غياب قوى 14 آذار عن بكركي أمس، بمناسبة عيد البشارة، بعد مرور عام على تسلم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي سدة البطريركية المارونية، هذه المناسبة التي وحَّدت القيادات الروحية، يطرح السؤال هل غياب 14 آذار له علاقة بغياب الود بين جعجع والراعي؟.


بيروت: يعزو بعض المطلعين غياب الود بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرسالراعي ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع إلى مرحلة قديمة، فلكل منهما آراء مسبقة عن الآخر لم يبددها وصول الأول الى قمة الهرم الكنسي ولا خروج الثاني من السجن، لكنّ الرجلين، وكل لأسبابه، قررا التعالي عن الحسابات والمشاعر وفتح صفحة جديدة،إلا أنهلم يرق لجعجع ما راح يخطه الراعي على صفحته، فهو اعتاد أن تكون بكركي راعية 14 آذار/مارس سياسيًا مع عاطفة خاصة، اقتضتها الظروف إزاء القوات، وبالتالي مع حرص الراعي وجعجع على اظهار حسن النوايا، الا أن الحذر وغياب الثقة بقيا ماثلين في خلفية العلاقة.

جاء الموقف البطريركي من الاحداث في سوريا ليكرس الاختلاف ويظهره. وعلى الرغم من إصرار مصادر كنسية على التأكيد quot;أن الاجتزاء والاستنساب يحوّران كلام الراعي الذي يؤكد في كل اجتماعات مجلس المطارنة أنه لا يمكن أن يدافع بأي شكل عن النظام السوري، كما عن أي نظام آخر، ولا عن العنف من أي مصدر أتىquot;، الا أن تصريحاته الاخيرة كانت كافية بالنسبة الى جعجع لاعلان اعتراضه وأسفه وخجله من كلام الراعي.

يلفت النائب انطوان زهرا (القوات اللبنانية) إلى أن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قيّم النظام السوري، وقال إنه الاقرب إلى الديموقراطيّة، مؤكدًا quot;أنه لهذا السبب، ومن حرص القوّات على موقع بكركي وأهميته، قلنا إن هذا الموقف لا يتماشى مع موقف مسيحيي لبنان التاريخيquot;، ويتابع: quot;قمنا بالتوضيح للحرص على صورتنا التاريخيّة ولعدم الإيحاء بأننا غيّرنا موقفنا وأصبحنا نقف إلى جانب الطغاة.quot;

ويشدد زهرا على أن quot;لا مشكلة بين الراعي وجعجع فالقضية ليست مشكلة شخصيّةquot;، مشيرًا إلى أنهم انتقدوا الموقف ولم ينتقدوا الشخص، ويضيف: quot;أن موقفنا المؤيد للشعب السوري مبدئيquot;، وردًا على كلام الراعي في مطار بيروت بعيد عودته من مصر بأنه يتكلّم في المبادئ السياسيّة وليس في السياسة، ذكّر زهرا أن البطريرك الراعي عمل شخصيًا على صوغ مبادئ السينودوس الرسولي، مشيرًا إلى أن الإلتزام بهذه المبادئ هو الكلام في quot;المبادئ السياسيّةquot;، أما تقييم النظام السوري فموقف سياسي.

بدوره، يؤكد مستشار رئيس حزب quot;القوات اللبنانيةquot; لشؤون الرئاسة، العميد المتقاعد وهبي قاطيشا، أن رئيس حزب quot;القوات اللبنانيةquot; سمير جعجع quot;سيلتقي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، لأننا أبناء غبطة البطريرك، وquot;القوات اللبنانيةquot; أخذت موقفها من الراعي لأنها شعرت بالخطر على المجموعة أو على المجتمع المسيحي ككل في لبنان وفي الوطن العربي وليس على نفسهاquot;، معتبرًا أن quot;الراعي غاص كثيرًا في السياسة ولم يبقَ على المبادئ الوطنية الكبرى التي تؤمنها بكركي عادةquot;.

ويقول : quot;عندما رأينا أن التمادي في موقف البطريرك يشكل خطرًا مباشرًا على موقف بقية الطوائف والدول في الشرق من المسيحيين، أخذنا المبادرة للقول لسيدنا إن مبادئ المسيحيين الوطنية هي محبة ومصالحة وتسامح وليس الانعزال وحلف الاقليات، ونحن لم نكن يومًا مع الجلاد ضد الضحيةquot;، لافتًا الى أن quot;المجتمع المسيحي غير راضٍ ابدًا عن موقف الراعيquot;.

ويرفض القول إن quot;النظام السوري هو الأقرب الى الديموقراطية عندما نرى الأطفال يموتون والبيوت تدمر والناس ينزحون من وطنهمquot;، ويسأل quot;هل من المعقول الوقوف مع هذا النظام السفاح ضد الشعب الذي يقتل في الطريق؟

تقريب وجهات النظر

يتم الحديث اليوم عن أن الوزير السابق ميشال اده، رئيس المؤسسة المارونية للانتشار، والدكتور جوزف طربيه رئيس الرابطة المارونية والوزير السابق وديع الخازن، رئيس المجلس العام الماروني، بدأوا مرحلة تشاور في ما بينهم للتفاهم على محرّك مشترك بين بكركي ومعراب لتدارك الاختلاف في وجهات النظر بين البطريرك بشارة الراعي ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع على خلفية تصريحات الراعي حول ما يجري في سوريا وموقفه من النظام القائم، ومن المتوقع أن يبدأ المسؤولون الموارنة الثلاثة، جسّ نبض الطرفين لمعرفة مدى استعدادهما للقبول بهذا التحرّك، الذي quot;يساعد على حماية الوحدة المارونية في هذه الظروف المصيرية التي يمرّ فيها لبنان والمنطقةquot; على ما يقول مصدر روحي ماروني. ووفق معلومات مؤكدة أن المطارنة الموارنة يتهيّبون كثيرًا توسيع الخلاف بين الراعي وجعجع، بسبب انعكاسه على شريحة واسعة جدًا وفاعلة من محازبي القوات اللبنانية ومناصريها ومؤيدي طروحاتها، وهم في غالبيتهم من الموارنة الملتصقين بالكنيسة والمدافعين عنها والمؤمنين بثوابتها، كما أن هذا الموضوع الخلافي المتعلّق بسوريا سيكون على طاولة اللقاء الشهري للمطارنة الموارنة في اول اربعاء من الشهر المقبل.