رغم عدم وجود ارتباط بين الموضوعين، الا أن أحداث طرابلس الاخيرة يبدو أنها تفتح مجددًا مسألة إعادة البحث في السلاح الفلسطيني خارج وداخل المخيمات، بدليل الزيارة المفاجئة لأمين عام الجبهة الشعبية أحمد جبريل الى لبنان.
بيروت: هل أدت أحداث طرابلس الاخيرة، رغم عدم وجود ارتباط بين الموضوعين، الى تسريع وفتح مسألة إعادة البحث في السلاح الفلسطيني خارج وداخل المخيمات؟ ولماذا هذه الزيارة المفاجئة لأمين عام الجبهة الشعبية - القيادة العامة احمد جبريل إلى لبنان وفي هذه المرحلة بالذات؟
يقول مصدر مطلع لـquot;إيلافquot; إن المسألة أثيرت مجددًا عبر بعض التصريحات والمداخلات الفلسطينية، في لبنان، أي مشروعية السلاح الفلسطيني، داخل المخيمات وخارجها، وتوظيفاته، وجدواه السياسية.
وتبين التجربة، يضيف المصدر :quot;أن المخيمات الفلسطينية في لبنان، بسبب وضعها الخاص، وهشاشة الوضع اللبناني، وانقساماته الطائفية والسياسية، وتراجع مكانة منظمة التحرير، لأسباب ذاتية وموضوعية (ضمنها الانقسامات الداخلية)، باتت أكثر قابلية للتوظيفات السياسية البعيدة عن الأجندة الوطنيةquot;.
المشكلة أن هذه التوظيفات لا تقتصر على قوى إقليمية دولية، وإنما تشمل قوى أخرى، مثل الجماعات الإسلامية المتطرفة، والجماعات الإرهابية (التي تحتمي ببعض المخيمات)، فضلاً عن الجماعات الخارجة عن القانون وعن سلطة الدولة في لبنان.
وفي الواقع، فإن انفجار الوضع من مخيم نهر البارد سابقًا ربما أشار إلى إمكان انفجاره، في مراحل لاحقة، وبحسب تطور الأوضاع في لبنان، وتطورات الصراع على منطقة الشرق الأوسط،في أماكن أخرى، مثل مخيم عين الحلوة، الذي يشكل جزيرة أمنية، تكثر تعقيداتها، ويصعب التعامل معها.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فربما تصل الأمور في مرحلة ما إلى حد إقحام الوجود الفلسطيني، في الصراعات اللبنانية الداخلية، مرة ثانية، أو في الصراعات الإقليمية المحيطة بالصراع على الترتيبات المستقبلية للشرق الأوسط.
ويضيف المصدر:quot; الساحة الفلسطينية معنية بمراجعة أحوالها في لبنان، ومن ضمن ذلك مراجعة خطاباتها وبناها وأشكال عملها، ولا سيما ما يتعلق بشأن التواجد المسلح على الساحة اللبنانيةquot;.
ولعل ذلك يفترض ضمنًا البحث في مسألة طي التواجد العسكري في لبنانداخل المخيمات وخارجها، لقطع الطريق على استدراج الفلسطينيين في الصراعات الداخلية اللبنانية، ولوضع حد لعمليات التوظيف الخارجي للقضية الفلسطينية وللسلاح الفلسطيني. وحينها يمكن للفصائل التي تحبذ السلاح أن تركِّز جهودها على المقاومة ضد الاحتلال، وأن ترحم الفلسطينيين في لبنان، في ما تبقى لهم من مخيمات.
ويتابع المصدر:quot;إن الحضّ على هذه المراجعة الضرورية يستند إلى المنطلقات التالية:
أولاً: إن الفصائل التي ظلت تحرص على إبقاء وجودها العسكريداخل المخيمات وخارجها، لم تعد تقوم، من لبنان، بأي فعل من أفعال المقاومة المسلحة في مواجهة إسرائيل، لأسباب متعددة. ومعنى ذلك أن حديثنا عن السلاح الفلسطينيداخل المخيمات وخارجها (في لبنان)، يتوخى الجهر بحقائق يجري حجبها عن عمد، لأغراض التنافسات الفصائلية، ولأغراض وظيفية، لا تمت بصلة إلى الغرض الحقيقي من وجود السلاح الفلسطيني في لبنان، أي مواجهة اسرائيل.
