إنحازت الغالبية العظمى من القراء في استفتاء إيلاف الأسبوعي إلى فكرة المرشح الليبرالي للرئاسة، حيث رأى 62.78% من المشاركين أن شخصية ليبرالية هي الأفضل لقيادة مصر، بينما أيّد 16.14% مرشحاً من النظام السابق، فيما جنح 13.62% لمرشح إخواني، وإنحازت الأقلية إلى مرشح سلفي.


قراء إيلاف يستبعدون الإسلاميين والفلول لمصلحة الليبراليين

صبري حسنين من القاهرة: عندما اندلعت ثورة 25 يناير 2011، لم يكن هناك أحد يمكنه أن يميّز ما بين الملايين من المصريين المشاركين فيها. كان الجميع منصهراً ومتوحداً تحت راية هدف واحد، ألا وهو إسقاط النظام، ولكن بعد 11 فبراير من العام نفسه، عندما تنحّى الرئيس السابق حسني مبارك، طفت على السطح الخلافات الأيديولوجية، وصار هناك ما يعرف بالتيار الإسلامي بقيادة جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، والتيار الليبرالي، وهما كتلتان تندرج تحت كليهما فصائل سياسية مختلفة، إضافة إلى الطرف الثالث، الذي كان يشار إليه دائماً بالبنان عند وقوع أي حدث جلل مثل الفتنة الطائفية أو أحداث عنف كبيرة، إنه quot;فلول النظام السابقquot;. وصارت التيارات الثلاثة تتنافس بقوة على السلطة، بدءًا من البرلمان ومروراً باللجنة التأسيسية للدستور، وانتهاء بالإنتخابات الرئاسية.

مرشح ليبرالي
بلغت ذروة المنافسة بين التيارات الثلاثة في الإنتخابات الرئاسية التي بدأت في 8 آذار/مارس الماضي، بفتح باب التقدم للترشح، على أن تعلن النتائج النهائية في 21 يونيو/حزيران المقبل، ولم تكن quot;إيلافquot; بعيدة عن تلك المنافسة، حيث ترصّدتها إعلامياً من خلال التقارير والمقابلات والتحقيقات، ولكنها هذه المرة رصدتها من خلال مشاركة القراء، حيث طرحت على قرائها سؤالاً، هذا نصه: quot;أي من المرشحين تراه مناسبًا لقيادة مصر بعد الثورة؟quot;، وقدمت لهم أربعة خيارات تمثل التيارات المتنافسة quot;مرشح من الإخوان.. مرشح من النظام السابق.. مرشح ليبرالي.. مرشح سلفي؟quot;.

شارك 8782 قارئاً في الاستفتاء، وانحازت الغالبية العظمى منهم إلى المرشح الليبرالي، حيث رأى 5513 قارئاً، أي بنسبة 62.78% من المشاركين، أن شخصية ليبرالية هي الأفضل لقيادة مصر في مرحلة ما بعد الثورة، بينما أيّد 1417 قارئاً، بنسبة 16.14%، مرشحاً من النظام السابق، فيما جنح 1196 قارئاً، بنسبة 13.62% لمرشح إخواني، وإنحازت الأقلية إلى مرشح سلفي، وبلغ عددها 656 قارئاً، بنسبة 7.47% من إجمالي المشاركين.

أبزر المتنافسين
تتنافس مجموعة من الشخصيات التي تمثل مختلف التيارات السياسية في الإنتخابات الرئاسية، وتنقسم إلى مجموعات عدة، تتبع كل منها لتيار أو فصيل سياسي، وهم: الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة ممثلاً لجماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى المهندس خيرت الشاطر الذي صدر قرار من اللجنة العليا للإنتخابات باستبعاده، نظراً إلى صدور حكم قضائي بحقه في عهد النظام السابق، والشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل ممثلاً للتيار السلفي، ولكنه لن يستطيع مواصلة السباق، بعد استبعاده من الماراثون بسبب حصول والدته على الجنسية الأميركية.

ينضم مرشحون آخرون إلى التيار الإسلامي، وهم: الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح النائب السابق للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، لكنه انشق عنها، ورفضت تأييده أو دعمه، وينظر إليه على أنه مرشح لتيار الثورة أو الليبرالي، إضافة إلى الدكتور محمد سليم العوا، الذي يعتبر مفكراً إسلامياً، لكنه غير محسوب على فصيل إسلامي بعينه.

غير أنه بعد استبعاد أبو اسماعيل صار أبو الفتوح أكثر قوة، لاسيما أنه يحظى بتأييد الإسلاميين والليبراليين وشباب الثورة معاً. وتمثل الشخصيات التالية التيار الليبرالي والثوري: النائب السابق حمدين صباحي زعيم حزب الكرامة، والناشط الحقوقي خالد علي، والنائب في البرلمان أبو العز الحريري التيار الليبرالي والثوري، بينما تمثل ثلاث شخصيات تيار الفلول، وهم: الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء أثناء الثورة، عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية، وأحد وزراء الخارجية البارزين في عهد مبارك، إضافة إلى اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات السابق ونائب الرئيس أثناء الثورة، غير أن سليمان صدر قرار باستبعاده من الترشح.

