تباينت ردود أفعال القوى السياسية المصريةحول العرض الذي قدمه المرشح الرئاسي محمد مرسي عن استعداده لتشكيل حكومة ائتلافية برئاسة محمد البرادعي، وتشكيل مجلس رئاسي، فيرى البعض أن العرض مجرد دعاية انتخابية، مطالبين مرسي بتقديم هذه الوعود في وثيقة شعبية تتضمن ضمانات واضحة ومكتوبة، غير أن الغالبية العظمى تشكك في امكانية وفاء الإخوان بتعهداتهم، في حين يرى الآخرون أن الدكتور البرادعي لن يوافق من الأصل على عرض مرسي، ولن تستقطب وعوده كتلة البرادعي من الثوار والليبراليين للتصويت لمصلحته، غير أن البرادعي يلتزم الصمت.


المرشح الرئاسي محمد مرسي

صبري حسنين من القاهرة: وفقاً للدكتور جمال عبد الكريم، أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة، فإن الإخوان تربوا على ثقافة التوجيه والسمع والطاعة، فضلاً عن العمل وفقاً لمبدأ التقية والمرحلية، مشيراً إلى أنه من الصعب إيمان الإخوان بنشر ثقافة الحوار في المجتمع، بدليل أنهم منذ سقوط حكم مبارك، وهم يتعاملون وفق هذين المبدأين، بدءًا من إنتخابات مجلس الشعب ثم مجلس الشورى، ثم تشكيل الجمعية التأسيسية، وإنتهاء بالإنتخابات الرئاسية.

وقال لـquot;إيلافquot; إن وعود الإخوان بإقامة الدولة المدنية غير واقعية، وكل هذه المؤشرات تؤكد خداع حديث الدكتور محمد مرسي عن تشكيل حكومة ائتلافية برئاسة الدكتور محمد البرادعي أو غيره من التيارات السياسية والليبرالية، بدليل أن حديثه عن الضمانات التي قدمها إلى الشعبكاندائمًا تسبقه كلمة quot;ممكنquot;، ولفت إلى أن الإخوان لن يتنازلوا عن رئاسة شخصية من الجماعة أو حزب الحرية والعدالة للحكومة الجديدة في حال وصول مرسي إلى الحكم، وسوف يسيطر الإخوان على كل الحقائب الوزارية كما حدث في لجان الشعب.

ونبّه عبد الكريم إلى أن الضمانات التي قدمها مرسي إلى الأقباط، وتشكيل مجلس رئاسي، مجرد وعود من أجل استقطاب تلك الكتل كنوع من الدعاية الانتخابية، ولكن بمجرد نجاحه لن يلتزم بما قطعه على نفسه من ضمانات، حيث سيعود الإخوان إلى التراجع عما يقولونه، كما عرف عنهم دائمًا، بدليل أن هذه الضمانات قدمتها الجماعة في جولة الإعادة، ولم نسمع عنها في الجولة الأولى، لأنهم كانوا يعتقدون أن مرشحهم قادر على حسم المعركة الرئاسية لمصلحته منذ الجولة الأولى.

غير مستبعد
لا يستبعد شريف صادق، عضو إئتلاف شباب الثورة، وفاء الدكتور محمد مرسي بما قطعه على نفسه من وعود، في حال وصوله إلى السلطة. وقال لـquot;إيلافquot; إنه سوف يتخذ قراراً بتعيين البرادعي رئيساً للحكومة، في إطار سعي الجماعة إلى الوصول إلى تحقيق حلم الإقامة في القصر الجمهوري، وهم يرون الآن أن الحلم على قاب قوسين أو أدنى من تحقيقه. وفي سبيل ذلك، فالإخوان لديهم الإستعداد للتنازل عن الكثير من مبادئهم وطموحاتهم من أجل استقطاب كتل تصويتية؛ لضمان نجاح مرسي، وبعد ذلك يمكن التراجع عن الوعود، لاسيما أنه إذا حدث ذلك، فإنهم سوف يخسرون كل شيء حتى النهاية.

وأضاف أن الإخوان يعتقدون بحديثهم عن استعدادهم لتولي البرادعي للحكومة الجديدة، رغم كونه من أكثر المعارضين لهم، أن هذا يعني تقديم ضمانات كبيرة للمجتمع، وخاصة الكتلة الثورية والليبرالية، بما يضمن تحقيق أكثر من مكسب، أولها استقطاب هذه التيارات للتصويت لمرسي، وتقديم ضمان مقنع للشعب يؤكد استعداد الجماعة للانفتاح على الجميع.

ويرى صادق أن الإخوان في حال وصول مرسي إلى الحكم سوف يقدمون تنازلات من أجل نجاح تجربتهم، واعتبارهم نموذجًا في المنطقة، حيث إن حلم الإخوان ليس السيطرة على حكم مصر فقط، بل لديهم حلم بالسيطرة على منطقة الشرق الأوسط.

رفض البرادعي
في حين يستبعد الدكتور محمد الأشقر، القيادي في حركة كفاية، قبول الدكتور محمد البرادعي تولي رئاسة الحكومة في حال وصول شفيق أو مرسي إلى الحكم. وقال لـquot;إيلافquot; إن مجرد العرض الإخواني يمثل إهانة للبرادعي؛ لعلمهم السابق برفض العرض، فهم يعتقدون أن ذلك سوف يضمن تصويت الثوريين لمرشح الجماعة.

مشيراً إلى أن الشعب لا يثق في وعود الإخوان، ولن يكون هناك تنازل عن تقديم ضمانات مكتوبة تعرض على الشعب والقوى السياسية قبل جولة الإعادة. أما الضمانات الشفهية القائمة على الدعاية الانتخابية فقط، فهي مرفوضة، وبالتالي ما قاله الدكتور محمد مرسي عن حكومة ائتلافية، ومجلس رئاسي، واختيار نوابه من الأقباط، لن يتم إلا من خلال وثيقة دستورية يوقع عليها مرسي، وما دون ذلك فكذب، وتاريخ الإخوان يؤكد تراجعهم عمّا يقولونه في إطار المصلحة.

من دون صلاحية
ويشكك طارق سباق، عضو حزب الوفد، في الوعود التي قطعها الدكتور محمد مرسي على نفسه في حال وصوله إلى الحكم، سواء بتشكيل حكومة ائتلافية برئاسة البرادعي أو غيره من القوى الثورية والليبرالية.

وأضاف لـquot;إيلافquot; إن الجماعة في حال الاستعانة برئيس للحكومة المقبلة من خارج الإخوان، فسوف ينصبون شخصًا لديه انتماءات إخوانية، كما حدث في تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، لافتاً إلى أن الحكومة المقبلة في حال وصول مرسي سوف تشكل بالكامل من الإخوان، ولن تكون هناك حقائب وزارية للأحزاب الأخرى، وفي حال استثناء ذلك، فسوف تسند حقائب وزارية غير فعالة للوزراء خارج التيار الإخواني، حتى إن السلفيين لن يكون لهم تواجد كما يعتقدون، والأمر نفسه ينطبق في الحديث عن تشكيل مجلس رئاسي أو تعيين نواب من الأقباط، وإن كان ذلك من المستحيل، فهذه المناصب ستكون بلا أي صلاحية.

بين هؤلاء وأولئك، يلتزم الدكتور محمد البرادعي الصمت، منذ الإعلان عن خوض الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق جولة الإعادة، وحاولت quot;إيلافquot; الإتصال به، إلا أنه لم يرد على هاتفه.