فرانسوا هولاند صار بعبعا يقلق منام بريطانيا

في خضم المعركة الانتخابية بين نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند، تحيّز رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون الى ساركوزي صراحة، وبلغ الأمر به حد أنه رفض استقبال هولاند في زيارة له إلى لندن. والآن يتهيأ كامرون لدفع الثمن لقاء مراهنته العلنية على الجواد الخاسر.


لندن: لا شك في أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون يعض إصبع الندم على تطوعه بإعلانه للملأ وقوفه بكل الصلابة الممكنة في معركة نيكولا ساركوزي الخاسرة لولاية ثانية في قصر الإليزيه.

ولو ان الأمر توقف عند هذا لقيل laquo;ربما كان ثمة مخرجraquo;. لكن كامرون كان واثقا من فوز ساركوزي الى حد أنه رفض لقاء (مرشح الاشتراكيين وقتها) فرانسوا هولاند لدى زيارته لندن في شباط (فبراير) الماضي متعللا بأن البروتوكول لا يجبره على استقبال زعماء المعارضة الأجانب.

ومنذ فوز هولاند بالرئاسة والصحافة البريطانية تتحسب بشيء من الهلع لما أسمته laquo;انتقام هولاند الحتميraquo; من كامرون وبلاده التي لم يعرف أنها تقاسمت المودة مع فرنسا على مرّ تاريخ البلدين. وحذّرت من أن بريطانيا قد تدفع الآن ثمنا غاليا يتمثل في أن العافية الاقتصادية البريطانية ترتبط عضويا بالحالة الفرنسية خصوصا والأوروبية عموما، وأن مصالحها تقتضي نوع المستقبل الذي تطمح اليه وراء سياستها الدفاعية وصناعاتها في مجال الطاقة الذرية واستخداماتها بما فيها الرادع النووي.

والآن تخرج laquo;ديلي ميلraquo; بأن هولاند على وشك إطلاق قذائف انتقامه. ونقلت عن خبراء الدبلوماسية الأوروبية قولهم إن هذه تتمثل في سبع قضايا سيطرحها الرئيس الفرنسي أمام لندن خلال أول اجتماع رسمي له برئيس الوزراء البريطاني خلال قمة الثماني في كامب ديفيد في أميركا، وهي كالتالي:

1-سحب القوات الفرنسية من أفغانستان قبل وقت طويل من سحب نظيرتها البريطانية.

2-النكوص عن الموقف الفرنسي الذي ساد تحت رئاسة ساركوزي وكان يدعو إلى تجميد ميزانية الاتحاد الأوروبي.

3-دعم الاتجاه لفرض laquo;ضريبة صفقاتraquo; تعمم في سائر انحاء أوروبا. وهو الاتجاه الذي يقول خبراء المال البريطانيون إنه سيلحق ضررا هائلا بحي المال laquo;السيتيraquo; اللندني ووضع بريطانيا الاقتصادي كله بالتبعية.


4-إنهاء الخصم الذي كانت تتمتع به بريطانيا في مساهماتها للخزينة الأوروبية وظل ساريا منذ نجاح رئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر في انتزاعه من بروكسيل.

5-التفوق على ساركوزي نفسه في ما يتعلق بفرض الحكومة الفرنسية الحماية على مدفوعات فرنسا في مجال السياسة الزراعية المشتركة.


6-وقوف فرنسا بصلابة وراء الدعوة لسياسة دفاعية أوروبية مشتركة (بما فيها laquo;قوات مسلحة أوروبيةraquo;) ظلت بريطانيا تعارضها بشدة.

7-الوقوف ضد سياسة التقشف باعتبارها أحد أهم السبل الى النمو الاقتصادي.

كامرون وساركوزي.. مودة صارت تاريخاً

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي بريطاني قوله إن سعي هولاند الى ضريبة الصفقات الأوروبية (وهي أحد أعمدة سياسته الاقتصادية) سيسحب مليارات اليوروهات من خزائن حي السيتي اللندني بيث تصبح شبه خاوية. ولن يكتفي الرئيس الفرنسي بذلك بل سيسعى (وسينجح على الأرجح) الى حرمان بريطانيا من الخصم الذي تمتعت به في مساهماتها المالية تجاه أوروبا، وذلك عند إعادة النظر في المسألة العام المقبل.

ورغم أن فرنسا وبريطانيا شهدتا تقاربا دفاعيا لصيقا في الآونة الأخيرة (منذ وقوف الناتو خلف الثوار في ليبيا)، فإن دعوة هولاند لجيش أوروبي تخيف لندن حقا. وعلى سبيل المثال فقد أجبرت إجراءات التقشف بريطانيا على إلقاء ما تبقى من حاملات طائراتها في كومة القمامة. والى حين تشييد حاملات جديدة (في غضون ما لا يقل عن عشرة أعوام) فقد صارت لندن تعتمد بالكامل في قدراتها الدفاعية والهجومية البحرية على باريس.

وإضافة الى هذا فقد وقع كامرون وساركوزي على اتفاقات تتولى بموجبها شركات فرنسية بناء الجيل المقبل من محطات الطاقة النووية البريطانية. ومن شأن أي تراخ من جانب باريس في هذا المجال أن يحيل بريطانيا - مثلا - الى فريسة سهلة لانقطاع التيار الكهربائي على مدى سنوات مقبلة.