اللورد أحمد

نضير أحمد من صنّاع التاريخ السياسي البريطاني، لأنه أول مسلم يحصل على مقعد في مجلس اللوردات. لكنه يخوض في مياه عكرة هذه الأيام بعدما اتهم بعرضه جائزة ضخمة لمن يقبض على الرئيسين أوباما وبوش. ورغم أنه ينفي الاتهام، فإن آفاق مستقبله السياسي لا تبدو مشرقة.


لندن: فاجأ أول بريطاني مسلم يحصل على مقعد في مجلس اللوردات في ويستمنستر الدوائر السياسية والإعلامية بإعلانه في مسقط رأسه باكستان عن منح جائزة قدرها 10 ملايين جنيه (16 مليون دولار) لمن يلقي القبض على الرئيسين باراك اوباما وجورج دبليو بوش، وفق ما تناقلته الصحافة البريطانية.

وفور وصول النبأ الى لندن، أعلن laquo;حزب العمالraquo; تعليق عضوية نضير أحمد (54 عامًا) الذي صنع التاريخ في 1998 (وهو في الأربعين من عمره) عندما صار أول مسلم يحصل على مقعد في مجلس اللوردات وأصبح يعرف باسم laquo;البارون أحمدraquo; أو laquo;اللورد أحمدraquo;.

وقالت أنباء إن اللورد قدم هبته تلك في مؤتمر محلي في هاريبور، شمال شرق باكستان، خلال زيارة له إلى البلاد. وفورًا، قال ناطق باسم حزب العمال البريطاني الذي ينتمي اليه، في بيان لوسائل الإعلام، إن الحزب قرر تعليق عضويته الى حين انتهاء التحقيقات في الأمر. وأضاف قوله: laquo;في حال صحت الأنباء فإن الحزب يعتبرها مرفوضة ويدينها بالكاملraquo;.

وكانت صحيفة laquo;اكسبريس تريبيونraquo; الباكستانية قد أوردت أن اللورد أحمد قدم هبته تلك في ردة فعل على الأعمال العسكرية الأميركية داخل باكستان وخصوصًا غارات لطائرات الدرون على المناطق الجبلية المدنية الاسبوع قبل الماضي، وأيضًا على جائزة وهبتها واشنطن لمن يقبض على باكستاني متهم بالإرهاب.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت عن جائزة قدرها 10 ملايين دولار لمن يقود للقبض على حافظ محمد سعيد، زعيم جماعة laquo;لشكر طيبةraquo; الأصولية التي يعتبرها الغرب أكبر جماعة إرهابية في عمروم جنوب آسيا. ويسود اعتقاد أن هذه الجماعة هي التي تقف وراء الهجوم الدامي الواسع النطاق على مدينة مومباي الهندية في 2008. وقد أودى هذا العمل بحياة 166 شخصًا في مختلف فنادق المدينة ومحطات قطاراتها.

ووفقًا للأنباء الواردة من هاريبور فقد قال اللورد أحمد: laquo;إذا كانت الولايات قد أعلنت عن جائزة 10 ملايين دولار للقبض على حافظ محمد سعيد، فأنا من جهتي أعلن عن جائزة قدرها 10 ملايين جنيه استرليني (أكثر من مرة ونصف الجائزة الأميركية) للقبض على الرئيس باراك اوباما وسلفه الرئيس جورج بوشraquo;.

وأضاف اللورد، في لقاء له مع كبار رجالات الدولة والأعمال الإقليميين في المدينة الباكستانية - بمن فيهم وزير التعليم ووزير اتحادي سابق للخارجية - يوم الجمعة الماضي، أنه سيدبّر هذا المبلغ بأي شكل كان laquo;حتى وإن كان هذا يعني بيع سائر ممتلكاتي بما فيها منزليraquo;.

وكانت الولايات المتحدة قد عرضت جائزتها لاعتقال سعيد قبل أسبوعين بعدما وصفته بـlaquo;سلوك استفزازي منهraquo; يشمل تنقله بحرية على الأراضي الباكستانية وظهوره المتكرر على شاشات التلفزيون. وجاء هذا على الرغم من إماطة اللثام عن وثائق عثرت عليها القوات الأميركية في مجمع أسامة بن لادن (حوالي 30 كيلومترًا الى الشمال من هاريبور) وأظهرت أن زعيم laquo;القاعدةraquo; متورط في هجوم laquo;لشكر طيبةraquo; على مومباي.

وورد في بيان حزب العمال الذي أصدره بشأن تعليق عضوية اللورد أحمد: laquo; كما ينبغي لها، فإن الأسرة الدولية تفعل ما بوسعها وصولاً الى تحقيق العدالة لضحايا الهجوم على مومباي ولوقف سائر أشكال العمليات الإرهابيةraquo;.

لكن اللورد نفسه نفى أن يكون قد عرض جائزة لمن يلقي القبض على الرئيسين اوباما وبوش. وقال إنه تحدث في اجتماعه في هاريبور عن ضرورة laquo;محاكمة كل من بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير عن جرائم حربraquo;. وأضاف من مقره في باكستان عبر وكالة laquo;برس اسوشييتشنraquo; أنه يتحدى حزب العمال أن يقدم أي مبرر لتعليق عضويته.

وقال: laquo;إن الأمر برمته مفاجأة بالنسبة لي. لم أتفوّه بأي كلمات تعني جائزة لمن يلقي القبض على الرئيسين الأميركيين. نعم قلت إن جرائم حرب ارتكبت في العراق وأفغانستان وأن الدلائل ضد بوش وبلير واضحة ودامغة كونهما خاضا حربين غير قانونيتين ويجب أن يواجها العدالة بشأنهماraquo;.

واللورد أحمد ليس جديدًا على صناعة الأخبار. ففي 2007 أحدث صدمة وسط العلمانيين وغيرهم عندما أدان الملكة اليزابيث الثانية لمنحها لقب laquo;فارسraquo; للكاتب المسلم الهندي الأصل سلمان رشدي (صاحب رواية laquo;آيات شيطانيةraquo;) قائلاً إن laquo;يديه ملطختان بالدماءraquo;.

حافظ محمد سعيد

وفي 2009 أدانته محكمة بريطانية بالقيادة الخطيرة بعدما أدى انهماكه في إرسال واستقبال رسائل SMS على هاتفه المحمول الى حادث مرور قاتل على إحدى الطرق السريعة. وصدر بحقه حكم بالسجن 12 اسبوعًا، فاستأنف ضده ونجح في الحصول من محكمة الاستئناف على تعليق الحكم مشروطًا بحسن السير والسلوك.