المصريون ليبراليون
ووفقاً للمرشح الرئاسي النائب أبو العز الحريري فإن الأفضل لقيادة مصر في المرحلة الحالية هو شخصية ليبرالية. وقال الحريري لـquot;إيلافquot; إن المصريين بطبعهم ليبراليون، لأنهم بطبعهم يعتنقون الإسلام الوسطي، ولا يميلون إلى التطرف أو التشدد الذي يمثله التيار السلفي، وفي الوقت نفسه لا يميلون إلى إقحام الدين في السياسة أو توظيف الدين من أجل الحصول على مكاسب سياسية كما هو الحال مع جماعة الإخوان المسلمين.

مشيراً إلى أن المصريين أيضاً يرفضون الفلول، والدليل أن الشعب أصدر قراراً بالعزل السياسي بحق الفلول في الإنتخابات البرلمانية. وأضاف الحريري، الذي يعتبر أبرز رموز التيار الليبرالي في مصر، إن حصول الإسلاميين، لاسيما الإخوان والسلفيين على الغالبية ليس مؤشراً إلى فوزهم بالإنتخابات الرئاسية، موضحاً أنهم منقسمون بشأنها، فضلاً عن أنهم ارتكبوا العديد من الأخطاء التي ضربت مصداقيتهم في العمق، وخصمت الكثير من رصيدهم لدى الشارع.

هوية إسلامية
على النقيض من الحريري، يرى علي عبد العال القيادي في التيار السلفي أن مصر ذات هوية إسلامية، مشيراً إلى أن المصريين اختاروا الحفاظ على تلك الهوية، منذ الإستفتاء على الإعلان الدستوري في مارس 2011.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أن المصريين اختاروا الهوية الإسلامية عندما منحوا الإسلاميين الغالبية في انتخابات مجلس الشعب، ثم انتخابات مجلس الشورى، لافتاً إلى أن المصريين أظهروا بوادر على أنهم سوف ينتصرون للهوية الإسلامية في الإنتخابات الرئاسية، عندما منحوا المرشح السلفي حازم أبو اسماعيل جماهيرية واسعة، وكان هو الأعلى بين المرشحين من حيث التوكيلات، حيث تقدم للجنة العليا للإنتخابات بـ151 ألف توكيل، رغم أن القانون يشترط 30 ألفاَ فقط، بل تقدم بتوكيلات من 45 نائباً في البرلمان، وجمع بين الاثنين، رغم أن القانون يشترط أحدهما فقط، لكنه تعرّض لمؤامرة، اشترك فيها العسكر وأميركا من أجل حرمانه من خوض السباق الرئاسي، بدعوى أن والدته تحمل الجنسية الأميركية.

الإستقرار
في الجانب الثالث، يرى محمد رضا عضو الحملة الإنتخابية للمرشح الفريق أحمد شفيق المحسوب على الفلول أن المصريين يبحثون عن الإستقرار بعد الثورة، مشيراً إلى أنهم ملوا من الإنفلات الأمني وتدهور الأحوال الإقتصادية.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أن تصويت المصريين في الإنتخابات البرلمانية للإسلاميين لا يعني أنهم يفضلونهم على غيرهم من المرشحين، منوهاً بأن التصويت جاء في أعقاب الإطاحة بالنظام السابق، لمنح الإخوان الذين تعرّضوا للإضطهاد طويلاً، الفرصة لإثبات حسن نواياهم، لكنهم لم يكونوا على قدر الثقة، وارتكبوا الكثير من الأخطاء، وحاولوا الإستحواذ على السلطة في البلاد وإعادة إنتاج الحزب الوطني المنحل، ولكن في صورة إسلامية.

ورفض رضا القول إن ترشح شفيق وسليمان وموسى إعادة إنتاج للنظام السابق، وأوضح أن النظام السابق إنهار وقضي عليه تماماً، ولا يستطيع أي كائن من كان أن يعيد إنتاجه مرة أخرى، لأن الظروف تغيرت، ولم يعد المصريون يقبلون بغير الديمقراطية والحرية، لاسيما بعدما قتلوا الخوف في نفوسهم، وهم الآن يبحثون عن الإستقرار بعيداً عن التصريحات العنترية والشعارات الجوفاء.

نتائج طبيعية
من جانبه، يرى الدكتور خالد محمود أستاذ إستطلاعات الرأي في جامعة القاهرة أن إنحياز قراء إيلاف للمرشح الليبرالي نتيجة طبيعية أو متوقعة، لأن quot;إيلافquot; جريدة ليبرالية، وبالتالي فغالبية قرائها من الليبراليين، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن هناك العشرات من إستطلاعات الرأي تجري على المواقع الإلكترونية للأحزاب والجهات البحثية، وتذهب النتيجة لمصلحة المرشح الذي يعبّر عن هوية تلك الجهة التي تتبنى الإستفتاء.

وأوضح أن حزب النور السلفي يجري إستطلاعات وإستفتاءات حول مرشحي الرئاسة، ودائماً ما تكون النتيجة لمصلحة المرشح السلفي حازم صلاح ابو أسماعيل. ولفت إلى أن مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية يجري استطلاعات للرأي بصفة شهرية وأسبوعية، ودائماً تأتي النتائج لمصلحة المرشح عمرو موسى أو المرشح أحمد شفيق.

وفي آخر أستطلاع للرأي جاءت النتيجة لمصلحة المرشح عمر سليمان، بعد إعلان ترشحه للرئاسة، مرجعاً ذلك إلى أن المركز مؤسسة حكومية، وبالتالي فإن غالبية المشاركين في الإستطلاع هم ممن لديهم ميول للنظام السابق. واستبعد محمود تدخل تلك الجهات في الإستفتاءات أو الإستطلاعات أو التأثير في نزاهتها.