ثانيًا: إن حرص الفصائل على إبقاء تشكيلاتها العسكرية، في مخيمات لبنان، لا يبدو مفهومًا ولا منطقيًا، في وقت كانت قد استقالت فيه تمامًا من باقي الوظائف السياسية والاجتماعية والثقافية والخدمية، التي كان يفترض أن تقوم بها في إطار المجتمع الفلسطيني في المخيمات.
ثالثًا: إن الحديث عن السلاحداخل المخيمات وخارجها يتم على ضوء تجربة مريرة دفع خلالها فلسطينيو لبنان ثمنًا باهظًا، من أرواحهم وممتلكاتهم ومعاناتهم، من دون أن تجلب عليهم أية عوائد، على صعيد حل قضيتهم، أو على صعيد تأمين حقوقهم المدنية-الاجتماعية، كمقيمين موقتين على أرض لبنان.
ومعلوم أن الفصائل الفلسطينية عمومًا لم تولِ أهمية لائقة للحقوق المدنية والاجتماعية للاجئين، ربما رغبة منها في استمرار توظيف قضيتهم، من منظور ضيق، لا يمت لمصلحة الوطن والشعب بصلة.
رابعًا: إن الظروف الدولية والعربية المحيطة جعلت من لبنان مجالاً للتصارع الإقليمي، وبذلك باتت مخيمات لبنان مجالاً رحبًا للتنافسات والتوظيفات السياسية، ودليل ذلك الوضع الشاذ الذي جعل من مخيم عين الحلوة بؤرة للجماعات الأصولية المتطرفة والمتعصبة، وموئِلا للخارجين عن القانون، وعن سلطة الدولة اللبنانية، وكلها جماعات يسهل توظيفها من قبل القوى الفاعلة في لبنان وفي عموم المنطقة، مما يلحق أفدح الضرر بالقضية الفلسطينية، وبأحوال اللاجئين في المخيمات.
ويضيف المصدر:quot;الفلسطينيون، فصائل ومجتمعًا مدنيًا، معنيون بمراجعة وظيفة السلاح لديهم، فهو ليس غاية في ذاته، ولا سيما لجهة رفع الغطاء عن القوى التي تتعاطى بالسلاح، لتوظيفها في مهب السياسات المحلية أو الإقليمية
خامسًا: لا شك أن الخلافات الداخلية الفلسطينية بدورها تخلق أوضاعًا متوترة في مخيمات لبنان. وبديهي أن هذه الخلافات المعطوفة على إشاعة البنى العسكرية، وفلتان السلاح، وتمجيد ثقافة العنف، ورفض الآخر، من شأنها أن تؤدي، في ظل غياب المقاومة (وهي الوظيفة الوطنية للسلاح)، إلى الفوضى، والانفلات، وغياب المرجعيات، وارتداد شحنة العنف إلى الداخل.
على ذلك وفي ظل انتفاء فعل المقاومة، وغياب المشروعية السياسية، فإن الفلسطينيين، فصائل ومجتمعًا مدنياً، معنيون بمراجعة وظيفة السلاح لديهم، فهو ليس غاية في ذاته، ولا سيما لجهة رفع الغطاء عن القوى التي تتعاطى بالسلاح، لتوظيفها في مهب السياسات المحلية أو الإقليمية وفوق الإقليمية.
وعاد الهدوء الحذر ليسود منطقة طرابلس الشمالية اللبنانية بعد عملية انتشار الجيش والقوى الأمنية اللذين تمكنا من إعادة الأمن والاستقرار إلى أحيائها التي شهدت حتى الساعات القليلة الماضية اشتباكات عنيفـة بين مسلحي منطقتي جبل محسن وباب التبانة .
كما شهدت الشوارع حركة سير شبه طبيعية فيما فتحت المحال التجارية والمؤسسات أبوابها أما المدارس فبقيت مقفلة .
وأفاد شهود عيان أن المعتصمين مازالوا في ساحة عبدالحميد كرامي في اعتصام رمزي حول بعض الخيم التي نصبوها احتجاجًا على توقيف شادي المولوي وهم ينتظرون قرار قاضي التحقيق ليحددوا تحركهم المقبل .
التعليقات