باريس: قبل تسعة ايام من الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، يجد نيكولا ساركوزي صعوبة في تخطي تاخره عن خصمه الاشتراكي فرنسوا هولاند الذي لا يزال في طليعة استطلاعات الرأي، ما يثير مخاوف في اوساطه.

وتتعاقب استطلاعات الراي منذ الاحد غير ان النتيجة تبقى هي نفسها اذ لا تزال بعد اسبوع من حملة ما بين الدورتين تتوقع هزيمة الرئيس المرشح امام خصمه الاشتراكي في السادس من ايار/مايو بفارق كبير يتراوح بين ثماني وعشر نقاط.

ولم يتمكن ساركوزي من تعزيز حظوظه رغم الجهود المكثفة التي بذلها، وقد حدد خطه بوضوح منذ ليل الدورة الاولى، اذ ركز هجماته على فرنسوا هولاند الذي لم يتخطاه في الدورة الاولى سوى بنقطة ونصف (28,6% مقابل 27,1%) وكثف مساعيه لاستقطاب اكبر عدد ممكن من الناخبين الذي صوتوا لمارين لوبن (17,9%) وفرنسوا بايرو (9,1%).

وبما ان مخزون ناخبي الجبهة الوطنية (اقصى اليمين، 6,5 ملايين ناخب) هو الاكبر، فقد جعل منه مرشح الاتحاد من اجل حركة شعبية محور حملته الانتخابية مؤكدا في مداخلاته انه quot;سمعquot; وquot;فهمquot; رسالة quot;فرنسا هذه التي تتالمquot; ووضع مسائل الهجرة والحدود والهوية الوطنية في صلب خطابه.

وان كان يردد باستمرار انه لا يشاطر مارين لوبن افكارها ويستبعد اي اتفاق مع حزبها، الا انه يقر بان مرشحة اليمين المتطرف quot;تتوافق مع الجمهوريةquot; ويتبنى بعض طروحاتها مثل quot;قرينة الدفاع المشروع عن النفسquot; بالنسبة لعناصر الشرطة.

ويتهم ساركوزي خصمه الاشتراكي بquot;التهربquot; ويشن عليه حملة عنيفة اكد خلالها صدور دعوة عن 700 مسجد للتصويت له، في حين نفى المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية الامر نفيا قاطعا.

بلغت الحملة درجة من الحدة والعنف صدمت الجناح الوسطي في الغالبية الحاكمة، فلم يخف رئيس الوزراء السابق جان بيار رافاران تحفظه فيما اعرب دومينيك دوفيلبان الذي خلفه في ماتينيون عن quot;اشمئزازهquot; من حملة ساركوزي وquot;الضمانات التي يعطيها للتطرفquot;.

وفي الكواليس، يعتبر عدد متزايد من المندوبين ان ساركوزي يخطئ في تبني خطابه الجديد. وقال نائب من الغالبية طلب عدم كشف اسمه quot;ان ساركوزي يخطئ، الناس لم يصوتوا للجبهة الوطنية من اجل الهجرة بل من اجل العمل والقدرة الشرائية، وهو لا يتناول هذين الموضوعينquot;.

وقال نائب اخر ان الرئيس quot;تحول الى فزاعة تبعد الوسطيينquot; معتبرا ان هذا النهج quot;انتحاري ويخدم مصالح اليسارquot;.

غير ان النائب جاك ميار عضو تجمع quot;اليمين الشعبيquot;، الجناج اليميني للاتحاد من اجل حركة شعبية، يرى ان quot;لا مجال للتهاون. لم نبرم اتفاقا مع الجبهة الوطنية، اننا نقوم بالصوابquot; مضيفا انه quot;ان اردنا الفوز، فهذه هي الاستراتيجية الوحيدة الممكنةquot;.

لكن احتمالات الفوز تبقى صعبة رغم هذا التعديل في الاستراتيجية. وقال احد الوزراء quot;ان تجيير اصوات الجبهة الشعبية والحركة الديموقراطية غير كافquot; معتبرا ان quot;الامر محسوم ما لم تحصل معجزةquot;.

وقال وزير اخر quot;نجد انفسنا عاجزين على الخروج من الفخ الذي نصبه لنا اليسار الذي يركز حملاته على حصيلتنا قائلا +لم تنجحوا في الحد من البطالة، ارحلوا+quot;.

ويراهن العديدون الان على نجاح تجمع الاول من ايار/مايو الذي يعتزم اليمين تنظيمه في يوم عيد العمل، وعلى تغلب مرشحهم على هولاند في المناظرة التلفزيونية بينهما الاربعاء.

وقال الوزير تييري مارياني quot;سيكون الامر في غاية الاهمية، ساركوزي يتكلم من وجهة نظر عالمية، وهولاند من وجهة نظر محلية، وهذا ما سيظهر بوضوحquot;.

وقال احد زملائه quot;ان الحملة لا تحسم بليلة، لكن المناظرة قد تبدل نظرة الفرنسيين الى فرنسوا هولاند وقد تحدث تغييرا، ما زال لدينا بعض الحظوظquot;.