اعتبر خبير قانوني عراقي في حديث مع quot;إيلافquot; طلب فريق الدفاع عن نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المتهم بالإرهاب بنقل محاكمته من المحكمة الجنائية إلى الإتحادية العليا خطأ فادحًا، لأن أحكام الأخيرة نهائية لا يجوز الطعن بها إضافة الى كونها مسيسة وخاضعة لرغبات رئيس الحكومة. فيما دعت واشنطن الى حل مذكرة الانتربول باعتقاله بين العراق وتركيا.


قال المستشار القانوني رئيس جمعية الحقوقيين العراقيين الدكتور طارق علي الصالح خلال حوار مع quot;إيلافquot; إن طلب فريق الدفاع عن الهاشمي بنقل محاكمته من المحكمة الجنائية العراقية التي بدأت محاكمته وعددا من افراد حمايته غيابيا في الثالث من الشهر الحالي، الى المحكمة الاتحادية العليا سيضع الفريق في مأزق خطير لان احكامها قطعية ونهائية لايجوز الطعن بها.

وقد أرجأت المحكمة الجنائية امس للمرة الثانية على التوالي والى الثلاثاء المقبل الجلسة المقررة للمحاكمة الغيابية للهاشمي وقال مدير ادارة المحكمة للصحافيين إن التأجيل جاء quot;نظرا لتقديم دفاعه (الهاشمي) الطعن التمييزي الرابع على التواليquot;.

وأكد مؤيد العزي احد اعضاء فريق محامي الهاشمي ان quot;المحكمة قررت عقد الجلسة في 15 من الشهر الحالي بسبب تقديم وكلاء المحامين وحمايته تدخلا تمييزيا يخص وجود مخالفة دستورية في اختصاص المحكمةquot; حيث يرفض الهاشمي المثول امام المحكمة الجنائية المركزية.

وقال مؤيد العزي إن quot;المحكمة الاتحادية مختصة بالنظر في القضايا المتعلقة باصحاب المناصب السيادية وفق احكام المادة 93 من الدستورquot;. وأضاف ان quot;الطعن تضمن كذلك وجود نواقص واخطاء في التحقيقات التي اجريت من قبل اللجنة القضائية التحقيقية التساعيةquot; مشيرا خصوصا الى quot;وجود اكراه معنوي في الاستجوابquot;. وقال quot;طالبنا في الطعن كذلك بضرورة ان تنظر محكمة التمييز في امكانية ان تجتمع بكافة اعضائها لأهمية القضية وحساسيتهاquot; للنظر في قضية نقل المحاكمة.

طارق الهاشمي وفي الإطار المستشار القانوني رئيس جمعية الحقوقيين العراقيين الدكتور طارق علي الصالح

وتنص المادة 93 من الدستور العراقي الذي تمت الموافقة عليه باستفتاء شعبي أواخر عام 2005 على:

تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي:
اولاً: الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة.
ثانياً: تفسير نصوص الدستور.
ثالثاً: الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية، والقرارات والانظمة والتعليمات، والاجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء، وذوي الشأن، من الافراد وغيرهم، حق الطعن المباشر لدى المحكمة.
رابعاً: الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية، وحكومات الاقاليم والمحافظات والبلديات والادارات المحلية.
خامساً: الفصل في المنازعات التي تحصل في ما بين حكومات الاقاليم أو المحافظات.
سادساً: الفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، وينظم ذلك بقانون.
سابعاً: المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب.
ثامناً:
أ- الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي، والهيئات القضائية للاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم.
ب- الفصل في تنازع الاختصاص في ما بين الهيئات القضائية للاقاليم، أو المحافظات غير المنتظمة في إقليم.

المادة 94:
قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة. ويدفع فريق محامي الهاشمي بان الفقرة السادسة من المادة 93 تشمله باعتباره نائبا لرئيس الجمهورية ويجب محاكمته امام المحكمة الاتحادية.

لكن الصالح يرى في حديثه مع quot;ايلافquot; اليوم الجمعة ان نقل المحاكمة من الجنائية الى الاتحادية وهو امر متوقع سيشكل ورطة ومأزقا لفريق الدفاع لان هذه الاخيرة مسيسة شأنها شأن القضاء العراقي الخاضع للتسيس ولرغبات رئيس الحكومة نوري المالكي ولذلك فإن احكامها ستكون منطلقة من ذلك بحسب قوله. ويضيف انه من هنا فإن نقل المحاكمة لن يشكل منفعة قانونية للهاشمي بقدر ما سيكون قرارًا معنويًا.

