بدأت المناورات الخاصة بخلافة الزعيم الروحي البارز لدى الشيعة، آية الله علي السيستاني تطفو بهدوء على السطح، وبدأت إيران تروّج لمرشحها لهذا المنصب، وهو رجل دين متشدد يتوقع أن يمنح طهران نفوذاً مباشراً على الشعب العراقي، واسمه آية الله محمود هاشمي شهرودي.


طهران: في وقت يحظى فيه الزعيم الروحي البارز في العالم الإسلامي الشيعي، آية الله علي السيستاني، بنفوذ كبير على أنصاره في ما يتعلق بكثير من الأمور، فقد سبق له أن دافع عن الديمقراطية العراقية، وأكد على أهمية إجراء انتخابات مباشرة منذ الأيام الأولى للاحتلال، وحذّر من تكون نظام ديني على غرار النظام الإيراني.

ورغم حالته الصحية مع تقدمه في السن وبلوغه من العمر 81 عاماً، إلا أنه مازال يستقبل الضيوف كل صباح في منزله الموجود بشارع جانبي ضيق يبعد بضع خطوات عن القبة الذهبية البراقة لضريح الإمام علي.

لكن صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية نوّهت في سياق تقرير لها في هذا الصدد إلى أن المناورات الخاصة بخلافته بدأت تطفو بهدوء على السطح الآن، وأضافت أن إيران بدأت تروّج لمرشحها لهذا المنصب، وهو رجل دين متشدد يتوقع أن يمنح طهران نفوذاً مباشراً على الشعب العراقي، ما جاء ليزيد المخاوف من أن يكون هدف إيران على المدى البعيد هو زرع ثورتها الإسلامية في العراق.

وتابعت الصحيفة بقولها إن تلك الخلافة، وهي عملية طويلة وغير شفافة نتيجتها مؤكدة بلا شك، من الممكن أن تُشكِّل التفاعل بين الإسلام والديمقراطية ليس فقط في العراق، حيث تشكِّل الشيعة الأغلبية، وإنما أيضاً في جميع أنحاء العالم الإسلامي الشيعي الذي يمتد من الهند وحتى إيران ولبنان وما وراءهم.

وأعقبت الصحيفة بقولها إن متطلبات آية الله للحياة اليومية مشبعة بقوة القانون بين أغلبية الشيعة الموجودين في العالم، والذين يقدر عددهم بحوالي 200 مليون شيعي، من أنصاره، كما أن تعاليمه الدينية تعتبر مقدسة، ونفوذه السياسي قوي.

آية الله محمود هاشمي شهرودي (يسار)

وبالنسبة للعراق، أشارت الصحيفة إلى أن هذا السباق جاء ليضيف عنصراً آخر من عناصر عدم اليقين في ظل الديمقراطية الوليدة التي تشهد أجواؤها السياسية حالة من الاضطراب، في الوقت الذي تتنافس الفصائل الثلاثة الرئيسية هناك ndash; وهم الشيعة والسنة والأكراد ndash; على السلطة، وهو السباق الذي يشعر المحللون بأنه قد يساعد على إمالة البلاد مرة أخرى صوب السلطوية.

ومضت الصحيفة تنقل عن حسين محمد بحر العلوم، رجل دين من عائلة دينية وسياسية بارزة، وله نجل يعمل كسفير للعراق لدى الكويت ونجل آخر كان وزيراً للنفط، قوله :quot; العراق ليس بحاجة لذلك الآن. وأدعو الله أن يحمي السيستانيquot;.

وواصلت النيويورك تايمز حديثها بالإشارة إلى أن مرشح إيران هو آية الله محمود هاشمي شهرودي، 63 عاماً، وهو رجل دين عراقي المولد، سبق له قيادة السلطة القضائية الإيرانية على مدار عقد من الزمان وظل مسؤولاً كبيراً في الحكومة هناك.

وبتمويل إيراني، يقوم مندوبوه منذ أشهر عدةبتطوير شبكة رعاية في جميع أنحاء العراق، وتقديم منح دراسية للطلبة في العديد من المعاهد في النجف، وتوزيع المعلومات.

وقال مهدي خلجي وهو زميل بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وسبق له أن درس على مدار 14 عاماً في معاهد في مدينة قم المقدسة الإيرانية :quot; إنه يتواجد هناك لكي يُحَضِّر نفسه لمرحلة ما بعد السيستانيquot;.

وهنا، أوضحت الصحيفة أن تلك الخطوة جاءت لتثير مخاوف من أن إيران تحاول بسط نفوذها المتنامي بالفعل في الحياة السياسية والاقتصادية في العراق.

وأضافت الصحيفة أن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى طهران، والتقى خلالها بآية الله شهرودي، قد أثارت المزيد من التوترات.

هذا وتتسم عملية اختيار القائد الروحي الأعلى المقبل بكونها عملية متعرجة وعفوية إلى حد ما، وترتكز على إرادة الشعب.

وقال فالي نصر، مسؤول سابق في الخارجية الأميركية وهو أكاديمي ومؤلف كتاب ( الإحياء الشيعي ) :quot; لا يمكن للحكومة الإيرانية أن تتحكم في اختيار الشيعة الأتقياء. فهذه عملية ديمقراطية للغايةquot;.

وأشارت الصحيفة إلى أن تلك العملية من الممكن أن تستغرق سنوات عدةقبل أن يتم التوصل في النهاية إلى خليفة واضح.

ومن الجدير ذكره أن السيستاني مواطن إيراني، لكنه برز في النجف لأسباب منها عدم تورطه مطلقاً في السياسة الإيرانية. ورغم إشادة رجال دين بمستوى شهرودي التعليمي، إلا أنهم سيفضلون ظهور قائد آخر من النجف لكي يحافظوا على تراث المدينة الأكثر هدوءًا.