تونس: تسبب اعتصام ينفذه منذ نحو شهرين عشرات من المحسوبين على حركة النهضة الاسلامية أمام مقر التلفزيون الرسمي، بتوتير العلاقة المتأزمة أصلا بين صحافيي تونس والحركة التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في البلاد.

ويقول المعتصمون الذين أطلقوا على تحركهم اسم quot;اعتصام الأحرار لتطهير إعلام العارquot; ان quot;التلفزة الوطنية (التسمية الرسمية للتلفزيون الرسمي) واقعة تحت سيطرة مقربين من نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وآخرين موالين لأحزاب يسارية معارضة للحكومةquot;.

ويتهم هؤلاء التلفزيون بالانحياز ضد الحكومة وبنشر التفرقة والفتنة في البلاد، في حين يتهم الصحافيون حركة النهضة بالسعي الى الهيمة على التلفزيون لتحويله إلى منبر للدعاية السياسية.

ومنذ الثاني من آذار/مارس الفائت، ينصب المعتصمون خيما أمام مقر التلفزيون الذي يشغل 1300 شخص بين صحافيين وتقنيين وعمال ويعتبر أكبر مؤسسة إعلامية في البلاد.

وزاد التوتر خلال اليومين الماضيين واصيب شرطيان وصحافي ومصور الثلاثاء بجروح خلال مشادات بين الجانبين.

ونشرت تعزيزات من الشرطة منذ الاثنين بهدف فك الاعتصام.

وقالت احدى المعتصمات حليمة معالج لوكالة فرانس برس إن التلفزيون الرسمي quot;يمثل تيارا سياسيا واحدا (معارضو الحكومة) ولا يلبي تطلع الشعب إلى إعلام شريف ومحايدquot;.

والموقف نفسه عبر عنه نجيب الغربي الناطق الرسمي باسم حركة النهضة الذي قال ان التلفزيون quot;له توجهات إيديولوجيةquot;.

واضاف الغربي quot;الحياد هو كل ما نطلبه من الصحافيينquot;.

وتقر نقابات موظفي التلفزيون العمومي بضرورة إصلاح هذه المؤسسة الاعلامية التي كانت طوال عقود منبرا للدعاية السياسية للنظام السابق، لكنها تندد بطريقة تعامل المعتصمين مع موظفي التلفزيون.

وقال ناجي البغوري عضو quot;الهيئة الوطنية لاصلاح الاعلام والاتصالquot; غير الحكومية ان quot;إصلاح الاعلام لا يكون بممارسة الضغوط على الصحافيين وشتمهم والاعتداء عليهمquot;.

ولفت إلى أن حكام تونس الحاليين quot;يعملون بشكل ممنهج من أجل الهيمنة على وسائل الاعلام بهدف توظيفها في تلميع صورهم في انتظار الانتخابات (العامة) القادمةquot; المقرر تنظيمها خلال عام من الآن.

وبعث مسؤولون في حركة النهضة اخيرا بإشارات حول نوايا لخصخصة وسائل الاعلام العامة في تونس ما أثار حفيظة الصحافيين.

ولوح عامر العريض رئيس المكتب السياسي للحركة خلال مشاركته في 16 نيسان/ابريل الجاري في برنامج حواري بثه التلفزيون بإمكان خصخصة وسائل الإعلام العامة في البلاد.

بدوره، هدد راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تصريحات صحافية نشرتها في 18 نيسان/ابريل صحيفتا quot;الشرقquot; القطرية وquot;عمانquot; العمانية بquot;إجراءات راديكالية في حق الاعلام (العمومي) من بينها الخصخصةquot;.

وردا على ذلك، اعتبرت نجيبة الحمروني رئيسة النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أن من يدعو الى خصخصة الاعلام العمومي في تونس quot;يجهل بالكاملquot; واقع هذا القطاع.

وقالت الهيئة الوطنية لاصلاح الاعلام والاتصال ان الدول الديموقراطية quot;تحافظ على إعلامها العمومي خاصة الاعلام السمعي البصري وتدعمهquot;.

واضافت في بيان اصدرته في 21 نيسان/ابريل ان quot;الدول التي مرت بتجربة الانتقال الى الديموقراطية مثل البرتغال واسبانيا وبولونيا (...) لم تفرط في إذاعاتاها أو تلفزيوناتها العمومية رغم تعثر أدائها وافتقار العاملين فيها إلى مهارات مهنية عالية وبثها برامج نقدية لاذعة للماسكين بزمام الحكم في السنوات الاولى للانتقال الديموقراطيquot;.

ويرى مراقبون أن السباق الانتخابي في تونس انطلق وسط تنافس بين موالين لحركة النهضة الاسلامية والمعارضة اليسارية التقدمية التي تسعى إلى التموضع من جديد في المشهد السياسي التونسي بعد فشلها في انتخابات المجلس التأسيسي في 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011.