تصدى وزير العدل السعودي محمد العيسى، الذي توجه إلى بريطانيا للتباحث في أفكار يمكن من خلالها تطوير القضاء في بلاده، لانتقادات وجهت في لندن إلى وضع المرأة السعودية بالقول إنّ للأخيرة شخصية مستقلة في كافة النواحي وخصوصًا المالية والتجارية.

ملف المرأة لا يزال واحدًا من الملفات الإصلاحية المعقدة في السعودية

لندن: كان لشيري بلير، زوجة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، سؤال الأسئلة، في الندوة الصحافية التي نظمتها غرفة التجارة العربية البريطانية في لندن، وكان ضيفها الرئيس وزير العدل السعودي محمد العيسى، الذي يزور العاصمة البريطانية هذه الأيام، للتباحث في أفكار يمكن من خلالها تطوير القضاء في بلاده.

وكانت شيري، المحامية المثيرة للجدل، صاحبة القذيفة الوحيدة في هذه الندوة الهادئة، حين طرحت سؤالاً بطريقة عدائية عن وضع المرأة ودورها في المحاماة والقضاء، في المملكة، ما تسبب في حالة إرباك موقتة ما لبث وأن تجاوزها وزير العدل، الذي يتولى المجلس الأعلى للقضاء في الوقت عينه، بهدوء.

وقال العيسى بصوت لا يخلو من الحماسة مخاطباً السائلة والحضور، الذي كان خليطًا من رجال الأعمال والأموال والقانون: quot; للمرأة شخصية مستقلة في كافة النواحي وخصوصًا المالية والتجارية. في السعودية المرأة تأتي إلى منصة القضاء وتترافع عن نفسها ولها حقوقها الكاملةquot;.

وعن زيارته التي تمتد إلى يوم الأحد المقبل إلى بريطانيا: quot;الزيارة للاطلاع على التجربة البريطانية في إدارة العدالة واطلعنا على الكثير من الإجراءات والتجارب وحضرنا مرافعات عدةكان يهمني منها الاطلاع على طريقة الإجراءات القضائية. هناك أفكار لدى الجانب البريطاني نحاول أن نستفيد منها واطلعناهم على تجربتنا في التسوية والتحكيم quot;.

وطاف الوزير السعودي، الذي يعقد عليه الكثيرون في المملكة آمالاً كبيرة، بعدد من مفاصل جهاز القضاء، وفروعه، وأبطاله، متحدثاً مع القضاة، ومحاوراً البرلمانيين، وزائرًا لسجون صاحبة الجلالة، الملكة لا المهنة، ومناقشاً أصحاب الأفكار القانونية، وليس انتهاء بحضور إحدى جلسات مساءلة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.

وفي إشارة إلى محاولة معالجة بطء الإجراءات القضائية في المملكة، قال: quot;نحن نعمل على ذلك... العدالة البطيئة مثل الجور المجحفquot;. كما أشار إلى أن المرافق القضائية في طريقها إلى أن تطبق ثورة الإلكترون، وإلغاء المعاملات الورقية نهائياً.

وقال وزير العدل السعودي:quot;إن تطوير القضاء مهم ولا يمكن له أن يتجاوز الشريعة لكن ربما يخالف تفسيرات بعض النصوص... الجهة القضائية اذا اعتمدت تفسيرًا واحداً لنص يصبح بالتالي قانونًا في البلد. بعض البلدان الغربية نسخت قوانين من الغرب لكن نحن قوانينا نابعة من الشريعة الإسلاميةquot;.

ويعرف الوزير نفسه، قبل مضيفيه، وقبل سامعيه، أن ملف القضاء، يعتبر واحداً من أعقد، وأصعب، وأخطر، وكل أفعال التفضيل على وزن أسوأ، الملفات في المملكة، التي يحاول ملكها إجراء العديد من الخطوات التحديثية منذ صعوده على العرش الملكي العام 2005.

وأعلن سابقاً عن موافقة العاهل السعودي رسمياً على نظام القضاء ونظام ديوان المظالم، والموافقة على آلية العمل التنفيذية لنظام القضاء، ونظام ديوان المظالم، ودعم النظام الجديد للقضاء وديوان المظالم بسبعة مليارات ريال كميزانية خاصة لهذا المشروع، وكذلك لإحداث نقلة تطويرية في إطار مشروع يحمل اسمه.

وعلى الرغم من كونها خطوة أولى على الطريق في اتجاه تقنين الشريعة التي هي مصدر رئيس للتشريع في جميع أجهزة القضاء في البلاد، إلا أن خبراء قانونيين يطمحون إلى ما هو أكثر من هذه الخطوة الشجاعة، إذ يريدون البدء في الوصول إلى مصدر الخلل الرئيس في نظام القضاء المحلي، وهو ضبابية الأحكام ومصدرها.

وواجه جهاز القضاء المحلي نقصاً خطيراً في عدد القضاة الذين كان عددهم لا يتجاوز نحو 650 قاضياً في بلدٍ يبلغ تعداد سكانه 22 مليوناً، مما يجعل من القضايا البسيطة التي يمكن إنهاؤها بسرعة كبيرة تنتظر مدة أطول حتى تجد قاضياً يتفرغ لها، فيما لا يحظى القاضي الواحد سوى بأربعة مساعدين رغم أن الأصح أن يكون العدد أكثر من ذلك.

بيد أن الوزير طمأن محدثيه إلى أن الرقم ارتفع إلى 1500 قاضٍ، وربما يصبح أكثر قريباً.

وبالعودة إلى موضوع المرأة، فقد دافعت البارونة اليزابيث سايمنز، بصوت هادئ، لم يحجب بقايا جمال غابر، عن حقوق المرأة في السعودية، قائلة إن مسيرة المرأة في بريطانيا استغرقت نحو سبعمئة عام لتصل إلى ما هي عليه.

ولم يعرف إن كان ذلك التصريح قد أرضى شيري بلير التي لم تكن تبعد عنها سوى خطوات معدودة، أم أنه كان مبهجاً للسعوديين وحدهم، إلا أن ملف المرأة لا يزال واحدًا من الملفات الإصلاحية المعقدة في البلاد، مثله مثل القضاء، على حد تعبير مراقبين.