عملية فرز الأصوات في اوساط الجالية المصرية

ميونيخ: قبل ساعات معدودة من بداية تصويت المصريين في الخارج لأول مرة في انتخابات رئاسية مصرية، عقدت الجالية المصرية في بافاريا ندوة حافلة دعت إليها كل أبناء الجالية المقيمين في ولايات الجنوب الألماني للاشتراك في حلقة نقاش واسعة للتعريف بمسار العملية الانتخابية والمرشحين المحتملين، ومن ثم إجراء بروفة انتخابية أو استطلاع للرأي لمعرفة اتجاهات أبناء الجالية في اختيار المرشح المفضل لهم، وقد تداعى الجميع للاشتراك في اقتراع شكلي اشرف عليه مجلس إدارة الجالية بالتعاون مع متطوعين من أبناء الجالية مشهود لهم بالنزاهة ـ أعلن على اثره رئيس الجالية المصرية فوز الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح بالنصيب الأكبر من الأصوات يليه عمر موسى .

بدأت الندوة بحضور مكثف لكافة أبناء الجالية، وكان واضحا لدي الجميع مدى الوعي السياسي الذي يتمتع به المصريون بعد الثورة في ألمانيا، فالمصريين تحديدا من اكثر شعوب الأرض التصاقا بوطنهم رغم كل مشاكل الوطن، وهم من أكثر المهاجرين في ألمانيا اهتماما بقضايا وطنهم، كان ذلك جليا واضحا من النقاش الثري بينهم الذي اعقب انتهاء فعاليات الندوة، فهم يريدون دون ادني شك المشاركة الإيجابية في رسم سياسة وطنهم المستقبلية.
حاضر في الندوة التي عقدتها الجالية المصرية تحت عنوانquot; الوضع الراهن في مصر ومستقبل مصر السياسي quot; الدكتور احمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق والأستاذ مجدي الجوهري الصحافي والناشط الحقوقي والدكتور ياسر الليموني الطبيب المصري في ألمانيا والناشط السياسي .

استهل الدكتور احمد عمر هاشم محاضرته بطمأنة المصريين في ألمانيا بأن كل ما يحدث في مصر من صراعات وأحداث عنف سينتهي الى الأمان والاستقرار بإذن الله ، وقال إن هذا هو عهد الثورات دائما وهي إرادة الله أن يحدث ذلك وهو يري أن كل هذا هو اختبارات وابتلاءات ليمحص الله النفوس، وأردف قائلاً إن الأمر برمته سينتهي الى الأمن والاستقرار، وذَكر المصريين بان مصر ذكرت في القرآن الكريم عدة مرات واستشهد بالآية الكريمة التي تقول quot;ادخلوا مصر إن شاء الله آمنينquot; ومعنى ذلك ان الأمان سيكون من نصيب هذه الأرض إن شاء الله .
من جهة أخرى، ثمّن الدكتور هاشم قدرة المصريين الفائقة في تحمل ولايات الهجرة والبعد عن الوطن الأم وضرب مثلاً عن لوعة فراق الأوطان بهجرة الرسول عليه الصلاة والسلام عندما هاجر من مكة الى المدينة ويقول: في تلك اللحظة التي خرج الرسول من مكة.. فجأة التفت اليها ليلقي بنظرات حانية عليها وفي عيونه دموع رجراجة وقال بصوت عال والله انك لأحب أرض الله لله واحب أارض الله عليّ ولولا ان اهلك أخرجوني منك ما خرجت ثم ينزل علية الوحي وهو يحدث نفسه ويقول quot;إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معادquot; فمن حبه لوطنه كان يعتلج هذا الخاطر في نفسه فتبشره الآية القرآنية بأنه عائد وكان مهاجر علي الله .

يري الدكتور هاشم إن من حق المصرين مناقشة مستقبلهم السياسي، وحول دور الأزهر في بناء مصر المستقبل يقول: لقد قرأت لكبار المؤرخين وهم يقولون quot;إن من لم يذهب الى مصر، ما عرف مجد الإسلام ولا عزه ،لآن فيه الأزهر وآخرون يقولون quot; إذا ركعت مصر لا قدر الله ضاع منهج الإسلام quot; ويردف قائلاً إن الأزهر قدم خمس وثائق للوفاق الوطني حتي الآن من أجل توحيد كلمة المصريين ونبذ الانشقاق، لكن رئيس مجلس الشعب لم يأخذ بها وهو يتهم شيخ الأزهر بانه من الفلول .
ويضيف قائلاً لقد دعوت بنفسي الى الوفاق وعدم الاجترار الي التراشق ودعوت الي ثقافة التسامح وان يكون بيننا وفاق ونجمع علي اختيار مرشح واحد ويكون الآخرون مستشارون له حتي نتفادى الشروخ والرواسب وفي هذا الإطار انصح المرشحين أن لا يتعصب الواحد منهم لحزب أو تيار بعينه، بل يتحلوا بالتجرد وعدم المحاباة، ثم علي من يتم انتخابه رئيساً لمصر يجب عليه معاملة الشعب معاملة واحدة ، أما بالنسبة للناخبين فأرجو ألا تتعصبوا ويجب أن نجتمع علي من انتخبته مصر .

