في منتصف الشهر الحالي، أعدمت طهران شابًا قالت إنه جاسوس للموساد اغتال بأوامره العالِم النووي مسعود محمدي. لكنّ المشككين يذهبون إلى أن المخابرات الإيرانية هي التي قتلته لأنه كان مواليا للمعارضة، ويقولون إنهم يملكون الدليل أيضا على براءة laquo;جاسوس الموسادraquo; المزعوم.


صار الهمس مسموعاً على مواقع الإنترنت فقال إن المخابرات الإيرانية هي التي اغتالت العالم النووي البروفيسور مسعود علي محمدي في 2010. وفي 15 من الشهر الحالي، أُعدم النجم الرياضي ماجد جمالي فاشي بجريمة قتله محمدي تنفيذًا لأوامر laquo;الموسادraquo;، ونُفذ فيه حكم الإعدام شنقا في سجن إيفين في طهران.

وثيقة سفر ماجد فاشي إلى إسرائيل تحمل تاريخ 2003

ونقلت صحف بريطانية أن نشطاء المعارضة الإيرانية يشيرون إلى عدد من التناقضات التي اكتنفت هذه القضية. وتشير هذه بدورها إلى أن عملاء استخبارات النظام هم الذين يقفون وراء مقتل العالم النووي. ويقول كاتب المدونة الإلكترونية (بلوغر) الإيراني بوتكين أزرماهر إن قدرا كبيرا من المصداقية يسند هذا الزعم. بل إنه يصل حد القول إن فاشي laquo;مجرد كبش فداء إذا أُعدم فعلا أو انه لم يُعدم في المقام الأولraquo;.

ويرتبط الأمر في أهم أطرافه بوثيقة سفر عرضتها السلطات الإيرانية وقالت إنها تعود لفاشي. وهي تظهر أنه سافر من أذربيجان (حيث شارك في منافسات لملاكمة الركل في 2009) إلى تل أبيب. وكان هذا مقرونًا باعترافه على التلفزيون الإيراني بأنه تلقى تدريبًا في قاعدة عسكرية إسرائيلية وتعلم - باستخدام مجسم لدار العالِم الإيراني - كيفية تنفيذ مهمته لقتله بدراجة نارية مفخخة.

لكن أزرماهر يلاحظ - كبقية المشككين - أن تاريخ الوثيقة لا يعود إلى العام 2009، وهو تاريخ زيارة فاشي إسرائيل كما تقول طهران، وإنما إلى 2003، أي عندما كان في الخامسة عشرة من عمره لا أكثر. ومع ذلك، فإن الصورة التي تحملها الوثيقة تعود إليه وهو في العشرينات من عمره. وبعبارة أخرى، كما يقول أزرماهر ونشطاء المعارضة الإيرانية، فإن الوثيقة laquo;مزوّرة بجلاء لأن صانعها لم يتنبّه إلى أهم تفاصيلها على الإطلاقraquo;!.

العالِم القتيل محمدي (اليمين) وفاشي
وكان العالم النووي الإيراني (50 عامًا) موضع القضية قد قتل بتفجير دراجة نارية مفخخة أمام منزله في شمال طهران في يناير / كانون الثاني 2010. وعلى الفور، وجّهت السلطات الإيرانية إصبع الاتهام إلى laquo;وكالات استخبارات أجنبية تسعى إلى وقف مشروعنا النووي السلميraquo;. وبعد انقضاء نحو عام، أعلنت في عاصفة إعلامية عاتية اعتقال laquo;عشرة جواسيس يعملون للموساد الإسرائيليraquo; قالت إنهم دبروا مقتل محمدي، ومن بينهم فاشي.

والواضح أنّ هذا الأمر برمته لم ينته فصولا بعد وأن أبعادا عديدة فيه لا تزال غامضة. وعلى سبيل المثال، فرغم أن السلطات الإيرانية أعلنت إعدام فاشي، فقد بثّت شريط فيديو لتنفيذ الحكم فيه. لكن نوعية الصورة في هذا الشريط متدنية ولا تظهر بأي شكل ما إن كان الشخص المعلّق من حبل المشنقة هو فاشي فعلاً. وفي هذا الاتجاه نفسه، فقد التزمت السلطات الصمت الكامل إزاء مصير laquo;جواسيس الموسادraquo; التسعة الآخرين الذين ألقت القبض عليهم مع فاشي بالتهمة نفسها ولم تشر إلى مصير أي منهم.

وبالإضافة إلى هذا، فهناك عدد من الأسئلة المعلقة أيضا فوق الضحية البروفيسور محمدي، الذي كان يدرّس فيزياء الجزيئات في جامعة طهران. فليس من دليل على أنه كان ذا علاقة بمشروع إيران النووي وأحد العاملين فيه كما تقول إيران الرسمية.

بقايا الدّراجة المفخخة التي قتلت محمدي
والواقع أن معارضين للنظام يقولون إنه كان نصيرا لحركة laquo;الخضرraquo; وعلى وشك الهجرة إلى سويسرا، وإن المخابرات الإيرانية هي التي اغتالته لأنه كان مواليًا أيضا لزعيم المعارضة المهندس المعماري رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي. ويضيف هؤلاء أن نظام طهران يستغل الأجواء المنذرة بحرب مع إسرائيل (حول البرنامج النووي الإيراني) ويستخدمها ذريعة للانقضاض على المعارضين بالداخل.