الخدمة العسكرية في إسرائيل تثير صخبا

القاهرة: بينما سبق لكبير حاخامات إسرائيل الحديثة، اسحق هرتسوغ، أن ساعد في إقناع رئيس الوزراء الراحل دافيد بن غوريون بأن يعفي 400 رجل من الأصوليين من التجنيد حتى يتمكنوا من الدراسة بدوام كامل في المدارس الدينية، إلا أنه وحين أراد ابنه، حاييم، أن يهجر المدارس الدينية، وأن يكرس حياته لقوات جيش الدفاع الإسرائيلي الجديدة، أبدا هرتسوغ حماساً لهذا التوجه بعدما وافقه في الرأي واقتنع به.

وأوردت في هذا الصدد اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية عن نجل حاييم، واسمه أيضاً اسحق، قوله :quot; لقد أخبر جدي والدي أنه إن لم يكن يريد أن يصبح حاخاماً، فليس هناك من شرف أكبر من أن يكون ضابطاً في جيش الدولة اليهوديةquot;.

وأعقبت الصحيفة بقولها إن حاييم هرتسوغ بات بالفعل ضابطاً كبيراً بالجيش، وظل يرتقي بالمناصب حتى بات قائداً للجناح الاستخباراتي هناك، ثم رئيساً لإسرائيل في وقت لاحق.

ومع هذا، سمحت الثغرة للـ 400 صبيا الأصليين الذين يدرسون كل عام في المدارس الدينية بالانضمام للأصوليين ممن هم في سن التجنيد، ويقدر عددهم بحوالي 58 ألف رجل، في الإفلات من أداء الخدمة العسكرية اليوم. وبعد عقود من المخاطبات الكتابية والصفقات والأحكام القضائية، وصل الجدال المتعلق بما يمكن فعله مع هؤلاء الأصوليين ndash; المعروفين باسم الحريديم ndash; والجيش إلى ما وصفه موشيه هالبيرتال، أستاذ الفلسفة اليهودية في الجامعة العبرية، بـ quot;نقطة غليان، أزمة أخلاقيةquot;.

وقد قضت المحكمة العليا في إسرائيل خلال شهر شباط (فبراير) الماضي بأن الإعفاء من التجنيد أمر غير دستوري. وأكدت الحكومة الإسرائيلية التي تم تشكيلها مطلع الشهر الجاري أنها ستضع من بين أولوياتها إعادة صياغة القانون المتعلق بالتجنيد بحلول الأول من آب (أغسطس) المقبل، وهو الموعد الذي حددته المحكمة للقانون كي يبطل.
ونوهت النيويورك تايمز في هذا السياق إلى أن لجنة عالية المستوى يتم تشكيلها حالياً بالفعل من أجل الدخول في مفاوضات للوصول إلى حل وسط، وتحديد حصص لمن سيتم قبولهم، وتوجيه الجيش إما لقبول أعداد كبيرة من الجنود أو إنشاء بيروقراطية جديدة ضخمة (ومكلفة) من الخدمة الوطنية المدنية. لكن الصحيفة مضت لتؤكد أن العراك الدائر حول مسألة التجنيد هو في واقع الأمر وكيل لمعركة أكثر جوهرية حول الهوية الإسرائيلية نفسها، وهو الانقسام الذي ينظر إليه البعض في إسرائيل باعتباره تهديداً أكبر على مستقبل الدولة من التهديد الذي يشكل خصومها بالخارج.

ثم أشارت الصحيفة إلى أن الحريديم يشكلون الآن نسبة قدرها 9 % من المواطنين الإسرائيليين، وأن المشاركة في قوة العمل بين الرجال الحريديم تقدر بحوالي 35 %، فيما تهتم مدارسهم بالتوراة على حساب الرياضيات واللغة الإنكليزية والعلوم.

وأضافت الصحيفة أن الأمور قد تصبح أكثر خطورة، بعدما أشارت إلى أن أحد الديموغرافيين قدّر مؤخراً أن تلك الطائفة الفقيرة المعزولة ستصبح قرابة ربع الشعب الإسرائيلي، وهي الاحتمالية التي يراها الجميع تقريباً احتمالية لا يمكن تحملها.

وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن مشاعر الاستياء والتشويه التي يواجهها الحريديم عميقة ومتزايدة، وأنها تتزايد بشكل كبير بين اليهود المتدينين المعروفين في إسرائيل باسم الأرثوذكس الجدد أو المتدينين الوطنيين. وختمت الصحيفة بنقلها عن ميناحيم فريدمان، أستاذ علم الاجتماع المتقاعد بجامعة بار إيلان، قوله quot; أن ينظر الناس في الدولة اليهودية للأصوليين باعتبارهم ( عدو ) فهذا أمر مأساوي. فمعظم الناس يكرهون الحريديم. وهذا أمر سيء لإسرائيل وللشعب اليهودي وكذلك للحكومةquot;.