لميس فرحات: تعلمت الولايات المتحدة درساً صعباً وبتكلفة عالية في السنوات الأخيرة، وهو أن للإرهاب أشكالاً كثيرة، ومن مصادر غير متوقعة.
وعبرت حكومة الأكوادور من جديد الخط الفاصل بين السياسات غير المسؤولة والأعمال التي تحركها الأيديولوجيا، ما أدى إلى فرض مشكلة أمنية خطرة، ليس فقط بالنسبة إلى مواطنيها، بل أيضاً لنصف الكرة الأرضية الغربي بكامله.
الفوضى في سياسات الهجرة في الإكوادور سمحت للمنظمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية والجماعات الإرهابية - بما في ذلك تنظيم القاعدة ربما - باستخدام البلاد كقاعدة للعمليات بهدف رئيس متمثل في إلحاق الضرر بالولايات المتحدة.
في شهر حزيران/يونيو من عام 2008، فتحت الحكومة الإكوادورية حدودها للأجانب، وألغت شروط الحصول على تأشيرة دخول لأراضيها. أدى هذا القرار إلى فتح الباب على مصراعيه للمواطنين من أفريقيا والشرق الأوسط، وآسيا (على سبيل المثال: أفغانستان، الصين، أريتريا، أثيوبيا، العراق، إيران، كينيا، نيجيريا، كوبا، باكستان، والصومال).
ووفقاً لإحصاءات خاصة أجراها المكتب الوطني للهجرة في الاكوادور في عام 2006 (قبل التغيير في السياسة) دخل البلاد 92 باكستانياً، ثم 178 في العام 2008، وارتفع مجدداً في العام 2010 ليصل إلى 518 باكستانياً. وتشير هذه الأرقام إلى زيادة قدرها 550 في المئة في 4 سنوات.
في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;فورين بوليسيquot; إلى أن السجلات تظهر أن أعداداً كبيرة من هؤلاء المهاجرين يدخلون إلى الإكوادور للحصول على الجنسية، وبالتالي يتمكنون من السفر بحرية في كل أنحاء أميركا اللاتينية وأخيراً إلى الولايات المتحدة من دون إثارة الشك بسبب جنسياتهم الأصلية.
ويعتمد هؤلاء طرق عديدة للوصول إلى الأميركتين، وتكون المحطة الأولى في كوبا أو فنزويلا، والبلدان التي لديها ضوابط هجرة غير موضوعية إلى حد كبير. وعادة ما تكون الرحلة على شكلين: إما باكستان / أفغانستان، إيران، فنزويلا ثم الإكوادور، أو الصومال، دبي، روسيا، كوبا ثم الإكوادور.
ووفقاً لبرقيات دبلوماسية أميركية، تم تنبيه السلطات الإكوادورية في عام 2009 من قبل مختلف وكالات المخابرات الدولية عن هذا الخداع. ومع ذلك، لم يكن حتى منتصف عام 2010 عندما بدأت الحكومة مرة أخرى بإدارة سياساتها المتعلقة بالهجرة. بعد ذلك، قامت الحكومة الاكوادورية ببعض التعديلات في سياسة تأشيراتها لرعايا بعض البلدان التي تعتبر الأخطر.
مع ذلك، فإن بعض التقارير تشير إلى أنه على الرغم من هذا التغيير، فقد وضعت مجموعات المهاجرين البنية التحتية الجنائية الكافية للحفاظ على أدائها بشكل مستقل. واعتمدت هذه العصابات على أساليب عدة لتجاوز ضوابط أكثر صرامة للهجرة، إذ باتت متخصصة بتزوير وثائق السفر والتأشيرات، وشهادات الميلاد، وتصاريح إقامة وهمية تؤدي في نهاية المطاف إلى الحصول على جواز سفر بطريقة غير مشروعة.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما يثير قلق أمن الولايات المتحدة هو الحال بالنسبة إلى مواطني دول العالم الثالث الذين يدخلون الاكوادور حاملين جوازات سفر صادرة من إيران، كوبا، فنزويلا، وغيرها من البلدان التي يدخل رعاياها إلى الاكوادور من دون تأشيرات دخول.
يتجلى خطر هذه الشبكات الإجرامية من قبل اثنين من الأمثلة: في عام 2011 أجري تحقيق من قبل ملحق تحقيقات الأمن الداخلي في الولايات المتحدة في (كيتو ndash; الإكوادور) وشعبة ميامي من مكتب التحقيقات الفدرالي وشرطة الاكوادور الوطنية.
أدت العملية إلى اعتقال عرفان الحق، وهو مواطن باكستاني، كان ينفذ quot;عمليات تهريب البشر من كيتو- الإكوادور إلى الولايات المتحدة، من ضمنهم فرد يشتبه في أن يكون عضواً في حركة طالبان الباكستانيةquot; وفقاً لدائرة الهجرة والجمارك الأميركية.
أما المثل الثاني فتمثل في إلقاء القبض على يائي داويت بـ quot;جاك فلوراquot;، وهو أهم مهرّب للبشر في أفريقيا، ومرتبط بخلايا مختلفة من تنظيم القاعدة في شرق أفريقيا، مما يشير إلى أن مدن الإكوادور باتت quot;محاورquot; للإرهابيين والمجرمين العابرين للحدود. هذه الحالات لا تضيء فقط على جريمة الاتجار بالبشر، لكنها تبيّن أيضاً التمويل المستمر للأنشطة الإرهابية والإجرامية.
ونقلت الـ quot;فورين بوليسيquot; عن مساعد المدعي العام الأميركي لاني بروير من الشعبة الجنائية، قوله ان quot;هؤلاء يسعون إلى تحقيق الربح المالي، وعلى استعداد لتعريض سلامة وأمن الشعب الأميركي للخطر الشديد. ونحن نواصل العمل بشكل وثيق مع شركائنا في تطبيق القانون في الداخل والخارج لمكافحة هذا التهديد الخطرquot;.
التعليقات