تتجه أنظار العالم اليوم إلى مصر التي تشهد quot;محاكمة القرنquot;، فمن المتوقع أن تشهد جلسة محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته حبيب العادلي المقررة اليوم النطق بالحكم وسط سيناريوهات متعددة من بينها البراءة أو السجن أو الإعدام.


ساعات قليلة تفصل المصريين عن النطق بالحكم في محاكمة القرن، التي يمثل فيها الرئيس المصري السابق حسني مبارك ونجلاه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من مساعديه أمام محكمة القاهرة الجنائية، في تهم تتعلق بالفساد وقتل المتظاهرين، وتتجه الأنظار في مصر ومختلف أنحاء العالم إلى مقر أكاديمية الشرطة في ضاحية القاهرة الجديدة، حيث تعقد فيها جلسة النطق بالحكم اليوم 2 يونيو/ حزيران الجاري، حسبما هو مقرر لها من جانب المستشار أحمد رفعت رئيس المحكمة.

وتتزامن جلسة النطق بالحكم في القضية التي بدأت أولى جلساتها في 3 آب/ أغسطس 2011، مع الإستعدادات لإجراء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها الدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين، والفريق أحمد شفيق المرشح المحسوب على النظام السابق، ويشير خبراء قانونيون إلى أن المحاكمة لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن مجريات الأمور في مصر، ولا سيما الانتخابات الرئاسية، مؤكدين أن الحكم سوف يكون له مردود على أي من المرشحين سلباً أو إيجاباً. وتوقعوا ثلاثة سيناريوهات في ما يخص الحكم، الأول صدور حكم بالإدانة، الثاني: البراءة والثالث: مدّ أجل النطق بالحكم، بما لا يتجاوز 30 حزيران / يونيو الجاري، لأنه موعد إحالة المستشار أحمد رفعت على التقاعد.

حكم سياسي وليس قانونياً
ووفقاً لأسعد هيكل محامي أسر القتلى والمصابين، فإن الحكم المتوقع صدوره بحق الرئيس السابق ونجليه ووزير داخليته حبيب العادلي ومساعديه، سيكون سياسياً بالدرجة الأولى، وليس قانونياً، وقال لquot;إيلافquot; إن القاضي في مثل هذه القضايا التي تشغل الرأي العام لا ينفصل عن المجتمع أو عن التموجات السياسية التي تدور في البلاد، موضحاً أن الحكم بالإدانة سوف يكون له أثر إيجابي على المرشح المحسوب على النظام السابق، أما الحكم بالبراءة أو الحكم المخفف فسوف يصب في صالح مرشح الإخوان، وسوف يزيد من سخط المصريين على النظام السابق وجميع المنتمين إليه، معتبراً أن الحكم بإدانة مبارك ونجليه وقيادات وزارة الداخلية لا يمثل إدانة لأشخاص بل إدانة لنظام الحكم الذي قاد البلاد لثلاثة عقود متتالية. ولفت هيكل إلى أن الحكم سوف يراعي الظروف السياسية التي تمرّ بها البلاد، مشيراً إلى أن الحديث عن استقلال القضاء هو كلام نظري، لأن القاضي لا ينفصل عن الحياة المحيطة به.

من 3 سنوات حتى الإعدام
وأضاف أنه يتمنى أن يكون الحكم شافياً لصدور المصابين وأسر القتلى ويحقق العدل الذي خرج من أجله الملايين من أبناء مصر في 25 كانون الثاني / يناير، مشيراً إلى أن مبارك يواجه ثلاثة اتهامات هي: قتل المتظاهرين، واستغلال النفوذ والسلطة والتربح من وظيفته عبر الحصول على قصور من صديقة حسين سالم، مقابل تخصص 2 مليون متر مربع من أراضي الدولة بسعر التراب، إضافة إلى إهدار المال العام والتربح الوظيفي في صفقة تصدير الغاز لإسرائيل، وقال هيكل إن الحكم سوف يصدر في القضايا الثلاث معاً، ولكن سيكون هناك توضيح للحكم في كل اتهام على حدة، ونبه إلى أن تهمة القتل التي يواجهها مبارك والعادلي وأربعة من مساعديه، تتراوح الأحكام فيها ما بين ثلاث سنوات سجن مشدد إلى الإعدام شنقاً، ويجوز للقاضي النزول بالحكم درجة أو درجتين أي الحكم بالسجن المؤبد أو السجن لمدة 15 سنة سجناً مشدداً، ولفت إلى أن نجلي مبارك علاء وجمال يواجهان تهمًا تتعلق بالفساد واستغلال منصب والدهما في التربح والإثراء غير المشروع.

