الادمان على المخدرات في تزايد في الجزائر

تشهد الجزائر خلال السنوات الأخيرة انتشارًا كبيرًا لظاهرة الاتجار بالمخدرات، وهو الوضع الذي ذهب بالعديد من النشطاء والمسؤولين إلى دق ناقوس الخطر، من أجل التصدي لـquot;مافيا المخدراتquot; التي أصبحت تستعمل وسائل وطرقاً جديدة لتهريب السموم من المغرب مرورًا بالجزائر التي تحولت إلى معبر وصولاً إلى دول أوروبية ودول الشرق الأوسط.


الجزائر:تشير إحصائيات قيادة الدرك في الجزائر إلى أن عمليات تهريب المخدرات عبر الشريط الحدودي الغربي، تضاعفت بأكثر من سبع مرات خلال الأربعة أشهر الأخيرة، مقارنة بالفترة نفسهامن السنة الماضية، رغم quot;الضربات الموجعةquot; التي تتلقاها عصابات التهريب، حيث تمكنت وحدات حرس الحدود مؤخرًا من إفشال عملية تهريب 87 قنطارًا من القنب الهندي على بعد أمتار قليلة من الشريط الحدودي في مدينة مغنية .

وتبين الأرقام ونوعية عمليات التهريبأن الظاهرة تشهد تحولاً في نواحٍ عدة، بحيث تحولت كميات الحجز من كيلوغرامات إلى كميات تقدر بالقناطير، بعد قيام عصابات التهريب بتبني خططواستراتيجيات مختلفة ومتغيّرة من وقت الى آخر، من خلال لجوئهم إلى طرق ومسالك مغايرة، ولجوئهم أخيرًا إلى محاولة إدخال كمية من المخدرات عن طريق البحر، وتم التصدي للعملية حيث حجز حوالي 62 كلغ من القنب الهندي، لفظتها أمواج البحر في شواطئ ولايتي تلمسان وعين تموشنت غرب الجزائر، ويضطر أحيانا المهربون إلى استعمال الدواب والحمير في ظل الطوق والحصار المضروب على هذه الشبكات من طرف وحدات حرس الحدود .

وفي حديثها لـquot;إيلافquot; رصدت الدكتورة مزوز بركو تطور الظاهرة، وكان quot;الإنذار الأول سجل سنة 1975 مع حجز 3 أطنان من القنب، وتوقيف المتورطين وكان أغلبهم أجانب، وجاء الإنذار الثاني سنة 1989 اثر حجز أكثر من طنين من القنب، ومنذ هذا التاريخ، أصبحت الأرقام تتضاعف سنة بعد سنة، خاصة بعدسنة 1992 التي شكلت تحولاً جذريًا في طبيعة الميل العام المتعلق بالاتجار بالمخدرات بفعل حجز ما يقارب سبعة أطنان من القنب الهندي، وقد تأكدت هذه الميول في السنوات اللاحقة بحجز كميات من الهيروين والكوكايين، ولم يكن تجّارها من الأجانب بلكانوا مواطنينquot; .

ارتفاع حجم المحجوزات يشير إلى حجم الخطر الذي يهدد شرائح المجتمع الجزائري، وقد بينت الإحصائيات أنه تم في العشر سنوات الأخيرة معالجة 20 ألف مدمن على المخدرات، وأنه تم خلال الأربع سنوات الأخيرة عرض 25 ألف شخص متورط في الاتجار واستهلاك المخدرات على المحاكم من اجل المتابعة القضائية.
وفي السياق نفسه، يشير عبد المالك السايح المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها إلى وجود quot;أكثر من 300 ألف شخص مستهلك للمخدرات في الجزائر منهم 85 في المئة محكوم عليهم قضائيًا، 95 في المئة منهم ذكور والباقي إناثquot; .

وأشار إلى أن quot;عصابات المخدرات في المغرب تقايض القنب الهندي المغربي، بمادة الكوكايين الخطيرة جدًا والقادمة من أميركا الجنوبية، وهو ما يسهل دخولها إلى الجزائرquot;، مضيفًا أن quot;أفريقيا أصبحت معبرًا للمخدرات إلى أوروبا، والجزائر مرشحة لكارثة بعدما تحولتمن مركز عبور للمادة إلى مستهلك لها، خاصة بعد تشديد الدول الأوروبية الرقابة على الحدود البحرية لمحاربة الهجرة السرية، وبالتالي بقاء الكمية التي كانت تخرج إلى أوروبا في الجزائرquot;، كما أشار محدثنا بالمناسبة إلى quot;وجود مخابر سرية في أفريقيا تديرها بارونات المخدرات في العالم، تستعمل لإنتاج المخدرات الصناعية، وشدد على أن الخطر المحدق بالجزائر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يكمن في أن المغرب جار للجزائر، و يعد من أكبر المنتجين للقنب الهندي في العالم بنسبة 60 في المئةquot; .

