اتَهم مسؤولون فلسطينيون محمد رشيد أحد المستشارين الاقتصاديين لعرفات باختلاس أموالاً عامة، ومن المنتظر أن تبدأ محاكمته اليوم. وبينما يواجه رشيد تلك الاتهامات فإنه يزعم أن عباس تحصل على 100 مليون دولار من خلال مكاسب غير مشروعة.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: طرحت مجلة فورن بوليسي الأميركية تساؤلات حول ثرورة أبناء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، موضحة أن تضخم ثروات نجلي الرئيس يثير المزيد من علامات الاستفهام بشأن الطريقة التي نجحوا من خلالها في الحصول على كل هذه الأموال، وهو ما جعل المجلة تتساءل عمّا إن كانوا حققوا ذلك على حساب المواطنين الفلسطينيين أو إنهم جمعوا كل هذه الثروات من خلال دافعي الضرائب الأميركيين.

محمود عباس

لفتت المجلة في هذا الإطار إلى الجدل الذي أثير أخيرًا بشأن ثروة الرئيس محمود عبّاس نفسه، خلال التحقيق الذي يجري مع محمد رشيد، أحد المستشارين الاقتصاديين للرئيس الراحل ياسر عرفات، في قضية فساد كبرى. حيث اتَهم مسؤولون فلسطينيون رشيد، في الشهر الماضي، باختلاس ملايين الدولارات من الأموال العامة، ومن المنتظر أن تبدأ محاكمته في هذا الخصوص اليوم الخميس السابع من حزيران/ يونيو.

ووفقاً لمستشار فلسطيني سابق، فإن عباس يحمل ضغينة ضد رشيد منذ محادثات السلام التي عقدت في آخر أيام الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون. فإلى جانب اختلافه معه بشأن الطريقة، التي كان يدير من خلالها المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، فإن عباس كان يمقت رشيد أيضاً لأنه كان كردياً عراقياً ndash; وليس حتى فلسطينياً ndash; ويحظى بثقة عرفات، وكان واحداً من المقربين إليه، وهو ما ولّد غيرة بينهما.

وبينما يواجه رشيد تلك الاتهامات الآن، فإنه بدأ يردد بعض المزاعم التي تتحدث عن أن عباس نفسه تحصل على 100 مليون دولار. لكن مطاردة رشيد على هذا النحو جاءت لتلقي الضوء من جديد على نجلي عباس، ياسر وطارق، التي أضحت مثاراً للجدل في المجتمع الفلسطيني منذ العام 2009 على الأقل، حين نشرت رويترز أولاً سلسلة مقالات ربطتهما بصفقات عدة، منها عدد قليل تم تدعيمه بأموال دافعي الضرائب الأميركيين.

ومضت المجلة تقول إن ياسر، الابن الأكبر، الحاصل على شهادة في الهندسة المدنية من جامعة واشنطن عام 1983، ويحمل جوازي سفر، أحدهما فلسطيني والآخر كندي، سبق له العمل لدى مجموعة من شركات المقاولات في الخليج في الفترة من ثمانينات وحتى منتصف تسعينات القرن الماضي، قبل أن يعود إلى رام الله عام 1997، لبدء أعمال تجارية خاصة به. وهو إذ يمتلك الآن شركة يطلق عليها quot;فالكون للتبغquot;، يقال إنها تحتكر بيع سجائر أميركية الصنع في الأراضي الفلسطينية.

وكما ذكرت صحيفة تورنتو ستار الكندية أيضاً، فإن ياسر يترأس كذلك مجموعة فالكون القابضة، وهي عبارة تكتل لشركات فلسطينية عدة. وأفاد تقرير خاص بوكالة رويترز بأن نجاح ياسر العملي ناتج من دعم الولايات المتحدة له، حيث تبين أن شركة ياسر تحصلت على مبلغ قدره 1.89 مليون دولار من وكالة المعونة الأميركية عام 2005، لبناء نظام صرفي صحي في بلدة الخليل الموجودة في الضفة الغربية.

ومن خلال الأعمال التي تقوم بها شركة فالكون، نوهت المجلة بأن ياسر سبق له أن تباهى في مقابلة أجراها مع مجلة إماراتية عام 2009 بقوله إن عائدات الشركات الإجمالية تقدر بحوالى 35 مليون دولار سنويًا. لكن مجموعة شركات فالكون ليست كل شيء بالنسبة إلى ياسر، حيث تم إدراجه من جانب إحدى المؤسسات، التي تعنى بحفظ قواعد بيانات المعلومات المالية، باعتباره رئيساً لشركة المشرق للتأمين، التي يوجد لديها 11 مكتباً في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية. ولفتت فورين بوليسي إلى أن قيمة الشركة في البورصة الفلسطينية تقدر بـ 3.25 مليون دولار.

وأخيراً، اتضح أن ياسر يعمل أيضاً كعضو منتدب لشركة مشروع الخيار الأول لإدارة البناء، التي يقول موقعها الإلكتروني، إنها نفّذت عددًا كبيرًا من مشروعات الأعمال العامة، كتشييد طرق ومدارس، نيابةً عن السلطة الفلسطينية. ويعمل لدى الشركة ما لا يقلّ عن 15 موظفاً في مكاتب في عمان وتونس والقاهرة ومونتنغرو ورام الله. وأفاد تقرير آخر بثته وكالة أنباء رويترز أن تلك الشركة تحصلت على مبلغ يقدر بحوالى 300 ألف دولار من وكالة المعونة الأميركية بين 2005 و2008.

أما طارق فيبدو أقل ميلاً من شقيق الأكبر، ياسر، إلى الانخراط في الجانب السياسي للقضية الفلسطينية، لكنه طموح مثله تماماً في عالم المال والأعمال. وتشير سيرته الذاتية على شبكة الإنترنت إلى أنه يسير على خطى شقيقه الأكبر، حيث سبق له العمل في شركات المقاولات الخليجية نفسها، وكذلك في شركة للتداول في تونس أوائل التسعينات.

وها هو الآن يبدو واحداً من أنجح المقاولين. ونوهت المجلة بأن مشروعه الرئيس، وهو شركة سكاي أدفرتايزنج، يعمل فيها 40 موظفاً، وسبق لها أن حققت مبيعات سنوية بقيمة 7.5 مليون دولار عام 2010. وأفاد تقرير لرويترز ضمن هذا السياق بأن الشركة سبق لها أن تحصلت كذلك عام 2009 على منحة تقدر بحوالى مليون دولار من وكالة المعونة الأميركية لتعزيز الرأي العام الأميركي في الأراضي الفلسطينية. كما يعمل طارق كنائب لرئيس مجلس إدارة quot;مراكز التسوق العربيةquot;.