لطالما حاول الدكتور محمد مرسي إرسال رسائل طمأنة إلى العديد من الفئات وجميع الأطراف في داخل وخارج مصر، أثناء حملة الإنتخابية، وحين فاز بمنصب رئاسة الجمهورية، سيطرت مشاعر القلق على هذه الفئات، لاسيما الأقليات وعلى رأسها الأقباط، والعاملين في مجال الفن والإبداع، والمرأة.


القاهرة: استهل الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي حكمه بخطاب شعبوي وحماسي ألقاه على المصريين من ميدان التحرير، وكرر طمأنته للفئات المتخوفة من حكمه، وكان لذلك رد فعل إيجابي لدى تلك الفئات والأطراف، إلا أن الفيصل هو الأفعال، فهل يترجم الدكتور محمد مرسي رئيس مصر وعوده بحرية الفن والإبداع والأقليات على أرض الواقع؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام المقبلة.

لا قلق

و يبدو أن الطمأنات التي أطلقها الدكتور محمد مرسي من ميدان التحرير يوم الجمعة 29 يونيو/ حزيران الماضي، في ما أطلق عليه جمعة quot;تسليم السلطة أو صلاحيات الرئيسquot;، قد أتت ثمارها لدى قطاعات عريضة في الداخل والخارج، ومنهم قراء إيلاف، الذين لا يرون داعيا للقلق على مستقبل الأقليات أو المرأة أو الفن بعد صعوده إلى سدة الحكم.

رسم يوضح النتائج

طرحت إيلاف على القراء السؤال التالي: هل يشكل فوز مرسي تهديدًا لمستقبل الأقليات والمرأة والفن؟ نعم أم لاquot;، وشارك في الإجابة عنه 9554 قارئاً، إنحاز 6118 قارئاً منهم بنسبة 64% إلى الإجابة بquot;لاquot; معربين عن إعتقادهم بأن فوز مرسي ذي الخلفية الإخوانية لا يشكل تهديداً لمستقبل تلك الفئات، فيما رأت الأقلية من القراء المشاركين في الإستفتاء وعددها 3436 قارئاً بنسبة 36% أن صعود مرسي إلى منصب الرئيس يشكل تهديداً واضحاً لمستقبل هذه الفئات.

مخاوف أقباط المهجر

مستقبل الأقليات وعلى رأسها الأقباط يتأرجح بين المجهول والمزدهر، فبينما يرى أقباط المهجر أن أقباط الداخل سيعانون معاناة شديدة في ظل حكم مرسي، يسيطر تفاؤل حذر على أقباط الداخل، وقال الناشط القبطي في الخارج موريس صادق في بيان له تلقت إيلاف نسخة منه، إنه سبق وحذر من خطورة quot;الحكم الإسلاميquot; الذي سيصل بمصر إلى التقسيم، كما حدث في السودان.

وأشار صادق إلى أنه سيقوم بحملة ضد مرسي لكشف كيفية وصوله للرئاسة بالتزوير والتهديد بالعنف، وسيظل يطالب بحق الأقباط بحكم ذاتي في مصر بعد أسلمة الدولة ووصول الإخوان للحكم، وهم جزء من تنظيم دولي يهدف إلى تحويل مصر لأفغانستان جديدة. واتهم صادق إدارة أوباما بالضغط لمساندة الإخوان وتمكينهم من حكم مصر.

برامج واضحة

فيما يأتي شعور أقباط الداخل مغايراً لمشاعر أقباط الخارج، وقال الناشط صوفت جرجس رئيس المركز المصري لحقوق الإنسان لـquot;إيلافquot; إن الأقباط يعيشون دولة مؤسسات، وغير وارد تعرضهم لاضطهاد ممنهج بشكل رسمي، مشيراً إلى أن الدكتور محمد مرسي أرسل طمأنات للأقباط من خلال خطابات للأمة، وهي في مجملها جدية، وتؤشر إلى مستقبل مطمئن.

غير أن جرجس دعا الرئيس الجديد إلى ترجمة الخطابات السياسية إلى أفعال على أرض الواقع، مشدداً على ضرورة أن يعمل مرسي على استكمال أهداف الثورة وإعادتها إلى المسار الصحيح من خلال الحفاظ على الحريات العامة والحقوق وترسيخ دعائم المواطنة وتحقيق المواطنة الكاملة للأقباط والمرأة.

