بعد سبع سنوات على انسحاب الجيش السوري من لبنان، ترى المعارضة أن هذا الانسحاب كان شكليًا، إذ لا تزال سوريا تتدخل في الشؤون اللبنانية من خلال حلفائها وعلى رأسهم حزب الله، بينما يرى الفريق الآخر أن سوريا غارقة في مشاكلها الداخلية ولا تهتم بأمور لبنان وخلافاته.


بيروت: يقول النائب خضر حبيب ( تيار المستقبل) لـquot;إيلافquot; إنه من خلال وجود القوات السورية على مدى ما يقارب الـ 35 سنة في لبنان، سلَّحت سورياودعمت حزب الله لوجيستيًا وعسكريًا، واتاحت لهم كل الامور لتسليحهم، بشكل أنه عندما انسحبت القوات السورية من لبنان في العام 2005، تركت وراءها حزب الله بسلاح وعتاد كاملين، وبعد 7 ايار/مايو 2008، رأينا ما الذي جرى في شوارع بيروت، وما زال حزب الله يعرقل جميع القطاعات السياسية والاقتصادية والانمائية، ونلاحظ كل ذلك في لبنان، بتنسيق كامل مع المخابرات السورية، ولذلك صحيح أنه تم انسحاب القوات السورية، أي الجيش، انما ما زال القرار السوري قائمًا في لبنان بوجود حزب الله، والاجندة السورية وقراراتها لا تزال تنفذ من خلال حزب الله على الاراضي اللبنانية.

ويضيف حبيب:quot; لا شك أن حزب الله اليوم على تنسيق كامل مع القيادة السورية ونظامها، ورأينا الانقلاب الحاصل من قبل حزب الله، وكان رأس الحربة، وهو الذي قام بتشكيل هذه الحكومة، بامتياز، ولذلك التنسيق الكامل الحاصل بين سوريا وحزب الله نشهده على الارض من خلال حكومة الانقلاب، التي تقوم بأمور غير قانونية في ما خص أمن البلد وسياسته الخارجية والمحليةquot;.

ويرى حبيب أن تصحيح العلاقات ما بين لبنان وسوريابدأ منالفترة التي تم فيها الانسحاب السوري من لبنان منذ العام 2005 حتى 25 كانون الثاني/يناير 2011، بعد هذا التاريخ تم الانقلاب على حكومة الوحدة الوطنية وتغيّرت كل المعطيات بين اللبنانيين، ورأينا كيف تصرف السفير السوري في لبنان بعد هذا التاريخ، أما خلال 2005 و2011 كان هناك تصحيح للعلاقات اللبنانية السورية من خلال وجود حكومتي فؤاد السنيورة وسعد الحريري، ورأينا كيف فُتحت سفارة سورية في بيروت، رغم ذلك هناك علامات استفهام عدة حول أمور كثيرة، منها وجود المجلس الاعلى السوري اللبناني، الذي لا مجال لوجوده مع السفارة السورية،ايضًا وجود اتفاقيات عديدة بين البلدين بحاجة إلى تعديل، منهاترسيم الحدود، الى ما هنالك. لا شك أن العلاقات اللبنانية السورية بحاجة إلى دراسة كاملة، ونرى اليوم كيف يتدخل السفير السوري في لبنان بـquot;الشاردة والواردةquot;.

ويتابع حبيب:quot; ثورة الارز قامت بانجاز هائل في لبنان وكانت وراء ما تم الوصول اليه من سيادة حرية واستقلال في لبنان، كنا نطالب بها قولاً وفعلاً، ولا نزال نناضل من أجل تنفيذها. هذا الشعار تم دفع ثمنه، والمنتصر الاول من الانسحاب السوري هو لبنان، بمعزل عن أي أمر آخرquot;.

ولكن الشعب اللبناني اليوم منقسم عموديًا، ولكن الانسحاب السوري كان لمصلحة الشريحة الاكبر من الشعب اللبناني.

ويرى حبيب أن المشكلة الاساسية هي في شرذمة الشارع اللبناني التيكان وراءها النظام السوري. ولنراجع التاريخ منذ بداية العام 1975 حتى يومناهذا، الانقسامفي الشارع اللبناني وداخل القوى السياسية الطائفية والحزبية كان وراءه النظام السوري، من دون أي شك، وحتى الواقعة التي نعيشها اليوم والانقسام الموجود الآن مسؤول عنهما النظام السوري.

