قالت صحيفة كريستيان ساينس مونتر إنمقاتلين من دول وجنسيات مختلفة وعلى رأسها لبنانيقاتلون فيصفوفالجيش السوري الحر، فهناك نحو 300 لبناني من وادي البقاع وحده حملوا السلاح ضد نظام الأسد في العام الماضي.
انحنى مصطفى تحت شجرة دراق فروعها مثقلة بالفاكهة الخضراء التي لم تنضج بعد ، وأشار الى وادٍ ضحل في الغرب وراء البستان قائلا quot;هناك نتدرب بالبنادق حيث لا يزعجنا أحدquot;.
ومصطفى محارب قديم من زمن الحرب الأهلية اللبنانية يوظف خبرته العسكرية لتدريب عشرات المتطوعين اللبنانيين المتلهفين على عبور الحدود القريبة مع سوريا للانضمام الى المعارضة المسلحة ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
وبحسب مصطفى ولبنانيين آخرين ينتمون الى الجيش السوري الحر، فإن نحو 300 لبناني سني من وادي البقاع وحده حملوا السلاح ضد نظام الأسد في العام الماضي. وانخرطت غالبيتهم في كتائب الجيش السوري الحر في منطقة حمص ، ثالث أكبر المدن السورية.
ولكن المقاتلين اللبنانيين ليسوا وحدهم غير السوريين الذين تطوعوا للمعركة ضد نظام الأسد بل هناك مقاتلون أجانب آخرون بينهم أردنيون وتونسيون وجزائريون وسعوديون ، كما افادت صحيفة كريستيان ساينس مونتر في تقرير من بلدة القاع الحدودية اللبنانية. وقال التقرير ان وجود هؤلاء المقاتلين يؤكد البعد الطائفي المتزايد للانتفاضة محولا سوريا من الناحية العملية الى ساحة جديدة للجهاد.
وفي هذا الشأن، قال خالد وهو مقاتل لبناني من البقاع انضم الى الجيش السوري الحر منذ عام ويتدرب الآن على يد المحارب المخضرم مصطفى quot;ان هناك اليوم حاجة الى الجهاد في سوريا ، الجهاد من أجل الحقquot;. واضاف انه فرضٌ على المسلم ان يساعد اخوته المسلمين في سوريا. وكان خالد الذي يعتمر عمامة ولحية سوداء كثة وصل الى بيت آمن قرب بلدة القاع قبل اقل من نصف ساعة على حديثه لمراسل صحيفة كريستيان ساينس مونتر قادما من حمص على طريق يخضع لسيطرة الجيش السوري الحر.
وما يدفع المتطوعين اللبنانيين للقتال ضد نظام الأسد ليس الواجب الديني وحده، بل احساس عميق بالغضب والإحباط إزاء ما يرون أنها سنوات طويلة من المهانة ومصادرة الحقوق في نظام لبنان السياسي. وهم يتهمون على الأخص حزب الله المدعوم من سوريا بالمسؤولية عن وضعهم هذا.
وكانت سلسلة من الأحداث التي أثارت سخط السنة اللبنانيين في السنوات الأخيرة بلغت ذروتها في كانون الثاني/يناير 2011 بإسقاط حكومة سعد الحريري زعيم حركة المستقبل ، ودور حزب الله الحاسم في إسقاطها الذي يقول انصار الحريري انه كان انقلابا. ويقيم الحريري خارج لبنان منذ نيسان/ابريل 2011 وتشير التطورات الأخيرة الى ان الفراغ الذي تركه في القيادة السنية يمكن ان تملأه عناصر راديكالية تنبثق من الشارع السني.
وشهد لبنان قبل أسبوعين اعمال عنف لم يعرف مثلها دموية منذ اربع سنوات عندما تظاهر السنة ضد اعتقال الناشط السني شادي مولوي ومقتل الشيخ احمد عبد الواحد بنيران جنود لبنانيين. وقُتل 12 شخصا على الأقل في اسبوع من اعمال العنف. ويؤكد استعداد مصطفى وخالد للحديث عن تدريبات عسكرية لم يُكشف عنها من قبل وإرسال متطوعين للانضمام الى الجيش السوري الحر، المرارة التي يشعر بها كثير من سنة لبنان. ولكن الاثنين تحدثا لصحيفة كريستيان ساينس مونتر مشترطين عدم استخدام اسميهما الحقيقيين أو كشف اسم البلدة التي جاءا منها.
وكان مصطفى ينتمي الى جماعة موالية للنظام السوري في لبنان، ولكنه خرج منها احتجاجا في ايار/مايو 2008 عندما اجتاح حزب الله المناطق السنية في بيروت ردّا على قرار الحكومة وقتذاك غلق شبكة اتصالاته. وعاد مصطفى الى بلدته في البقاع وسرعان ما بدأ يدرب خلايا quot;نائمةquot; سرية من المقاتلين السنة استعدادا لمواجهة محتملة مع حزب الله. ولكن اندلاع الانتفاضة السورية وجه الأنظار واهتمامات مصطفى صوب سوريا. وقال مصطفى ان كل الذين يدربهم اليوم quot;هم مجندون يريدون القتال ضد نظام الأسدquot;.
