برطعة: يشير يوسف كبها باصبعه الى حدود وهمية في الشارع الرئيسي لسوق برطعة بين محل يبيع فساتين سهرة بالوان براقة وكشك لبيع الفاكهة المجففة، قائلا quot;ها هو الخط الاخضرquot; الذي يقسم القرية من وسطها بين الضفة الغربية واسرائيل.

ورسم الخط الاخضر عام 1949 كحدود تفصل اسرائيل عن الدول العربية التي شاركت في الحرب العربية الاسرائيلية عام 1948، اي الاردن وسوريا ومصر ولبنان. وهو يشكل اساسا لمحادثات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين في كل خطط السلام الدولية منذ اتفاقات اوسلو عام 1993.

لكن بالنسبة لسكان برطعة في وادي عارة المنطقة الواقعة في شمال اسرائيل ويعيش فيها خصوصا عرب، يسمم هذا الخط حياتهم اليومية منذ اكثر من ستين عاما.

ويشير خطيب كبها من نافذة صالون الحلاقة الذي يملكه في الجزء الفلسطيني من القرية الى منزل يبعد نحو 200 متر quot;هذا البيت الاصفر هو بيت خالتي. اذا قمت بزيارتها بدون تصريح فقد يقوم حرس الحدود باعتقالي وقد ادفع غرامةquot;.

واضاف انه في بعض الاحيان في فترات الهدوء قد يتجاهل الجنود الاسرائيليون الامر ويسمحون له بالذهاب.

ومع ان الخط الاخضر غير مرئي الا ان سكان الجزء الشرقي من القرية في الضفة الغربية بحاجة الى تصاريح للعبور الى الجزء الغربي الواقع في اسرائيل.

وحتى 1948 كان كل سكان برطعة من عائلة كبها الكبيرة. وبعد الحرب وقع الجزء الشرقي تحت السيطرة الاردنية مع باقي الضفة الغربية بينما سيطرت اسرائيل على الجزء الغربي منها.

وكان التنقل بين جزئي قرية برطعة بين 1948 و1967 مستحيلا. لكن وللمفارقة اتاح الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية في 1967 لعائلة كبها التجمع مرة اخرى.

ويزيد الجدار الذي بنته اسرائيل على بعد بضعة كيلومترات عن الجزء الشرقي من تعقيد الوضع حاليا.

ويضطر السكان الفلسطينيون في الجزء الشرقي للحصول على اذن خاص لعبور الجدار من نقطة مرور تعمل من الساعة 6,00 الى الساعة 21,00 للذهاب الى الضفة الغربية.

ويقول كبها وهو احد وجهاء البلدة ويعد صلة وصل بين السكان والقوات الاسرائيلية quot;لم نعد نعرف اين نحنquot;.

ويضيف quot;نعتمد على اسرائيل من ناحية الامن لكننا نعتمد على السلطة الفلسطينية من باقي النواحي كالصحة والتعليم. عندما يكون هناك حالة طبية طارئة يتوجب علي الاتصال بالاسرائيليين لتنسيق اجلاء المريض الى مستشفى جنينquot;، اقرب مدينة فلسطينية للقرية.

وقد دمر محل تجاري باكمله بعد اندلاع حريق فيه بدون ان يتمكن اي رجل اطفاء من الوصول في الوقت الملائم.

ويقول محمد حمدان الذي يملك محلا في السوق quot;استغرق وصول رجال الاطفاء الفلسطينيون ساعة لانهم كانون يحتاجون الى ضوء اخضر من الاسرائيليين لعبور الجدارquot;.

ويتابع quot;وصل رجال الاطفاء الاسرائيليون لكنهم انتظروا على بعد 400 متر من الحريق لانهم احتاجوا الى اذن لدخول الجزء الشرقيquot;.

وعلى الرغم من السوق المزدحم المؤلف من محلات تجارية تبيع الملابس والالعاب والمواد الغذائية يشعر خطيب كبها أنه quot;في سجنquot;.

ويشير كبها الى كرسي الحلاق القديم الذي اشتراه من سوق يافا قبل ثلاثين عاما قائلا quot;كانت اوقات جميلة. كنا نستطيع ان نتمشى في اي مكان ولم يكن هناك اي تصريحquot;.

ويتابع quot;اليوم لا نريد سوى ان نتنفس والا نبقى عالقين في هذا السجن الكبير بين ذلك الجدار والخط الاخضر وسط القريةquot;.