فارس

النائب مروان فارس ( الحزب السوري القومي الاجتماعي) يعتبر في حديثه لـquot;إيلافquot; أن الانسحاب السوري من لبنان أتى برغبة من اللبنانيين وبقرار من الرئيس السوري بشار الاسد، وكان اللبنانيون يطالبون بالتخلص من الوجود السوري، والسوريون كانوا أقاموا ضمان آمان للبنانيين، ومع المشاكل داخل سوريا، الوضع في لبنان مستقر الآن، ونأمل استمرار الاستقرار وهذا هو الموضوع المهم. اما الانسحاب السوري من لبنان، فالسوريون بعد الانسحابعينوا سفيرًا لهم في لبنان علي عبد الكريم علي، والامور مستقرة اليوم بين الدولتين.

ولا يرى فارس أنه رغم انسحاب سوريا من لبنان فهي لا تزال تتدخل في لبنان، ولا يرى أي تدخل بدليل أن سوريا لديها مشاكلها الخاصة والداخلية وتريد معالجتها وليست متفرغة لمشاكل لبنان الداخلية، والشؤون اللبنانية متروكة للبنانيين.

ويؤكد أن quot;هناك ضغطاً دائماً من قبل الفريق المعادي لسورياquot;، الذي يعتبر أن السوريين يتدخلون بشؤونهم، وهذا غير صحيح، ويؤكد فارس أن علاقات اللبنانيين قائمة على النظام الديموقراطي الذي يستمر بصعوبة، والساحة اللبنانية بحاجة الى تحسين النظام الديموقراطيquot;.

لمحة تاريخية

دخل الجيش السوري إلى لبنان في كانون الثاني/يناير 1976، بينما كانت نار الحرب الأهلية مستعرة، تحت غطاء الجامعة العربية ليضع حدًا للنزاع العسكري وليعيد الأمور إلى ما ما كانت عليه قبل الحرب. وقد رحبت بدخوله أحزاب اليمين اللبناني المسيحي والمسلمون المحافظون بينما رفضته الفصائل الفلسطينية وحلفاؤها في الحركة الوطنية اللبنانية.

وبعد معارك في صوفر وصيدا، بسطت سوريا سلطتها على كل لبنان حتى 1977، عندما انتفض عليها المسيحيون، الذين كانوا رحبوا بدخولها في بادئ الأمر، وأخرجوها من الأشرفية والمتن وسائر المناطق التي عرفت في ما بعد باسم المنطقة الشرقية.

عام 1988، فشل مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس أمين الجميّل، فقام الأخير بتعيين قائد الجيش العماد ميشال عون رئيسًا للوزراء، رفض الوزراء المسلمون التعامل مع حكومة عون، فأصبحت للبنان حكومتان، واحدة عسكرية برئاسة عون في بيروت الشرقية والثانية مدنية برئاسة سليم الحص في بيروت الغربية والمدعومة من السوريين. عارض عون الوجود السوري في لبنان مستندًا إلى قرار مجلس الامن 520 وشن حربًا على الجيش السوري سمّاها حرب التحرير.

بدأت هذه الحرب في 14 آذار/مارس 1989 وشهدت البلادقصفًا مدفعيًا استمر أشهرًا وأدى إلى اصابات كبيرة في صفوف المدنيين من الجانبين. اجتاحت القوات السورية بعبدا في 13 تشرين الأول/اكتوبر 1990، بينما لجأ عون إلى السفارة الفرنسية ومن ثم إلى فرنسا.

أصبح لسوريا نفوذ كبير بعدما أتمت سيطرتها، ففرضت على لبنان سنة 1991 معاهدة quot;الاخوة والتعاون والتنسيقquot; لتضفي شرعية على وجودها العسكري في لبنان. ونصت المعاهدة على أن لا يكون لبنان مصدر قلق لسوريا وأن تكونسوريا مسؤولة عن حماية لبنان من التهديدات الخارجية. في أيلول/سبتمبر من هذه السنة، وقّع لبنان وسوريا اتفاقية الدفاع والامن بين البلدين.

بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان وموت حافظ الأسد سنة 2000، واجه الوجود العسكري السوري انتقادات ومعارضة شديدتين من اللبنانيين، حيث لم يعد الاعتراض حكرًا على المسيحيين، بعدما قامت شخصيات ديمقراطية ويسارية بتأسيس المنبر الديمقراطي وطالبت بتصحيح العلاقات اللبنانية - السورية. انتهى الوجود العسكري السوري في لبنان في 26 نيسان/ابريل 2005 ، إثر اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005.