وأوضح مصطفى انه ينتظر الى ان يكون لديه نحو 10 متطوعين ثم يأخذهم الى البستان حيث يلقي عليهم دروسا نظرية في استعمال السلاح وبعض المهارات العسكرية الأساسية في بيت صغير داخل الضيعة. ويجري التدريب العملي في مناطق وعرة غير مأهولة في وادي البقاع.
وقال مصطفى quot;إن التدريب الثانوي يشتمل على زرع العبوات الناسفة والألغام الأرضية والتحرك تحت النار وإتقان الرمايةquot;. ويوفر مثل هذا التدريب إعدادا ضروريا لمقاتلين مثل خالد الذي قاتل في حي بابا عمرو وحي الخالدية في حمص عندما حاصرها جيش النظام.
ويتهم النظام السوري ما يسميها quot;مجموعات ارهابية مسلحةquot; ومتطرفين إسلاميين بالمسؤولية عن العنف ويذهب الى ان تنظيم القاعدة كان وراء عدة تفجيرات مدمرة شهدتها سوريا في الأشهر الخمسة الماضية. ولكن خالد يؤكد ان لا وجود للقاعدة في سوريا وان المتطوعين الأجانب هم ببساطة مسلمون أتقياء هبوا الى الجهاد.
وقال خالد لمراسل صحيفة كريستيان ساينس مونتر quot;إذا التقطتَ لي صورة وأنا احمل بندقية أمام علم أسود نُقشت عليه عبارة quot;لا إله إلا اللهquot; ونشرتَ صورتي في صحيفة غربية ، سيقول الجميع أنا من القاعدة. أنا مسلم مجاهد للدفاع عن المسلمين. وإذا لم يفهم الغرب ذلك ويعتقد أنا من القاعدة فان لدى الغرب مشكلةquot;.
ولكن صحيفة كريستيان ساينس مونتر تلاحظ ان كلام خالد يكشف عن التفكير الطائفي لكثير من المقاتلين لدى سؤاله إن كانت سوريا الآن ساحة لجهاد المسلمين كافة. فهو يجيب quot;ليس كل المسلمين بل المسلمين السنة فقطquot;. ويمد مصطفى الذي كان جالسا بجانب خالد يده ويمسك ذراعه موبخا بالقول quot;كلا ، ليس السنة وحدهم. فالجهاد جهاد من اجل الحق وهو ليس قضية طائفيةquot;.
تطل على البستان الذي يضم معسكر التدريب حيث يعمل مصطفى في جبال وعرة تكسوها الأحراش حيث يدرب حزب الله مقاتليه الشيعة. فان النصف الغربي من البقاع معقل لحزب الله ومؤيدي نظام الأسد وموطن قرى شيعية تسكنها عائلات قوية التقاليد العشائرية أهم عندها من الولاء للدولة اللبنانية ، على حد قول صحيفة كريستيان ساينس مونتر مضيفة ان النصف الشرقي من البقاع يضم العديد من البلدات والقرى السنية التي يدعم غالبية سكانها المعارضة السورية بالانضمام الى الجيش السوري الحر أو تهريب السلاح الى سوريا أو مساعدة اللاجئين السوريين الهاربين من العنف.
ويبدو ان البعد الطائفي المتزايد للنزاع السوري فاض مؤخرا الى لبنان الذي نفسه صاحب تاريخ مديد ومفجع من الصراعات الطائفية ، على حد وصف كريستيان ساينس مونتر.
وكان عناصر من الجيش السوري الحر خطفوا قبل اسبوعين ثلاثة شيعة لبنانيين احدهم من عائلة جعفر واسعة النفوذ ، شمالي الحدود اللبنانية. ورد آل جعفر بخطف 36 سوريا. واندلعت اشتباكات في القرى السورية الحدودية بين شيعة لبنانيين من آل جعفر وعناصر من الجيش السوري الحر في صفوفهم لبنانيون سنة. واتفق الطرفان على تبادل الأسرى الذين أُفرج عنهم جميعا في 16 ايار/مايو.
ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن الشيخ راكان آل جعفر عمدة بلدة القاع ان المعارضة السورية quot;كلهم متطرفونquot; متوقعا ان تكون الأمور quot;سيئة جدا إذا سيطروا في سورياquot;.
وإذا كان نحو 300 سني من وادي البقاع وحده انضموا الى الجيش السوري الحر فان من المؤكد تقريبا ان يكون سنة لبنانيون من مناطق أخرى عبروا الحدود للقتال ضد نظام الأسد وخاصة من شمال لبنان حيث تتمتع المعارضة السورية بتأييد واسع.
وحين سألت صحيفة كريستيان ساينس مونتر مصطفى إن كان متطوعون سنة آخرون يتلقون تدريبا عسكريا أجاب قائلا quot;ان الجميع يتدربون. هم [حزب الله وحلفاؤه] ونحن. الجميع يتدربونquot;.
التعليقات