال أقر مجلس الشيوخ تعيينه، اول سفير أميركي يقيم في العراق منذ انسحاب آخر جندي أميركي من البلاد في كانون الاول (ديسمبر) الماضي بعد تسعة اعوام على غزو البلد من قبل تحالف أميركي بريطاني.

وحسب البيت الابيض، فإن غورك يشغل حتى الآن منصب مستشار لدى سفير الولايات المتحدة الحالي في العراق جيمس جيفري الذي عينه أوباما في حزيران (يونيو) العام 2010 في هذا المنصب ونال مصادقة مجلس الشيوخ بعد شهرين من تعيينه.

وقبل ذلك، عمل غورك مستشاراً رفيع المستوى للسفيرين الأميركين السابقين في بغداد رايان كروكر وكريستوفر، حيث اتاح له طول عمله في العراق خبرة سياسية واسعة في الشؤون السياسية العراقية وخفاياها.

وعمل غروك في مجلس الأمن القومي في الفترة ما بين 2005 و2009 مديراً لشؤون العراق وقبل العام 2005 شغل منصب المستشار القانوني لسلطة التحالف الاقليمية وللسفارة الأميركية في بغداد. كما عمل زميلاً للشؤون الدولية في مجلس العلاقات الخارجية وزميلاً في معهد هارفارد للسياسة.. وفي الفترة الممتدة من 2001 الى 2002 عمل موظفاً قانونياً في مكتب رئيس قاضي المحكمة العليا وليام رينكويست.

وخلال فترة وجوده في العراق منذ العام 2003 ، فقد شغل غورك مستشاراً قانونياً لسلطة الائتلاف الموقتة، وبعد ذلك في السفارة الأميركية في بغداد برئاسة السفير جون نيغروبونتي، حيث ساهم في بناء الإطار القانوني للانتخابات في العراق وكان مشاركاً رئيسياً في التفاوض على الدستور العراقي الذي تمت المصادقة عليه في استفتاء شعبي أواخر العام 2005.

وخلال ادارة الرئيس جورج بوش، خدم ماك غورك كمدير لملف العراق وبعد ذلك استلم منصب المساعد الخاص للرئيس والمدير الأقدم لشؤون العراق وأفغانستان. ومن هذا المنصب أشرف غورك على جميع جوانب سياسة الولايات المتحدة المتعلقة بالحرب. وكان أحد المشاركين في استعراض سياسة الولايات المتحدة الاستراتيجية في العراق العام 2006 ، والتي أدت إلى زيادة عدد القوات الأميركية الى العراق واجراء تغييرات كبيرة على استراتيجية الولايات المتحدة في العراق.