وأوضح ان بقاء المحاكمة في الجنائية سيمكن الدفاع من الطعن باحكامها لكن نقلها الى الاتحادية سيحول دون اي طعن باحكامها لانها باتة ونهائية وملزمة بحسب الدستور العراقي كما انه سيضفي شرعية على احكامها. وأشار إلى أنّه كان على المحامين بدلا من طلب نقل المحاكمة الى الاتحادية العليا الاصرار على طلب الهاشمي بنقلها الى اقليم كردستان او الى كركوك لضمان حياديتها.

وحول مذكرة الشرطة الدولية quot;الانتربولquot; باعتقال الهاشمي التي اصدرتها الثلاثاء الماضي أوضح الصالح انها ارتكبت مخالفة للقانون الدولي quot;جملة وتفصيلاquot; لان المحاكم العراقية تفتقر للمعايير الدولية ولاتضمن محاكمات عادلة باعتراف منظمتي العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش... إضافة إلى أنّ التهم الموجهة الى الهاشمي أساسها سياسي وحيث يمنع القانون الدولي تسليم المتهمين السياسيين.

وقد قلل الهاشمي من أهمية المذكرة quot;لأنها تستند إلى القضاء العراقيquot;.. وأكد أنه لن يخضع للضغط أو الابتزاز وسيواصل جهوده من اجل إصلاح العملية السياسية التي بدأت تنحرف. وأشار إلى أنّ محامي الدفاع عنه سيتقدم خلال الأيام القليلة المقبلة بالطعن في هذا التعميم لدى الشرطة الدولية.

ووجه الصالح اتهامات لواشنطن بالوقوف وراء مذكرة الاعتقال التي اصدرتها الانتربول لرغبتها في تأجيج الصراع الطائفي في العراق وجعل الهاشمي زعيما ممثلا للسنة العراقيين. وأوضح انه لذلك فان احتضان تركيا الهاشمي حاليا ليس بعيدا عن هذا الاطار.

وكانت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية قد عقّبت امس على صدور مذكرة الانتربول قائلةً quot;إننا نعتقد بضرورة حل قضية الهاشمي بين العراق وتركياquot;. واثر ذلك قالت وكالة جيهان التركيةً إن الولايات المتحدة تحاول النأي بنفسها عن النار ملقية بتركيا فيها متهمة إياها باستخدام الهاشمي لتقويض العلاقات التركية - الإيرانية - العراقية منذ فترة طويلة سعياً لزعزعة ثقة المسلمين الشيعة في أردوغان، حتى تضطر تركيا إلى الالتزام بخطط حلف شمال الأطلسي quot;الناتوquot; والاهداف الاميركية في الشرق الأوسط وعموم العالم.

ويتهم الهاشمي، الذي خرج من بغداد إلى إقليم كردستان العراق ثم منه إلى تركيا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بافتعال أزمة طائفية في البلاد. ورفضت تركيا تسليم الهاشمي بعدما نشر quot;الانتربولquot; الثلاثاء مذكرة توقيف دولية تطالب بتسليمه. واتهم الهاشمي في العاشر من الشهر الماضي مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي بالتسبب بوفاة اثنين من عناصر حمايته المحتجزين quot;من جراء التعذيبquot; وأكد أن الأجهزة الأمنية تتكتم على وفاتهما منذ قبل انعقاد القمة العربية في 29 آذار (مارس) الماضي.

وأثارت قضية الهاشمي الذي صدرت مذكرة توقيف بحقه في كانون الاول (ديسمبر) الماضي توترًا بين القوى السياسية خصوصًا بين القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي والتي ينتمي اليها الهاشمي وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي... ثم ودخل الأكراد على خط الأزمة بعد أن سمحوا للهاشمي بالبقاء في الاقليم ورفضوا تسليمه الى حكومة بغداد. واتخذت قضية الهاشمي بعدا اقليميا بعدما قام بزيارة الى قطر والسعودية وبعدها الى تركيا حيث يقيم حاليا.

وبحسب المتحدث باسم مجلس القضاء الاعلى عبد الستار بيرقدار فإن القضاء اطلق سراح 13 متهما من حمايات الهاشمي لعدم ثبوت الادلة ضدهم خلال مرحلة التحقيق الابتدائي مبينا ان من تبقوا رهن الاعتقال يبلغ عددهم 73 متهما.