3 سيناريوهات للحكم
فيما وضع نبيه الوحش المحامي ثلاثة سيناريوهات للجلسة النطق بالحكم بحق مبارك، وقال لquot;إيلافquot; إن السيناريو الأول الحكم بالإدانة سواء الإعدام أو السجن المؤبد، أما السيناريو الثاني فيتمثل في الحكم بالبراءة، ويتمثل السيناريو الثالث في مدّ أجل النطق بالحكم بما لا يتجاوز موعد حزيران / 30 يوينو الجاري، موعد إحالة المستشار أحمد رفعت على التقاعد، ولفت الوحش إلى أنه من المتوقع صدور حكم بالبراءة في الإتهام بقتل المتظاهرين، مستنداً إلى أن التهم الموجهة إلى مبارك والعادلي وكبار مساعديه تتمثل في التحريض على القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وهي التهم التي لم تثبت عليهم، لأن الفاعل الأصلي غير موجود. وأشار الوحش إلى أنه يجب على الجميع أن يرضخ لحكم القضاء إذا كانوا يريدون تأسيس دولة القانون واحترام أحكام القضاء. واستبعد الوحش أن يكون للأوضاع السياسية أي تأثير على صدور الحكم، أو أن يكون له تأثيرات سياسية على الإنتخابات الرئاسية، مؤكدا أن الحكم قضائي لا علاقة لهبالسياسة.

مبارك براءة
فيما سيطر الإحباط واليأس على أسر القتلى، وتوقعوا حصول مبارك على البراءة، لأن المتهمين الأساسيين حصلوا على البراءة، وقال صالح محمد والد الضحية إسلام صالح ورئيس quot;إئتلاف أسر الشهداءquot; إنه يرى أن الحكم المتوقع هو البراءة، وليس الإدانة، مشيراً إلى أنه لن يستسلم وسوف يظل يناضل قانونياً من أجل الحصول على حق نجله، وقال لquot;إيلافquot; مبارك سوف يحصل على البراءة، مستشهداً بحصول الضباط وأمناء الشرطة المتهمين بالقتل أثناء الثورة على أحكام بالبراءة، وهم الفاعلون الأصليون في القضية، وقال إذا كان الفاعلون الأصليون في الجريمة حصلوا على البراءة، فإن المحرضين سوف يحصلون على البراءة أيضاً وربما يتم تكريمهم أو إيداع أسر الضحايا في السجن بدلاً منهم.

ولفت محمد إلى أن الأحكام السابقة لم تشف غليل المصابين أو أسر القتلى، وأشار إلى أن المجلس العسكري نجح في إجهاض الثورة، وكان وفياً جداً لمبارك ونظام حكمه، ولم يضح بأي من رجاله. واتهم الإسلاميين ولاسيما الإخوان والسلفيين بالمتاجرة بالثورة والقتلى والمصابين من أجل تحقيق أهداف سياسية، وكانت النتيجة أن تلاعب بهم العسكر وفعلوا ما أرادوا بالثورة، واستطاعوا إجهاضها وزرع الكره من جانب المصريين فيها، وكان مشهد النهاية هو الإعادة في الإنتخابات الرئاسية بين مرشح الإخوان محمد مرسي ومرشح النظام السابق أحمد شفيق، وكلاهما في يد المجلس العسكري ويخدم سيناريو إعادة إنتاج النظام السابق.

واندلعت ثورة 25 كانون الثاني يناير ضد حكم الرئيس السابق حسني مبارك، واستطاعت إجباره على التنحي عن الحكم في 11 شباط / فبراير 2011، بعد 18 يوماً فقط من اندلاعها، وقدم مبارك للمحاكمة هو نجلاه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من كبار قيادات وزارة الداخلية إلى المحاكمة الجنائية في 3 آب/ أغسطس 2011، وقرر المستشار أحمد رفعت حجز القضية للنطق بالحكم 2 حزيران / يونيو الجاري.