اتسعت هوة الخلافات بين التيارات السياسية في مصر، وتحديدًا بين الإسلاميين والليبراليين، بسبب إعتزام البرلمان إصدار قانون لتنظيم المظاهرات والاعتصامات، ولاحت في الأفق بوادر أزمة جديدة بين الجانبين بسبب القانون، الذي سيتم طرحه للنقاش قريبًا داخل مجلس الشعب للموافقة عليه.


متظاهرون ضد النظام أثناء ثورة يناير

صبري حسنين من القاهرة: منذ أن طرح المجلس العسكريفي صفحته الرسميةعلى الفيسبوك قانونًا لتنظيم المظاهرات والاعتصامات للنقاش، بدأ يلقى قبولاً كبيرًا من جانب التيارات الإسلامية، وتحديدًا جماعة الإخوان المسلمين، حيث اعتبرته السبيل الوحيد للحفاظ على الثورة وحمايتها من الفوضى.

على العكس تمامًا يرى التيار الليبرالي أن القانون يضرب الثورة في مقتل، ويحدّ من الحريات العامة، فيما اعتبرت التيارات الثورية أن مشروع القانون محاولة لإجهاض الثورة، وضمان الخروج الآمن للمجلس العسكري. غير أن مشروع القانون زاد من سخط المصريين على الإسلاميين، ولاسيما جماعة الإخوان المسلمين.

محاولة لإستعادة هيبة الدولة
وفقاً للمستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية في مجلس الشعب، فإن القانون سوف يصدر قريبًا، حيث ستتم مناقشته داخل اللجنة التشريعية؛ لعرضه على الجلسة العامة؛ لإقراره بشكل نهائي. وأوضح لـquot;إيلافquot; أن القانون الجديد يحدد أماكن معينة للاعتصامات والمظاهرات، بما لا يترتب عليها إخلال للأمن أو تعطيل مصالح الناس والمرور.

وأضاف أن القانون الجديد ينص على ضرورة إخطار الأجهزة الأمنية بسبب المظاهرة، وخط سيرها، وتوقيت بدايتها وانتهائها، والجهة المسؤولة عن تنفيذها والأعداد المشاركة فيها، كما اشترط طلب الحصول على الموافقة الأمنية، مشيراً إلى أن هناك خلافًا بين النواب حول إشتراط موافقة الجهات الأمنية على المظاهرة، حيث يطالب البعض بأن يخرج المتظاهرون بمجرد الإخطار، في حين يشترط آخرون موافقة الأمن مسبقاً.

واعتبر الخضيري أن هذا القانون وسيلة لتنظيم المظاهرات، بعدما تحولت إلى فوضى كبيرة، تسببت في وفاة عشرات المصريين خلال الأشهر القليلة الماضية، كما سيوفر الأمن والحماية للمتظاهرين أو المعتصمين، وسيمنع كل من تسوّل له نفسه الاقتراب أو محاولة الاعتداء عليهم، وسيعيد إلى الدولة هيبتها المفقودة.

غير مقيّد للحريات
يؤيد الإسلاميون مشروع القانون بقوة، ولاسيما السلفيون، الذين يمثلهم حزب النور في البرلمان. وقال الدكتور أحمد خليل عضو مجلس الشعب عن حزب النور لـquot;إيلافquot; إن مصر تمر بظروف استثنائية، تستدعي إقرار البرلمان لمشروع القانون الذي يكفل حرية الاعتصام والمظاهرات، بشرط احترام حقوق ومصالح المواطنين.

وأضاف: من غير المعقول تعطيل العمل في المستشفيات والجامعات بسبب مظاهرات تحولت إلى عنف ومشاهد دموية، مطالبًا بضرورة إبلاغ الجهات الأمنية بالمظاهرة، حتى تحاسب بعد ذلك على تأمينها، غير أن خليل لا يحبّذ اشتراط موافقة الجهات الأمنية على خروج المظاهرات، حيث إنه من الطبيعي في الكثير من الأحيان أن يكون ردها الرفض، مما يعتبر تقييدًا للحرية العامة للأفراد.

الإحتجاج حق مكتسب
وقال صبحي صالح وكيل اللجنة التشريعية في مجلس الشعب لـquot;إيلافquot;: إن قانون تنظيم التظاهر أو الاعتصام موجود في مصر منذ العام 1923، ولكنّه غير مفعل، فالنظام السابق كان يمنع التظاهر بشكل عام، مشيرًا إلى أن القانون الجديد لن يكون مقيدًا للحريات أو وسيلة للحدّ من خروج المواطنين للاحتجاج على الأوضاع التي يرونها في غير مصلحتهم.

مؤكداً أن الإحتجاج أصبح حقًا مكتسبًا بعد ثورة 25 يناير، ولا يستطيع أحد حرمان مواطن من الاعتصام في ميدان التحرير، ولفت إلى أن القانون ينظم إجراءات الخروج في مظاهرة، وهذا يحدث في دول العالم كافة، فالولايات المتحدة الأميركية تحدد أوقات وأيام التظاهر، وخطوات السير، والجميع شاهد تعامل الشرطة الإنكليزية مع الذين هاجموا المحال، فتم ضربهم واعتقالهم؛ لكونهم خرجوا عن حقهم في التظاهر، وشدد على أن فوضى التظاهر في مصر لن تدوم.

تضييق
في حين قال محمد الأشقر عضو حركة كفاية لـquot;إيلافquot; إن حق التظاهر أو الاعتصام السلمي مكفول للجميع، ولا يجوز التضييق أو وضع قانون يحدّ من هذا الحق الدستوري، مشيرًا إلى أن ما يحدث في الخارج هو إخطار الأجهزة الأمنية فقط، ولكن لا يشمل الإخطار تحديد مكان المظاهرة، وخط سيرها، وأعداد المشاركين فيها، ولفت إلى أنه من غير المقبول أن يتم منع المظاهرات والاعتصامات التي تسببت في إسقاط نظام حكم مبارك.

يصبّ في مصلحة الإسلاميين
وأبدى جورج إسحاق الناشط السياسي استغرابه من صدور هذا القانون في الوقت الحالي، وترحيب الإسلاميين به. وقال لـquot;إيلافquot; إن موافقة الإسلاميين على هذا القانون تؤكد أنهم مازالوا ينفذون أجندة المجلس العسكري، الذي بادر بطرح القانون عقب أحداث العباسية، مؤكدًا أن الثورة لم تنتهِ بعد، ولم تحقق أهدافها، ونبّه إلى أن المظاهرات والمليونيات هي إحدى أهم الوسائل الباقية للضغط على العسكري؛ لتنفيذ مطالب الثوار والثورة، وإقرار هذا القانون يعني وفاة الثورة رسميًا على يد العسكري، قبل خروجه من السلطة، وضمان خروج آمن له.

واعتبر إسحاق أن القانون يصبّ في مصلحة الإسلاميين، بعدما وقف ميدان التحرير حاليًا ضدهم، وكشفهم على حقيقتهم، داعياً الغالبية في البرلمان وممثلي الأحزاب الثورية إلى رفض القانون، والتأكيد على شرعية المظاهرات والاعتصامات.