الثوار السوريون يستهدفون مخبري نظام الأسد

أدى نقل عبد الحميد الطه معلومات عن ناشطي المعارضة الى استخبارات القوة الجوية، الى مقتله في درعا الأسبوع الماضي على أيدي الثوار. وكان قد تلقى اتصالات تحذير متعددة الا أنه استمر بعمله، وكان الطه مرشحا لانتخابات الرئيس بشار الأسد التي جرت يوم الاثنين.


لندن: قتل ثوار في درعا الاسبوع الماضي، عبد الحميد الطه بعد ان رفض الاستماع الى التحذيرات التي كان يتلقاها. فقبل ثلاثة أشهر، تلقى الطه اتصالا بأن يكف عن نقل معلومات عن ناشطي المعارضة الى استخبارات القوة الجوية. وفي اليوم التالي، أُضرمت النار في ثمانية بيوت يملكها عبد الحميد مع آخرين من آل طه.

ورغم هذا التحذير، استمر الطه يعمل للنظام، وقال عفيف إن شقيقه كان بعثيا حقيقيا. واتفق معه ناشط مطلع على عملية اغتيال الطه. وقال الناشط لصحيفة الديلي تلغراف، إن كثيرين ماتوا بسببه بينهم عائلات وأطفال. وأضاف أن الطه أُبلغ بأن عليه ان يتوقف عن ايصال معلومات الى المخابرات. فأحرق الثوار منزله اولا ولكنه استمر في نقل المعلومات. quot;لذا أعتقد ان الثوار فعلوا ما يجب أن يفعلوهquot;، بحسب الناشط.

كان عبد الحميد الطه مرشحا لانتخابات الرئيس بشار الأسد التي جرت يوم الاثنين دون أن يأخذها كثيرون على محمل الجد، ودون حوادث تُذكر، ومن المستبعد أن يكون لها تأثير في الانتفاضة المستمرة ضد النظام.

وأُجريت الانتخابات في إطار إصلاحات أعلنها الأسد العام الماضي، بعد فوات الأوان لتهدئة المعارضة التي قاطعتها. وفي حين عرض التلفزيون الرسمي صور ناخبين في مراكز الاقتراع، بث ناشطون أشرطة فيديو على الانترنت تشير الى شوارع مقفرة في العديد من المدن.

وتقول المعارضة إن الأحزاب والمرشحين الجدد، واجهات لنظام الحزب الواحد القديم. وأكدت عائلة الطه أن ابنها عضو في حزب البعث منذ زمن طويل.

وقال ناشطون إنه كان مسؤولا في القوة الجوية أيضا، وهذا ما أكدته لصحيفة الديلي تلغراف مصادر مستقلة ولكن الشرطة تقول انه كان رجل أعمال.

عدا ذلك ليس هناك ما هو استثنائي في ما حدث له.

صحيح أن قصف المدن والبلدات بكثافة انحسر مؤخرا لأسباب منها وصول المراقبين الدوليين، وإن كان السبب الرئيس ان القصف حقق الغرض المنشود منه. ولكن سوريا تشهد حركة مسلحة من النمط الكلاسيكي، حيث مناطق واسعة من البلد بالكاد يسيطر عليها جنود خائفون هم انفسهم يستخدمون الخوف لقمع السكان الناقمين.
وفي يوم اغتيال عبد الحميد الطه، توفي رجل اسمه موسى مصالة، وهو أب في الخمسين، بعد اسبوعين على اصابته بطلق ناري داخل بيته في درعا القديمة. وقال أحد سكان المدينة، إن الجنود كانوا ينفذون عمليات دهم بحثا عن معارضين عندما اخترقت نافذة منزله رصاصة طائشة.

ولم يتسن التحقق من هذه الرواية ولكنها جائزة، ورغم غلق درعا القديمة بوجه الصحافيين، فإن المراسلين تمكنوا من زيارتها مع اثنين من المراقبين الدوليين، اخترقوا شوارعها المهجورة حيث الأطفال وحدهم يجرؤون على الخروج، وجنود أعصابهم مشدودة يقبعون وراء أكياس الرمل.

وانبرت مجموعة صغيرة من الشباب الذين كانوا شجعانا بما فيه الكفاية لتقديم مطالبهم والتنديد بحملات الجيش، التي تركت واجهات المتاجر والبيوت مخرمة بآثار الرصاص والانفجارات.

ونقلت صحيفة الديلي تلغراف، عن قائد شرطة درعا اللواء محمد أديب الأسعد ان الثوار هم quot;عملاء أيدٍ خارجيةquot; قدمت للمتظاهرين quot;طعاما معجونا بالمخدراتquot;.
ولم تعد مثل هذه الآراء المتباينة بشأن الوضع ذات معنى. فالمسؤولون أنفسهم يعترفون بأن الخروج بعد الساعة الرابعة عصرا مغامرة محفوفة بالمخاطر حتى في درعا الجديدة، حيث قُتل عبد الحميد الطه على بعد امتار من مركز الشرطة.

كما يُمنع الصحافيون من دخول ريف درعا حيث هجمات قوات النظام على القرى دفعت آلافا الى الانخراط في صفوف الثوار وأكثر منهم الى النزوح.

وتعتبر عائلة الطه نموذجا مصغرا لسوريا التي يريد المجتمع الدولي ان تتصالح مع نفسها. إذ قال ماهر، شقيق عبد الحميد الآخر، انه quot;ليس هناك ابناء عائلات محترمة بين الثوار بل كلهم مجرمون وحثالاتquot;. ولكن إبن عمه ابراهيم فارس كشف لصحيفة الديلي تلغراف أن أجهزة النظام اعتقلته قبل أشهر على قيام الثوار بحرق بيته لمشاركته في جنازة.

وقال فارس quot;نحن بين الشيطان والبحر العميق. وأنت بالنسبة إلى الجانبين إما معهم أو ضدهم ولا موقع آخر بينهماquot;.