تباينت مواقف الحكومتين العراقية في بغداد والكردستانية في أربيل في تفسير الموقف الأميركي من عقود النفط التي تعقدها حكومة كردستان مع شركات نفط عالمية لاستثمار النفط في الاقليم، والذي أوضحته رسالة بعث بها أوباما الى المالكي، الامر الذي زاد من الخلافات بين الجانبين.
قالت الحكومة العراقية إن رئيس الوزراء نوري المالكي قد تسلم رسالة تحريرية من الرئيس الأميركي باراك أوباما جوابًا على الرسالة التي بعثها اليه المالكي حول نشاط شركة اكسن موبيل الأميركية في إقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها.
وأضاف بيان صحافي لمكتب المالكي: quot;نود التأكيد أن الرسالة الجوابية كانت إيجابية ومقنعة وتؤكد احترامها للدستور والقوانين العراقية وفي الاتجاه ذاته الذي تسعى اليه الحكومة العراقية لذا فإننا نجدد التأكيد بضرورة التزام الشركة بتعهداتها وبتوصيات الحكومة العراقية إضافة الى توصيات الادارة الأميركية لها بهذا الشأن كي تأخذ دورها اللائق في صناعة النفط العراقي. وبخلاف ذلك، فإن الحكومة ستتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بتطبيق القانون ومنع الشركة من تنفيذ تلك العقودquot; مع حكومة كردستان.
لكن حكومة كردستان رأت في رسالة أوباما موقفًا مختلفًا، وقال سيروان أبو بكر وكيل وزارة الموارد الطبيعية في حكومة الاقليم quot;إن رسالة أوباما تؤكد أن الدستور هو من سيقرر بشأن هذا الموضوع، بمعنى أن أوباما يؤيد توجه الاقليم لأن جميع العقود النفطية للاقليم تم ابرامها وفقاً للدستور وأن تلك العقود ليست مخالفة للدستورquot;.
وأوضح في تصريح وزعه مكتب اعلام الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني quot;أن رسالة أوباما الجوابية لنوري المالكي دبلوماسية، أما بشأن بيان مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي فنحن كوزارة ليس لدينا أي تعليقquot;.
وكانت شركة إكسون موبيل وقعت في 18 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عقدًا مع حكومة إقليم كردستان لاستثمار ستة حقول نفطية، بعضها يقع ضمن مناطق متنازع عليها في محافظة نينوى الشمالية، الأمر الذي رفضته بغداد واعتبرته غير قانوني.
وكان المالكي بعث في 19 من الشهر الماضي رسالة الى أوباما يناشده فيها التدخل في موضوع عقود استكشاف النفط التي أبرمتها حكومة إقليم كردستان مع شركة إكسون موبيل النفطية العملاقة.
وأوضح علي الموسوي المستشار الإعلامي للمالكي أن الرسالة تهدف إلى منع الشركة الأميركية من تنفيذ تلك العقود، وأشار إلى أن ثمة مفاوضات تجري بين إكسون موبيل وحكومة كردستان والحكومة المحلية في نينوى لتمرير صفقة جديدة.
وأضاف الموسوي أن رئيس الوزراء يرى أن تلك العقود قد تؤدي إلى اندلاع سلسلة حروب تهدد وحدة العراق، وعزا الأزمة السياسية الراهنة بين حكومة رئيس الوزراء ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إلى الخلاف حول الثروة النفطية.
وقال إن المالكي مستعد للذهاب الى اقصى الدرجات من اجل الحفاظ على الثروة الوطنية والشفافية اللازمة في استثمار ثروة العراقيين خصوصًا النفط وعدم التفريط بها بأي شكل من الاشكال سواء في اسلوب العقد أو في طبيعته. وأشار إلى أنّ المالكي وعندما حصل على معلومات حول العقد، وأن شركة اكسون موبيل تقوم بابرام الاتفاقيات، بعث رسالة الى أوباما يحثه فيها على التدخل لمنع اكسون موبيل من الذهاب بهذا الاتجاه.
وردًا على ذلك، قال رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان فؤاد حسين إن حكومة أربيل ستواصل سياستها النفطية الحالية، وقال إن الأزمة بين بغداد وأربيل تتعدى حدود الخلاف حول الثروة النفطية. اما شركة اكسون فقد رفضت التعليق على رسالة أوباما للمالكي.
يأتي ذلك في الوقت الذي اكدت فيه شركة النفط الأميركية العملاقة شيفرون شراء 80 في المئة من منطقتي امتياز في كردستان في خطوة من المرجح أن تثير غضب الحكومة العراقية المركزية التي تقول إن جميع الاتفاقات النفطية يجب أن تحصل على موافقتها.
نزاع حول صادرات النفط الخام من كردستان
وتخوض بغداد نزاعًا مع اقليم كردستان شبه المستقل بشأن صادرات الخام وطلب المالكي من اوباما مؤخرًابمنع اكسون من التنقيب عن النفط في الاقليم، قائلاً إن هذا قد يهدد الاستقرار. وقال مصدر نفطي مطلع على العمليات النفطية الأميركية في كردستان إن ادارة أوباما تواصل إثناء الشركات عن دخول الإقليم الشمالي الذي تتخذ حكومته من أربيل مقرًا. وأضاف ان quot;واشنطن تقول : هذا وقت سيىء لدخول كردستان نظرًا للمبارزة بين بغداد وأربيلquot;.
وكانت كردستان توقعت الشهر الماضي أن تحذو شركات نفط كبرى أخرى حذو اكسون في الأشهر القليلة القادمة وتبرم اتفاقات هناك حيث قالت شركة توتال الفرنسية بالفعل إنها مهتمة بالاستثمار في المنطقة. واصبحت اكسون اول شركة كبرى تعمل في المنطقة في منتصف تشرين الأول (اكتوبر) الماضي عندما وقعت اتفاقًا مع حكومة الاقليم. في ذاتالوقتالذي تبحث فيه شركة شتات اويل النرويجية أيضا اتفاقات تنقيب مع حكومة الاقليم.
وقال مسؤول تنفيذي غربي كبير في قطاع النفط: quot;الناس ينظرون إلى الشروط التجارية المعروضة في كردستان ويظهرون استحسانهم فالهوامش على عقود الخدمة العراقية هزيلة وأربيل تعرض اتفاقات مشاركة في الإنتاج أكثر ربحيةquot;.
وقالت شيفرون ثاني أكبر شركة نفط أميركية إنها ترى فرصًا واعدة بدرجة كبيرة في كردستان، ولذلك فهي قد اشترت حصة مسيطرة في منطقتي امتياز quot;سارته وروفيquot; من شركة ريليانس اندستريز الهندية بنسبة 80 في المئة لتكون شريكًا جديدًا لشركة quot;او.ام.فيquot; النمساوية التي تملك العشرين في المئة المتبقية.
وعلى الرغم من أن شيفرون اختارت ألا تشارك في الجولات العراقية الأربع لتراخيص النفط والغاز إلا أنها قالت إنها ستراقب الفرص في شمال وجنوب البلاد. وكانت أول شركة نفطية كبيرة تقدم للعراق مساعدة فنية وتدريبًا بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة.
وأشار مصدر في قطاع النفط إلى أنّه في الوقت نفسه الذي ستعاقب فيه الحكومة المركزية بغداد الشركات التي تتعامل بشكل مباشر مع كردستان فإنها قد تكافئ أيضا الشركات الأخرى التي تطور حقول النفط الجنوبية العملاقة من خلال تحسين الشروط التجارية.
التعليقات