مع اعلان حملة مرسي فوز الأخير في الانتخابات الرئاسية يطرح العديد من المراقبين والمتابعين تساؤلات عميقة يتعلق جزء منها في مدى نجاح الثورة أو اخفاقها في تحقيق مبتغاها.
الاحتفالات بالرئيس المصري الجديد كانت صاخبة إنما قليلة نسبياً، ربما بسبب ازدحام السير والحر الخانق. ارتفعت الأعلام في ميدان التحرير وأطلق عدد من الشبان الالعاب النارية التي لم تظهر أضواؤها في شمس الظهيرة، لكنها عبرت عن فرحتهم بالرئيس الجديد.
تجمهر المئات من المصريين يوم الاثنين، احتفالاً بفوز محمد مرسي، وهو مرشح الإخوان المسلمين الذي فاز على منافسه أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء من عهد المخلوع حسني مبارك.
وعلى الرغم من انتهاء الانتخابات وإعلان النتائج، نزل المصريون ليحتفلوا في الشوارع، مخفين شكوكاً تساورهم حول فوز مرشحهم.
في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; عن أحمد عادل قوله: quot;لم أستطع النوم في الليلة الماضية. أنا سعيد لأننا تخلصنا من الفلولquot;، مشيراً إلى المرشح المهزوم، أحمد شفيق.
يوم الاثنين، اضطر عادل للتصويت لمرسي، الذي لم يكن خياره الأول، ولا حتى الثاني quot;لأن لا أحد يعرفهquot;، كما يقول.
في محاولة منهم للتخلص من فترة انتقالية لم يكن من المرجح أن تنتهي، اتجه المصريون في الأيام الأخيرة إلى صناديق التصويت في محاولة لاختيار مرشحهم، الأمر الذي كان بمثابة اختبار صعب بالنسبة لهم.
كان الإمتحان صعباً على الناخبين الذين واجهوا استقطاب المرشحين في الانتخابات، وإصدار حكام البلاد العسكريين مرسوماً جديداً، يقضي بحل البرلمان وتجريد الرئاسة الكثير من قوتها.
يوم الاثنين، احتار المصريون في اختيار زعيمهم المنتخب حديثاً، فالمرشح مرسي، الذي كان حتى وقت قريب بمثابة السبب في ضياع وتقسيم المصريين، صار الآن أملهم الوحيد.
quot;الناس الذين صوتوا لصالح مرسي اختاروه بسبب المؤسسة التي يمثلها، وليس لشخصهquot;، تقول نرمين جوهر، وهي ربة منزل (39 عاماً)، وواحدة من كثير من الناس - النقاد والمؤيدين - الذين شعروا أن جماعة الإخوان المسلمين ومرشحهم بمثابة برنامج واحد لا ينفصل.
واعتبرت الصحيفة أنه ما كان من المفترض أن يترشح مرسي للرئاسة، فبعد ثورة 2011، أعلنت جماعة الاخوان المسلمين أنها لن تتقدم بمرشح في السباق، في الوقت الذي قال فيه قادة الحزب إنهم يخشون أن يعتقد الشعب المصري بأنهم يحاولون انتزاع السلطة.
بعد أن غيرت الجماعة موقفها ndash; وزعمت بأنها لم تكن قادرة على العثور على مرشح مستقل ndash; أصبح مرسي (60 عاماً) بمثابة من يحمل راية، لكن ذلك حدث بعد اختيار جماعة الإخوان المسلمين مرشحهم الأول، خيرت الشاطر، الذي اعتبر غير مؤهل.
خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في شهر أيار/مايو، ميز مرسي نفسه في حقل مزدحم من المرشحين لافتقاره الى الكاريزما وتبني استقطاب وجهات نظر المحافظين. وبالكاد ظهر في إعلانات حملته الانتخابية الخاصة.
وأدى ترشحه بعد إعلان عدم شرعية الشاطر إلى اعتقاد المصريين بأنه مجرد بديل لزعيم الإخوان غير المؤهل، ووصفه البعض بأنه quot;إطار احتياطيquot;.
ونقلت الـ quot;نيويورك تايمزquot; عن محمد فرغلي، قوله إن مرسي الذي تلقى علومه في الولايات المتحدة كان يبدو بعيداً عن صورة الزعيم الاسلامي، واضاف: quot;بصفته طالب دراسات عليا في جامعة كاليفورنيا وشخصية اجتماعية ناجحة واستاذاً جامعياً، لم أتخيل يوماً أن ينخرط مع الإخوان المسلمينquot;.
أصبح مرسي واحداً من قادة الجماعة البارزين بوصفه رئيس الكتلة البرلمانية للاخوان وفي المجلس التوجيهي. وبنى المرشح سمعة باعتباره المنفذ المحافظ، الذي يريد القضاء على المعارضة السياسية داخل الجماعة.
في أيار/ مايو، وبعد فوزه في الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية، وجد مرسي نفسه في مواجهة شفيق، وزير سابق للطيران المدني. وعندما حاول شفيق تضخيم التهديد الذي يمثله الاخوان، دخل مرسي دائرة الضوء، إذ أصدرت جماعة الاخوان المسلمين تصريحات تقول فيها إنها لا تعترض على أن يكون نائب الرئيس امرأة أو شخصية مسيحية، على الرغم من أن مرسي أشار إلى أنه لن يدعم المرأة أو الأقباط في منصب الرئيس.
واعتبرت الصحيفة أن فوز مرسي يدشن تجربة مصر للمرة الأولى في الحكم الإسلامي. فعلى مدى عقود، قدمت الحكومة تحذيرات حول الإسلاميين، وحظّرت جماعة الإخوان وسجنت أفرادها.
وتقول جواهر إنها واثقة من أن التحذيرات كانت مبالغاً فيها، مشيرة إلى أنه quot;ليس هناك خوف من أن يحولوا مصر إلى إيران. نحن بحاجة الى اعطاء مرسي فرصةquot;.
لكن لا يشاطرها الجميع هذا الرأي، فيقول يوسف تميم (36 عاماً): quot;مبارك لم يكن يمزح عندما قال: إما أنا أو اللحىquot;، مضيفاً quot;ما الذي نعرفه حتى عن مرسي هذا؟ يعلم الجميع أنه لن يأخذ القرارات شخصياً. حتى جماعته لم تكن تعتقد انه الرجل المناسب لهذه المهمةquot;.
من جهته، يتحدث هاني عصام (42 عاماً) وهو سائق أجرة، فيشير إلى مستقبل مصر بسوداوية: quot;ذهبنا إلى ميدان التحرير من أجل الحرية، والآن سنصبح دولة أكثر قمعية من قبلquot;، ويختم بحزن: quot;كم كانت فاشلة هذه الثورةquot;.
التعليقات