بعد الافراج عن فايز كرم امس، العميد المتقاعد في الجيش اللبناني والمتهم بالعمالة، برز جدل شعبيكبير حول الموضوع، في مختلف الميادين وخصوصًا على صفحات الفيسبوك والتويتر، فكانت العبارات التي تطلق احيانًا بمرارة واحيانًا أخرى بسخرية حول ماهية العمالة في لبنان.


بيروت: عندما سُئل العميد المتقاعد في الجيش اللبناني فايز كرم، فور خروجه من مركز توقيف الشرطة العسكرية في الريحانية أمس، هل تم اعتقالك بتهمة التعامل مع إسرائيل لأسباب سياسية؟، أجاب بثقة: أكيد سياسي، وسيكون لنا حديث في وقت لاحق، رغم ذلك أثارت مسألة الافراج عنه، جدلاً شعبيًا كبيرًا حتى في أوساط المناصرين وحلفاء التيار الوطني الحر، فقد امتلأت صفحات المواقع الاجتماعية من الفيسبوك وغيرها بعبارات منددة باخراج فايز كرم.

يقول النائب السابق فارس سعيد ( 14 آذار/مارس) لـ إيلاف إنه بغض النظر عن الجرم المشارك به فايز كرم، النقطة الاساسية التي تجعل هذا الموضوع جدليًا، هو أنه ينتمي الى التيار الوطني الحر، حليف حزب الله، وهذا الاخير يعتبر أن التعامل مع اسرائيل يستحق المشنقة، ونكتشف بأن هذا الحزب يتعامل مع المتعاملين مع اسرائيل باستنسابية سياسية، وهذه النقطة الاساسية التي تجعل من الإفراج عن فايز كرم نقطة جدل في لبنان، بعد خروجه من السجن من اللافت أن يكون قد استقبله ميشال عون، الذي يعطي دروسًا في الوطنية للبنانيين كل نهار ثلاثاء، وهناك من يقول إنه سيتم استقباله من قبل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وبالتالي هذه هي النقطة الاساسية.

عن تقييم موقف حلفاء التيار الوطني الحر حول هذا الموضوع، يقول سعيد:quot; إنه ليس موقفًا مبدئيًا، هو استنسابي سياسي، اذا كنت عميلاً وصديقًا لحزب الله، فعمالتك مغفور لها، اما اذا كنت عميلاً وعلى خلاف مع حزب الله فأنت ترجم، هذا هو المبدأ الاساسي في تحرير فايز كرمquot;.

ويتابع سعيد:quot; يتم التقييم بحسب المحسوبيات والمصلحة السياسية، وحتى هذه اللحظة يبدو أن الحزب بحاجة الى غطاء مسيحي يؤمنه له رئيس تكتل الاصلاح والتغيير ميشال عون، وبالتالي بغض النظر عن عمالة فايز كرم، يتجاوزها حزب الله، وينقلب على ذاته وعلى مبادئه والشعارات التي يطلقها، من أجل الحفاظ على هذا التحالف، هذا يعني بأن الحزب ليس مبدئيًا وليس مقدسًا، وهو منقلب على ذاته وافكارهquot;.

ولا يرى سعيد أهمية في المستقبل اذا اعطي كرم مركزًا سياسيًا، لأن الامر يبقى ضمن التفاصيل، لأن المبدأ الاساسي الذي يجب الاضاءة عليه، هو استنسابية وازدواجية المعايير التي يستخدمها الحزب تجاه هذا الموضوع.

اما ما جرى اليوم مع فايز كرم، بحسب سعيد،quot; فيدل على أن هذا الحزب أي حزب الله الذي يحاول أن يقول إنه مختلف عن سائر الاحزاب والميليشيات التي سبقته، وأنه حزب إلهي ونازل من عند الله، هو حزب كغيره لا اكثرquot;.

سكرية

النائب السابق في كتلة الوفاء للمقاومة اسماعيل سكرية يعتبر في حديثه لـ إيلاف أن تحرير فايز كرم بهذه الطريقة يعني ترخيص مفهوم العمالة، واصبحت العمالة وجهة نظر، وبشكل غير مباشر، الامر يشجع على العمالة في لبنان.

عن موقف حلفاء التيار الوطني الحر من تحرير فايز كرم، يرى سكرية أن الناس والجمهور غير راضين، والقوى السياسية يشكل الامر بالنسبة لها نقطة ضعف، وإدانة لها، لأن العميل هو عميل والموضوع لا يناقش فيه.

ويرى سكرية أن كل الافرقاء في لبنان يكيلون بمكيالين، ولا ننتهي من ذلك في لبنان، طالما نبني سياستنا ومصيرنا على انتماءات عصبية، وسياسية ومذهبية بهذا الشكل، لا يمكن الحديث عن دولة في لبنان، أو مجتمع وطني، ولا مواطنية أو مواطن، أو دولة وعلاقتها بمواطن، هناك سوق مفتوحة للشطارة ولتوازنات الطوائف والمذاهب، وهذا لا يمكن أن يستمر في لبنان، وهذا يغطي كل اشكال الفساد الموجودة في لبنان.

ويعتبر سكرية أنه عندما يبدأ اللبناني يفهم حقوقه ويدافع عنها وعن كرامته وعن مواطنيته ويعيش في وطن للكل، ويفصلها عن الحماس الذي نجد فيه الكثير من الغباء بالمعنى السياسي المطلق، عندما يفهم ذلك، يتجه بالاتجاه الصحيح، ويحق له أن يقول أريد ذلك، لكن طالما أن ذلك مفقود في لبنان، فلن نشهد على نهضة، وغدًا سيتم المطالبة بتحرير كل العملاء ولا أحد يستطيع أن يرفض.

ويضيف:quot;لا توجد في لبنان قيم أو مفردات، أو أعراف محترمة أو تقاليد أو معانٍ مقدرة، كله قابل أن يداس تحت مصالح السياسة والحسابات السياسية، وهذا يؤدي الى سوق مفتوحة وليسدولةquot;.

ويؤكد سكرية أن ما جرى مع كرم يدل على أن العدالة تحت وطأة الغطاء السياسي، ولا عدالة بالمطلق في لبنان، وهي تشبه تجربة الفساد في البلد.