منذ سنوات والولايات المتحدة تفرج سرًّا عن قياديين معتقلين في سجن عسكري في أفغانستان كبادرة حسن نية في المفاوضات مع جماعات مسلحة. ويعترف مسؤولون أميركيون بأن هذه الخطة الجريئة لإنهاء العنف محفوفة بمخاطر كبيرة أيضًا.


أميركا تفرج سرًّا عن قياديين معتقلين في أفغانستان

إعداد عبد الإله مجيد: بعد فشل الجهود الأميركية للتوصل إلى اتفاق سلام مع طالبان، أصبح برنامج quot;الإفراج الاستراتيجيquot; كما يُسمّى، قناة دبلوماسية بشرية تتيح للمسؤولين الأميركيين أن يستخدموا السجناء أوراق تساوم في الأقاليم الأفغانية المضطربة، حيث لم تعد القوة العسكرية قادرة على تحقيق أكثر مما حققته.

لكن عمليات الإفراج تنطوي على مقامرة كبيرة، لأن المعتقلين الذين يُفرج عنهم كثيرًا ما يكونون مقاتلين لا يجيز النظام القانوني المطبق في أفغانستان على المعتقلين العسكريين إطلاق سراحهم. وهم يُفرج عنهم مقابل تعهد بنبذ العنف.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول أميركي طلب عدم ذكر اسمه أن الجميع يتفق على أن هؤلاء مذنبون بما ارتكبت أياديهم، ويتعين إبقاؤهم في السجن، ولكن المنافع أكثر من المخاطر المترتبة على إخلاء سبيلهم.

وكان التوصل إلى اتفاق سلام ينهي حرب أفغانستان عن طريق المفاوضات هدفًا رئيسًا في استراتيجية الرئيس أوباما للانسحاب. ولكن هذا المجهود لم يسفر عن تقدم يُعتد به في السنوات الأخيرة.

وبخلاف الإفراج عن سجناء في معتقل غوانتانامو، فإن إطلاق سراح معتقلين في سجن باروان، الذي يديره الجيش الأميركي في أفغانستان، لا يحتاج إلى موافقة الكونغرس. وامتنع المسؤولون الأميركيون عن كشف عدد المعتقلين الذين أُفرج عنهم في إطار البرنامج، ولكنهم قالوا إنها حالات نادرة.

وتبدأ العملية بأحاديث بين المسؤولين العسكريين الأميركيين وقادة عسكريين من طالبان أو وجهاء محليين يعدون بالحدّ من أعمال العنف في مناطقهم أو التوقف عن القتال نهائيًا إذا أُفرج عن مقاتلين محدَّدين من سجن باروان. ثم يدرس مسؤولون عسكريون في كابول منافع المقايضة والوفاء بالضمانات المقدمة.

وقال السفير الأميركي في كابول راين كروكر quot;إن أفغانًا جاؤوا إلينا بمعلومات يمكن أن تعزز عملية المصالحة، وإننا كنا نتحرك على أساسها في مرات عديدةquot;. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول أميركي إن الجيش يختار معتقلين لهم نفوذ بين المقاتلين، أفرادًا يمكن للإفراج عنهم أن يمارس تأثيرًا مهدئًا في منطقة كاملة. وأضاف quot;إن المنافع في هذه الحالات يمكن أن تفوق الأسباب الداعية إلى إبقائهم في المعتقلquot;.

وعندما يتصاعد نشاط المسلحين في أقاليم معينة مثلاً كان يُفرج عن معتقلين للتخفيف من حدة الاحتقان المتزايد. ويبدي مسؤولون أفغان قلقهم، قائلين إن البرنامج قد يكون فاعلاً في الحدّ من العنف، ولكنه يهمّش دورهم في عملية المصالحة. وكثيرًا ما يقدم المتمردون الأفغان معلومات تؤدي إلى الإفراج عن معتقلين مقابلها، ولكن الأميركيين هم الذين يتخذون القرار في نهاية المطاف. وفي بعض الأحيان، يحاول قادة عسكريون متمردون عقد صفقات مع المسؤولين الأميركيين مباشرة مستبعدين قوى الأمن الأفغانية.

وشملت إحدى المقايضات الأخيرة قائدًا عسكريًا من الحزب الإسلامي، وصفه المقدم جون وودورد القائد العسكري السابق للقوات الأميركية في إقليم ورداك بأنه quot;لاعب مهم من الناحيتين الحركية والتكتيكيةquot;. وقرر وودورد إن حجم القوات الأميركية في المنطقة لا يتيح مقاتلة طالبان والحزب الإسلامي في آن واحد.

ويقاتل كل من الحزب الإسلامي وطالبان القوات الأميركية في أفغانستان، ولكن لكل منهما قيادة مختلفة، ويعملان بصورة مستقلة عن أحدهما الآخر.

ومن خلال سياسيين ووجهاء محليين بدأ القائد العسكري الأميركي يتفاوض مع قادة عسكريين من الحزب الإسلامي، الذين يقاتلون الجنود الأميركيين منذ سنوات. وأحرزت المفاوضات تقدمًا، وبعد أسابيع أخذ الحزب يقدم معلومات مفيدة عن مقاتلي طالبان. وقبل أن يمضي وقت طويل كان الجنود الأميركيون ومقاتلو الحزب الإسلامي ينفذون عمليات مشتركة، ويتنقلون بعربات واحدة، وينامون في قواعد مشتركة، بحسب صحيفة واشنطن بوست، نقلاً عن المقدم وودورد.

ولكن في غمرة التقدم الذي كان يتحقق توجه قادة الحزب الإسلامي في المنطقة بطلب من وودورد... فهم أرادوا من الأميركيين أن يفرجوا عن قريب يعتبر quot;لاعبًا مهمًاquot; من سجن باروان. وبدأ وودورد يتصل برؤسائه مستفسرًا عن برنامج الإفراج الاستراتيجي بغية الإفراج عن هذا القريب.