وأضاف quot;أن هناك ترابطاً بين الاتجار غير المشروع بالمخدرات وبين أشكال الإجرام المنظم كالإرهاب وغسل الأموال والهجرة غير الشرعيةquot;، وأكد بأن quot;شبكات تهريب المخدرات تربطها علاقة وطيدة مع الشبكات الإرهابية، وقد ثبت أن عائدات الاتجار غير الشرعي في المخدرات تعتبر حاليًا أهم مصدر تمويل للمجموعات الإرهابية، ويظهر ذلك جليًا بالنسبة للمجموعات التي تنشط في الصحراء الجزائريةquot;.

حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وصف في بيان له عبر موقعه الالكتروني انتشار الظاهرة بـquot;المريعquot;، وانتقد فشل السلطة في احتوائها، وقال بأن quot;حجم المحجوزات لا يتعدى ما نسبته 10 في المئةquot;، وأضاف quot;أن هناك تواطؤاً بين المافيا السياسية ومافيا المخدرات على طريقة عصابات أميركا اللاتينيةquot;، وأشار الحزب إلى أن quot;المغرب ليس وحده الذي يغرق الجزائر ببضاعته، لكن تجربة المغرب تتكرر في الجزائر فالحسن الثاني وبهدف احتواء الحركة الاحتجاجية في منطقة الريف، قام بتسليمها لتجار الحشيش، فذابت روح التمرد في أعمدة الدخان وفي الثراء غير الشرعي، وفي زرع شبكة من البلطجية يأتمرون بأوامر المخزن، وسرعان ما انتقلت العدوى إلى مناطق أخرى في المغرب، ولا يزال محمد السادس يجد صعوبات جمة من أجل إيجاد حل لهذه الآفة، سيناريو مماثل في الجزائر، فمنطقة القبائل كانت مصونة لفترة صارت مرتعًا لإنتاج القنب ونوع مشبوه من الحشيشquot;.

وحدات الدرك في مواجهة تجار المخدرات

وعن مصير المخدرات، تقول الدكتورة مزوز quot;إن المخدرات الواردة من الجهة الغربية إلى موانئ وهران والجزائر لتصديرها نحو أوروبا ومن جهة أخرى نحو البلدان الواقعة شرق الجزائر وجنوبها مرورًا بورقلة ومدينة الوادي، التي هي بصدد التحول إلى مفترق طرق هام في مجال تجارة المخدرات في اتجاه ليبيا والشرق الوسط، بالإضافة إلى التهديد الآتي من الحدود الجنوبية انطلاقًا من الوادي حتى تمنراست، والتي أصبحت مصدر خطر أكيد، إذ تتميز بتواجد شبكات عديدة لمهربي المخدرات، بالإضافة إلى أن مصالح الدولة المكلفة بمكافحة المخدرات توصلت إلى أن عمليات الحجز تتم كثيرًا بواسطة الطرود البريدية الآتية من أوروبا، وعن طريق الشحن بالبواخر والطائرات، وهناك كميات أخرت تأتي من البلدان الواقعة جنوب الصحراء الجزائريةquot;.

التقرير السنوي للولايات المتحدة حول تهريب المخدرات في العالم الصادر في آذار (مارس) الماضي، أشار إلى أن الجزائر معنية بإنتاج المخدرات لكن بكميات قليلة، وسجل التقرير من جهة أخرى إلى أن الجزائر تعد بلد عبور ولاسيما للحشيش، في اتجاه أوروبا أكثر منه مكانًا لاستهلاك المخدراتquot; .
وأشارت كتابة الدولة إلى أن الجزء الأكبر من المخدرات، التي تعبر الجزائر quot;يتكون من القنب الهندي القادم من المغرب والحشيش وكمية متزايدة من الكوكايين القادم من دول جنوب أميركاquot;، كما لاحظت أن أغلبية هذه المخدرات تنقل عن طريق البحر نحو أوروبا فيما يمر جزء آخر عن طريق التهريب برًا إلى الشرق الأوسط .