يذكر الدكتور هاشم قصة لها دلالة عميقة علي ريادة الأزهر في العالم الإسلامي فيقول : في العهد الملكي وفي احدى الحفلات سار الملك بضع خطوات سابقا شيخ الأزهر الشيخ المراغي، الذي سارع علي الفور متنحيا جانبا وعندما عاتبه الملك، قال له الشيخ المراغي إن تقدمك علي يهز مكانة الإسلام ،كذلك فإن الشيخ عبد الحليم محمود قد رفض قانونا في عهده وقال لا يمكن تمرير القانون الجائر وأنا علي قيد الحياة ،أيضا لقد كان الرئيس ضياء الحق يصر علي استقبال شيخ الأزهر بنفسه علي سلم الطائرة رغم مخالفة ذلك للبروتوكول .
وعن زيارة المفتي الى إسرائيل يقول الدكتور هاشم إن فيها وجهتي نظر، ذلك ان ترك القدس دون زيارة أو اهتمام هو إماتة للقضية ورأي آخر يرى ان زيارتها هو تطبيع للعلاقات ولا يصح زيارتها تحت الاحتلال وعلينا أن نعرف إن مجمع البحوث الإسلامية والأزهر الشريف يجمعان علي عدم الاعتراف بالصهيونية .

من جهته يري الناشط الحقوقي الصحفي مجدي الجوهري إن العقل المصري تم تجريفه طيلة السنوات الثلاثين الماضية وان النظام السابق يجب محاكمته علي ماقترفه في حق الشعب المصري وليس كما يجري الآن في محاكمته علي شراء فيلا مستغلاً منصبه، ويتساءل الجوهري قائلاً هل تعرفون انه في هذا العصر الحديث بلغت نسبة الأمية 40% في مصر ، وهل تعرفون إنها قد زادت إلى الضعف في عهد النظام السابق، لقد كان العالم كله يتقدم ونحن نتراجع، ويعرب عن دهشته وهو يقول هل يعقل ان يصل الأستاذ والعميد في الجامعات والمعاهد البحثية بتقارير الأمن وليس بالكفاءة والذكاء.
من ناحية أخري فهو متفائل بشأن مستقبل مصر ويقول أود أن ابشر المصريين كلهم بان حاجز الخوف انكسر عندهم ، وهذا شئ هام للغاية لان ذلك يعني ببساطة انهم سيقفون علي محاسبة أي رئيس أو برلمان أو حكومة قادمة الأمر اصبح الآن في يد الشارع المصري وليس كما كان في يد الامن ، لقد انتهي أيضا عهد الاحتكار السياسي ولن يعود أبدا .

من ناحية أخري يري الدكتور ياسر الليموني ان الوضع خطير في مصر وإن النخبة قد فشلت لأنه كان يجب أن يكون هناك مجلس رئاسي بعد الثورة للإشراف علي المرحلة الانتقالية، ويقول ان هذا هو اكبر اخطاء الثورة، أما الخطأ الثاني فهوـ كان يجب كتابة الدستور قبل إجراء أي انتخابات لكن انقسام الأحزاب في هذا الشأن كان من اجل الصراع علي التهام اكبر جزء من الكعكة وليس الاهتمام بمصلحة الوطن .هو يري كذلك ان مجلس الشعب والشورى باطلان ويتساءل كيف سيتم اختيار رئيس للجمهورية بعد أيام قليلة في ظل غياب الدستور ، ان ذلك يعني ببساطة إن رئيس الجمهورية سيكون محل شك . ثم يضيف عندنا 13 مرشح ولن اعطي صوتي لأي منهم ، كنت أتمنى أن يكون هناك مرشح شاب يتفق عليه الجميع في ظل هذا الوضع الاستثنائي، لكن للأسف كل الأحزاب تتصارع من اجل المناصب دون الاهتمام بالوطن.. فيبدو ان المنصب هو هدف الجميع ـ لقد عدت من مصر قريبا واجد أن شعبية الإخوان تدنت الي القاع لأنهم ومعهم الأحزاب الدينية الأخري لا هم لهم إلا الاستحواذ على كل السلطات والمناصب .

وعن توقعاته لرئيس مصر القادم يقول لا اعتقد ان شفيق سينجح وربما عمرو موسي سيكون له حظوظ كبيرة لكن ما اعرفه انه إذا حدث تزوير فستقام ثورة ثانية وسينتهي البلد الي التقسيم وسيكون هناك موتي بمئات الألوف وإذا فاز الإخوان وكتبوا الدستور فربما يقام انقلاب عسكري يعود بالبلاد الي نقطة الصفر ،لكن في النهاية أنا ارجح أن تجري إعادة علي المنصب بين أبو الفتوح وعمر موسي .