في خضم الصراع الدائر في سوريا تسلط الأضواء على أجواء القلق والشغف التي تهيمن طوال الوقت على ربات البيوت السوريات، على خلفية مشاركة أزواجهن وأحبابهن في الانتفاضة السورية المطالبة منذ أكثر من عام برحيل الرئيس بشار الأسد.


تنقل مجلة quot;فورين بوليسيquot; عن لاجئة سورية تعيش في الأردن تدعى عائشة، وتبلغ من العمر 28 عاماً، حيث تتواصل مع زوجها المتواجد مع الجبهة التي تستميت في نضالها ضد بشار الأسد عبر الهاتف المحمول، قائلةً إن تلك هي الوسيلة الوحيدة التي تتيح لها الاتصال بزوجها الذي يعمل باسم حركي هو أبو ليلى.

ونوهت بأنهما يتحدثان كل يوم تقريباً، وأنه قد تركها مع ثلاثة أبناء لينضم إلى جيش سوريا الحر، لتصبح بذلك عائشة واحدة من عدد كبير من quot;زوجات الثوارquot; اللواتي يحاولن الصمود كذلك على الجانب الآخر من الحدود، علماً بأن آخر مرة رأته كانت قبل أسبوعين.

زوجات الثوار السوريين يعشن على أمل عودتهم سالمين

ثم تحدثت المجلة عن حياة القلق التي أضحت تعيشها عائشة، بعدما كانت منطلقة في السابق مع زوجها، خاصة عندما كانت تركب معه دراجته البخارية والنقاب الخاص بها يطير من ورائها، حيث باتت تعيش اليوم في شقة بالإيجار مكونة من ثلاث غرف نوم، وهي مسؤولة عن رعاية بناتها الثلاث ومسح الأرضيات وغسل الملابس يدوياً.

علماً أن إيجار تلك الشقة يتم دفعه بالاستدانة من جمعيات خيرية محلية، وأناس متعاطفين، وجيران أردنيين، كما أن قوت يومهم يعتمد على تلك المساعدات الخاصة.

هذا وقد بدأت تلقي الحياة الجديدة لعائشة بظلالها السلبية عليها، حيث بدأت تفقد وزنها، خاصة بعد انضمام زوجها لجبهة النضال الأمامية، لعدة أسباب من بينها القلق وعدم امتلاكها ما يكفي من المال لشراء الطعام. واعترفت عائشة بأنها لا تدري متى سترى زوجها ثانيةً، مضيفةً:quot; مصيري الآن في يد جيش سوريا الحرquot;.

وعائشة هي أكبر شقيقاتها الخمس ndash; وإحدى ثلاثلذن بالفرار للأردن بسبب أنشطة أزواجهن الثورية ndash; بينما ظلت الاثنتان الأخريان في سوريا وتقومان بإرسال الأموال حينما تتمكنان من ذلك. وعائشة كانت تقيم في مدينة درعا (جنوب سوريا) وأنها وصلت الأردن في أيار/ مايو عام 2011، بعد مرور شهر على هروب زوجها من سوريا. وسبق أن تم اعتقال زوجها لمدة شهرين العام الماضي على خلفية مشاركته في الانتفاضة. ودفع أموالاً لأحد المسؤولين على الحدود السورية لضمان خروج زوجته وبناته بأمان إلى الأردن.

وهي القصة المؤلمة، التي أوضحت المجلة، أن آلافا أخريات من السوريات اللواتي هربن من أعمال العنف يعشن فيها، ورغم فتح الأردن أبوابه أمام السوريين، حيث استضاف 140 ألفا منذ بدء الانتفاضة، وفقاً لأرقام خاصة به، إلا أن ذلك لا يعني أن الحياة سهلة بالنسبة إلى اللاجئين هناك. وأشارت فورين بوليسي كذلك إلى أن المئات قاموا بعبور الحدود خلال الأشهر الأخيرة بطريقة غير شرعية بصورة يومية.

وبعيداً عن الصعاب الحياتية التي يواجهها اللاجئون، مضت عائشة لتشير إلى زاوية أخرى من حياة الاغتراب، وهي المتعلقة بطبيعة علاقتها بزوجها، التي لم تعد متينة كما كانت من قبل من الناحية الرومانسية. وحين يردها منه اتصال، فإنها تبادر بالذهاب إلى مؤخرة الغرفة لكي ترد عليه، ولا يظهر من المكالمة سوى همسات وضحكات، قبل أن تقوم في الأخير بتمرير الهاتف لبناتها للتحدث بشكل موجز مع أبيهم.

ثم انتقلت المجلة لتتحدث عن شقيقة عائشة التي تدعى نادية، 25 عاماً، حيث تقيم بالقرب منها في شقة بالإيجار مع والدي زوجها وأبنائهما وزوجاتهم وأحفادهم، مشيرةً إلى أن 17 شخصاً يعيشون في تلك الشقة المكونة من غرفتي نوم.

وفي حديثها مع المجلة، لم تخف نادية حقيقة الإحباط الذي يهيمن عليها، وقالت لم أتكيف مع الوضع هنا. والسبب الوحيد الذي جاء بنا إلى هنا هو أن زوجي كان قلقاً للغاية بشأننا. لكني أريد العودة، وأريد أن أكون معه، حتى إن وصلت بي الأمور لحد تعرضي للقتلquot;.

وتابعت حديثها، بالقول:quot; أتجنب الوجبات ولا أتناول المشروبات الغازية. فأنا أريد أن أنقص وزني، لأني أريد أن يراني زوجي جميلة لدى عودتهquot;. مع الإشارة إلى أن بعض الزوجات يتفاخرن بالرسائل النصية المثيرة التي يتبادلنها مع أزواجهن، في طريقة من جانبهن لإبقاء مشاعر الحب بينهم حية ومتقدة حتى يجمعهم لقاء جديد.

وشددت الفورين بوليسي على حقيقة صعوبة الحياة للزوجات كذلك، في وقت اعترفت فيه كثيرات بأنهن يجدن صعوبة عند النوم، ويخفن على أزواجهن، ويشعرن بإحباط نتيجة محاولتهن اليائسة للدفاع عن أنفسهن وعن أطفالهن بمفردهن. وخاصة أن معظمهن يعشن على المساعدات الخاصة التي يتلقينها من جمعيات خيرية مسيحية وإسلامية ومتعاطفين أردنيين ومغتربين سوريين أثرياء.