منوهاً بأهمية أن تكون الطمأنة من خلال برامج واضحة، وليس عبر الخطب والكلمات الرنانة ودغدغة المشاعر والعواطف، وباختيار حكومة تكنوقراط قادرة على تحقيق أهداف الثورة.

تي شيرت الوحدة الوطنية

لم تكن وقفة المواطن المصري بولس زكي جرجس أمام قصر الرئاسة، لإهداء الرئيس الجديد تي شيرت الوحدة الوطنية، إلا تعبيراً عن المخاوف التي تحاول طمأنة مرسي إزاحتها من صدور الأقباط، حيث قدم جرجس للرئيس تي شيرت رسم عليه الهلال مع الصليب، ولم يرحل جرجس من أمام القصر إلا بعد إهداء مرسي الquot;تي شيرتquot;، وطالبه بضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية، وإعادة التحقيق في بعض الحوادث التي تعرض لها الأقباط مثل ماسبيرو وكنيسة القديسين، وابو قرقاص.

الرئيس الأميركي باراك أوباما دعا مرسي في معرض تهنئته بالفوز بالرئاسة إلى الحفاظ على حقوق تلك الفئات، وقال: quot;نحن نعتقد أنه من المهم للرئيس المنتخب محمد مرسى اتخاذ خطوات في هذا الوقت التاريخي لتعزيز الوحدة الوطنية بالوصول إلى جميع الأطراف والفئات المستهدفة في المشاورات حول تشكيل حكومة جديدةquot;.

وأضاف اوباما: quot;ونؤمن بأهمية تمسك الحكومة المصرية الجديدة بالقيم العالمية، واحترام حقوق جميع المواطنين المصريين بما في ذلك النساء والأقليات الدينية مثل المسيحيين الأقباطquot;.

حقوق المرأة

لكن رسائل مرسي للمرأة ما زالت تحتاج إلى المزيد من التعهدات أو الأفعال التي تدعمها، لكي يتبدد الشعور بالقلق لديها من صعوده إلى سدة الحكم، وهو الذي جاء من رحم جماعة دينية تنظر للمرأة ببعض الدونية عن الرجل.

وقالت نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصري لحقوق المرأة لـquot;إيلافquot; إن ممارسات الإخوان منذ الوصول للسلطة في مصر بعد الثورة لا تبشر بالخير، حيث لم تمثل بما يليق بمكانتها في المجتمع في الجمعية التأسيسية للدستور، ولم تمثل بشكل جيد في البرلمان، لاسيما بعد تعامل الإخوان وباقي الأحزاب الإسلامية معها بمنطق المضطر إلى ترشيحها تنفيذاً للقانون وليس عن إيمان بدورها في المجتمع.

وأضاف أبو القمصان أن مرسي وعد بعدم الإنتقاص من حقوق، لكنه يتحدث بمنطق منح الحقوق على طريقة الهبة أو المنحة، وليس الحق، مشيرة إلى أنه في برنامجه الإنتخابي وفي لقاءات الإعلامية كان يتحدث عن المرأة المعيلة، أي بمنطق المضطر أيضاً.

ودعت أبو القمصان الرئيس إلى ضرورة إقرار مبادئ وثيقة العهد الأولى لحقوق المرأة المنبثقة من مؤتمر quot;هي والرئيسquot;، والتي تبناها المجلس القومي للمرأة، مشيرة إلى أن الوثيقة تتبنى ترسيخا لمبدأ المواطنة والمساواة لكل نساء مصر، وإقرار حقوق المرأة الشرعية والقانونية في الدستور الجديد، والتأكيد على دور المرأة الحيوي في بناء مجتمعها.

مستقبل الفن

وفي مجال الفن، جاءت رسائل مرسي بردود فعل إيجابية، وقال الفنان يوسف شعبان نقيب الممثلين الأسبق لـquot;إيلافquot; إن الفن المصري لن يتراجع في رئاسة مرسي لمصر، مشيراً إلى أن الإخوان جماعة منفتحة، وتدرك أهمية الفن، كما أن مرسي عاش في أميركا ويدرك أهمية الفن للشعوب أيضاً، ولفت إلى أن من يشعرون بالخطر من وصول مرسي للرئاسة هم أولئك الذين يقدمون فناً هابطاً، لا يشكل قيمة حقيقية، وأشار إلى أنه شخصياً متفائل بشأن مستقبل الفن، ودعا إلى ضرورة التفاؤل وعدم استباق الأحداث، وانتظار وفاء الرئيس بوعوده أو مخالفتها.