اختار الرئيس المرشح نيكولا ساركوزي أن يتطرق لسؤال الهجرة بموجب حملته الانتخابية للرئاسة من زاوية الهجرة الجزائرية، فقد حان الوقت لإعادة النظر في الاتفاقيات التي تجمع بين البلدينمنذخمسين سنة بعد الاستعمار، وذلك لأجل تحقيق هدفه في خفض عدد المهاجرين الوافدين على فرنسا إلى النصف.

سيقلّص نيكولا ساركوزي إن أعيد انتخابه لعهدة ثانية عدد المهاجرين الذين تستقبلهم فرنسا كل سنة إلى النصف

باريس: يتوخى ساركوزي إن أعيد انتخابه لعهدة ثانية من خلال هذه العملية أن يقلّص عدد المهاجرين الذين تستقبلهم فرنسا كل سنة إلى النصف، في محاولة منه أن يقدم إجابات شافية حول موضوع الهجرة وبالتالي يؤكد لكتلته الناخبة خصوصًا منها تلك القريبة من اليمين المتطرف أنه جاد في سياسته حول الهجرة عكس ما يسعى أن يسوقه ضده اليمين المتطرف.

اختيار الرئيس المرشح لموضوع الهجرة الجزائرية، حسب صحيفة لموند، لم يكن بالصدفة، فباريس والجزائر تجمعهما اتفاقيات بهذا الخصوص تعود إلى سنة 1968، وتمتع المهاجر الجزائري بعدد من الامتيازات لا يحظى بها مثلاً نظراؤه في الدول المجاورة.

الصحيفة تقدم مثلاً بكون المهاجر غير الشرعي الجزائري إن كان عازبًا وقضى ما يزيد عن عشر سنوات في بلد شارل دوغول فهذا الأمر يمكنه من تسوية وضعيته، أما في حالة زواجه من فرنسية أو مقيمة في فرنسا تحدد المدة بخمس سنوات.

وهي الامتيازات التي لايحظى بها مثلا المهاجر المغربي، الذي لا تمنحه المدة التي قضاها على التراب الفرنسي الحق في تسوية وضعيته حتى وإن بلغت العشر سنوات،و في حالة ما إذا دخل بطريقة شرعية إلى فرنسا وأراد الزواج من فرنسية أو مقيمة في فرنسا، يكون مطالبًا بالعودة إلى بلده ويقوم بإجراءات التأشيرة وفقًا لذلك وهو ما يُرفع عن المهاجر الجزائري.

الاختلاف الفرنسي الجزائري حول سؤال الهجرة

لكن ساركوزي لم يذكر المفاوضاتالتيسبق أنأجراها مع المسؤولين الجزائريين ولم تكن النتيجة بالشكل الذي كان يتصوره وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان الذي زار الجزائر قبل مدة لهذا الغرض دون أن يحمل معه النتائج المتوخاة حتى لا نقول إنه عاد quot;بخفي حنينquot;.

السلطات الجزائرية أظهرت مقاومة خاصة لهذا المشروع، وأكد وزير خارجيتها وقتها، مراد مدلسي، أن بلاده مصرة على الحفاظ على اتفاقية 1968، معتبرًا إياها quot;ميزة العلاقات التاريخية الخاصة مع الفرنسيينquot;.

أوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن quot;هدف الجزائر هو التوصل إلى اتفاق على أساس اتفاقية 1968، بإضافة بعض البنود لتسهيل إقامة الجالية الجزائرية في فرنسا وشروطها التي يحكمها حاليًا القانون العام الفرنسيquot;، كما اعتبر أن quot;اتفاق 1968 مكسب لا رجعة فيهquot;.

كانت الحكومة الفرنسية اليمينية في أول حربها على الهجرة عندما كان أحد أوفياء ساركوزي على رأس وزارة الداخلية الفرنسية، بريس أورتفو، شددت إجراءات الحصول على التأشيرة بالنسبة لرجال الأعمال الجزائريين وهو ما عكر حينها أجواء العلاقات الفرنسية الجزائرية.

وإن ترددت الحكومة الجزائرية في إصدار موقف في وقت مبكر من هذا القرار إلا أن كاتب الدولة المكلف بالجالية عاد في الأخير ليصف هذه الإجراءات بالتمييزية، فيما سارع حزب النهضة الإسلامي الذي كان يعتبر أحد مكونات الائتلاف الحكومي إلى الرد مستعملاً لهجة شديدة بدعوة المسؤولين السياسيين في بلده إلى التعامل بالمثل مع باريس التي اتهمها بكونها quot;عادت لتخرق الأعراف الدبلوماسيةquot;.

ملولي: مراجعة الاتفاقيات يجب أن تراعي مصالح البلدين

قال الناشط السياسي الفرنسي من أصل جزائري أكلي ملولي إن quot;ساركوزي لم ينتبه حتى اليوم بكون قانونه حول الهجرة لا يعني الجزائريين نظرًا للاتقافيات الثنائية التي تجمع بين البلدين. فالفصل 55 من الدستور يقول إن الاتفاقيات الثنائية تسمو على القوانين الداخلية، وبالتالي فهو سعى إلى إعادة الموضوع إلى الساحة لتعبئة ناخبيه وناخبي اليمين المتطرفquot;.

وإن كانت الحكومة الجزائرية ستقبل يومًا بمراجعة هذه الاتفاقياتأجاب ملولي: quot;لا أدري...هذا السؤال يجب طرحه على الحكومة الجزائرية، لكن لا أرى أي غاية لذلك لأن التفاوض من جديد يجب أن يستجيب لمصالح مواطني الطرفينquot;.

كما أقر محدثنا بتحول ملامح الهجرة الجزائرية في فرنسا إن تم إعادة النظر في هذه الاتفاقيات، لأن الجزائريين quot;سيُعاملونمثل الآخرين في الوقت الذي تضمن لهم فيه الاتفاقيات الحالية عدداً من الامتيازات. لكن نلاحظ مسبقًا أنه تم تشديد الإجراءات للحصول على التأشيرةquot;.

وذكر هذا القيادي في الحزب الاشتراكي أن quot;هناك 75 اتفاقية بين البلدين وكان من المفروض أن تعقد لقاءات سنوية ثنائية لمتابعة هذه الاتفاقيات، لكن منذ العام 1990 أعتقد أن هذا التشاور بشأنها توقفquot;.

وتابع موضحًا أنه quot;لا يمكن أن نشطب في رمشة عين تاريخًا مشتركاً بين البلدين. وبمناسبة الذكرى الخمسينية يمكن أن نستغل ذلك لأجل إعادة ربط علاقات جد قوية، وصنع رافعة لأجل التنمية المتناغمة بين الضفتين وحوض المتوسطquot;.