من بين أخبار الثورات والحرائق التي تزنّر خاصرة الشرق الأوسط، ينحاز أبناء المهنة إلى أخبار بني جلدتهم دون غيرها، وهذا ما جعل الأوساط الإعلامية تبشر بعودة الإعلامي السعودي المعروف محمد التونسي إلى كرسي رئاسة التحرير، وإن كانت خارج بلاده.


الإعلامي السعودي محمد التونسي

سلطان القحطاني من لندن: عيّن محمد التونسي رئيساً لتحرير صحيفة الرؤية الاقتصادية، التي تصدر من أبو ظبي، بعد أشهر من خروجه من رئاسة تحرير عكاظ، اليومية الأشهر في السعودية، محققاً خلالها نجاحات عدة، ومحاولات تحديث مهنية، ليأخذ بعدها فترة استراحة محارب، حيث لم يعتد الراحة في وزارة الإعلام.

هذه هي المرة الأولى التي يحترف فيها رئيس تحرير سعودي، خارج مؤسسة سعودية، وفي الخليج تحديداً، لذلك يمكن أن يعتبر التونسي اللاعب الجديد الذي تنتظره الإمارات، بعد اللاعب الأشهر، الأزرق، الأمهر، ياسر القحطاني، الذي كان انتقاله إلى quot;العينquot; حديث الإمارات كلها.

انطلق التونسي من صفحات quot;الجزيرةquot; السعودية قبل نحو ثلاثين عاماً متدرّجاً فيها، حتى أصبح نائباً لرئيس تحرير الصحيفة الخضراء quot;الشرق الأوسطquot;، إلى أن أتت فكرة أن تصدر صحيفة اقتصادية من ظهر خضراء لندن، فاختير التونسي لتولي الصحيفة الجديدة حينها، التي سُميت بـquot;الاقتصاديةquot;.

وإن كانت الاقتصادية قد بدأت متخصصة في شؤون الاقتصاد وأرقامه، فإن محمد التونسي استثمر خلطة صحافية جديدة، صيغت بذكاء لتخاطب القارئ السعودي بكل انتماءاته، لتتوسع اهتمامات الصحيفة إلى شؤون متفرقة، لم تقتصر على الاقتصاد وحده.

وبعد أحد عشر عاماً من الركض المضني على صفحات الاقتصادية، غادر التونسي صحيفته التي تآلف معها، وركن إلى فترة استراحة قصيرة، ما لبثت أن تحولت إلى خوض غمار تجربة إعلامية جديدة، لم يسبق له التعامل مع مثيلٍ لها قط، وهي تولي رئاسة تحرير quot;إيلافquot;، وبعدها إلى التلفزيون مديرًا عامًا لقناة الإخبارية.

بعودة التونسي إلى quot;الرؤية الاقتصاديةquot;، فإنه يعود إلى مرابعه القديمة، التي يعرفها وتعرفه، خصوصًا وأنه الصحافي الذي أنشأ أشهر ملحق اقتصادي في تاريخ quot;الشرق الأوسطquot;، إضافة إلى أنه الصحافي السعودي الوحيد الذي داس عتبات quot;فاينانيشال تايمزquot; متدرباً، وملاحظاً، ودارساً.

وتشهد الإمارات نشاطًا اقتصاديًا محمومًا، بفضل إدارة عصرية ناجحة، لكن أذرعها الإعلامية بحاجة إلى توطين، أو خلجنة، نظراً إلى أن هموم آل الساحل واحدة، وإن اختلفت التفاصيل.

وينتظر كثيرون شكل quot;الرؤية الاقتصاديةquot; الجديد، ولمسات هذا الصحافي القلق، المتحرك، الدؤوب، المزعج، لكونه يمتلك سر خلطته التي لا يعرفها كثيرون، ويحاول أن يتتبعها كثيرون، دون نجاح حتى الآن.

التونسي، صاحب العقود الثلاثة في الإعلام، حاصل على الماجستير في الصحافة من الولايات المتحدة الأميركية، التي عمل في أكبر صحفها متدرباً حينذاك في الثمانينات من القرن الميلادي الماضي. وكان أيضاً معيداً ومحاضراً في جامعة الملك سعود، التي تخرج فيها سابقاً، وسبق وأن ألقى محاضرات عدة في أنحاء متفرقة من العالم العربي.