بات من المحتمل أن يعمل مقتل أبو يحيى الليبي، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، الذي لاقى حتفه قبل بضعة أيام، على تسريع تحول السلطة من قيادة التنظيم المتراجعة في باكستان إلى أفرعها ذاتية القيادة على نحو متزايد، لاسيما الفرع الموجود في اليمن.


اسلام آباد: من المؤكد أن يواصل فرع اليمن لتنظيم القاعدة الذي من المرجح أن ترتكز سلطة التنظيم فيه بعد مقتل ابو يحيى الليبي في باكستان، تركيزه على استهداف المصالح الأميركية، وذلك على حسب ما أكده مسؤولون أميركيون عاملون في مجال مكافحة الإرهاب.

ورغم استمرار تمتع أيمن الظواهري، الزعيم الاسمي للقاعدة، بعد رحيل بن لادن، بالجزء الأكبر من النفوذ، إلا أن البنية الهرمية للجهاد العالمي ربما تتعرض لمقدار ضئيل من الارتخاء.

ولفتت في هذا السياق اليوم صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية إلى أن مقتل الليبي، في غارة تم شنها بطائرة آلية، تسبب بتمزيق النسيج الضام بين قيادة التنظيم المحاصرة في باكستان وبين أفرعها المنتشرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا.

ومضت الصحيفة تنقل عن محللين قولهم إن مقتل الليبي ربما يبشر كذلك بزيادة حدة العنف، في الوقت الذي يتنافس فيه المقاتلون الصغار الأكثر تهوراً للاستيلاء على عباءة الزعامة العالمية. وعلى رأس هؤلاء قادة من فرع التنظيم في اليمن، الذي كان يعرف في السابق بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية، والذي حاول ثلاث مرات في الأعوام الثلاثة الماضية تفجير طائرات تجارية متجهة للولايات المتحدة، لكن دون جدوى.

باكستانيون ينددون بالهجوم الذي أسفر عن مقتل الليبي

وفي هذا الصدد، قال ويل مكانتس، مسؤول مكافحة الإرهاب السابق في وزارة الخارجية، والذي يعمل الآن لدى مركز التحاليل البحرية خارج واشنطن :quot; لن يؤثر مقتل الليبي في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيةquot;.

وأعقبت الصحيفة حديثها في تلك الجزئية بلفتها إلى الخبرات التي تحصّل عليها قادة تنظيم القاعدة في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، في ظل وجود بن لادن وأبرز أفراد التنظيم.

ثم قال مسؤول أميركي يتتبع تقارير مكافحة الإرهاب السرية:quot; والآن، مع خروج أبرز شخصيات التنظيم من الصورة، سيكون من الصعب على لبّ تنظيم القاعدة الحفاظ على دوره باعتباره مثالاً يمكن لأفرعه أن يسيروا على نهجهquot;.

وأوضحت الصحيفة أن بن لادن نفسه، كما ورد في الوثائق التي عثرت في المقر الذي كان يقوم به، كان يشعر بالقلق إزاء صعود قادة ليسوا من أهل الخبرة، ما قد يؤدي إلى تكرار الأخطاء.

وأشار مسؤولون أميركيون متخصصون في مكافحة الإرهاب إلى أن الليبي كان يلعب دوراً حيوياً باعتباره مسؤول الحركة اللاهوتية للتنظيم، وكان يطبق رسالة موحدة، ويتأكد من عدم خروج المقاتلين الشبان بالأفرع عن السياق.

وقد عبّر قادة كبار في القاعدة، على سبيل المثال، عن قلقهم بشأن الهجمات التي أسفرت عن مقتل مدنيين مسلمين.

وقالت جاريت براكمان، مؤلفة كتاب (الجهاد العالمي) والتي تعمل حالياً كمستشارة للحكومة الأميركية بشأن الإرهاب :quot; ساهم الليبي في الحفاظ على سير القاعدة في المسار الصحيح. ولا يمكن أن تمضي الحركة العالمية للقاعدة دون مسؤول حركة قويquot;.

وأضاف مسؤولون أنه ورغم الحصار الذي يواجهه أفراد التنظيم في باكستان، إلا أن أفرع القاعدة في اليمن وشمال أفريقيا وكذلك العراق لا تواجه صعوبات تذكر في ما يتعلق بمواصلة موجة أعمال العنف، وهو الاتجاه المحتمل أن يتواصل بعد وفاة الليبي.

ومضت الصحيفة تشير إلى ظهور بعض الأدلة التي تؤكد أن أفرع القاعدة المتعددة والمنتشرة في أفريقيا ربما تعمل مع بعضها البعض على نحو متزايد.

وقالت إن أحدث أعضاء التنظيم هي تلك الجماعة التي يطلق عليها بوكو حرام ( بشمال نيجيريا ) والتي يبدو أنها تستعين بتكتيكات كاستخدام قنابل بدائية الصنع من فروع تنظيم القاعدة الأخرى.

لكن مشاعر قلق المسؤولين الأميركيين تركزت بشكل كبير على فرع التنظيم في اليمن الذي يقوده ناصر الوحيشي. وهنا، عاود مكانتس ليقول quot;سوف يتحول أنصار القاعدة بشكل تلقائي لفرع القاعدة الذي يحقق نجاحاً. وهو ما يحدث بالفعل، في بعض النواحي، على مدار السنوات القليلة الماضية، بفضل النجاحات التي يحققها التنظيم في شبه الجزيرة العربية على الأرض وكذلك قدراتها الدعائية الفائقةquot;. وختاماً، عبّر محللون عن تخوفهم من أن يسفر تحول السلطة عن وقوع مزيد من الهجمات.